أثارت زيارة قائد القوات الأميركية لأفريقيا “افريكوم”، الجنرال ديفيد رودريغيز إلى تونس التي وصلها أمس الثلاثاء، تكهنات متباينة حول حقيقة أهدافها، وترافقت مع موجة من المخاوف والتساؤلات حول توقيتها الذي تزامن مع تدهور الأوضاع في ليبيا.

وقد اختلفت الآراء في توصيف هذه الزيارة، حيث ذهب البعض إلى وصفها بالروتينية والعادية، فيما ربطها البعض الآخر بتردي الأوضاع الأمنية في ليبيا، وتأثيرات ذلك على مجمل المنطقة.

وبحسب الخبير الاستراتيجي في الشؤون الأمنية مازن الشريف، فإن هذه الزيارة تحمل في طياتها أكثر من معنى ودلالة سياسية وأمنية بالنظر إلى توقيتها الذي تزامن مع انتهاء أعمال الاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول الجوار الليبي، ومع تردي الوضع الأمني في ليبيا الذي بات يُشكل خطرا مُتزايدا على مجمل المنطقة.

وقال لـ”العرب” رغم أن هذه الزيارة “تبقى حمالة أوجه عديدة وتُثير قراءات مختلفة، فإنها مع ذلك تؤشر إلى أن أمرا ما بات يُطبخ للمنطقة سيكون لتونس دور فيه بشكل مباشر أو غير مباشر”، على حد تعبيره.

وأوضح أن هناك “مؤشرات برزت خلال الأسابيع الماضية تُفيد بأن الولايات المتحدة بدأت في مراجعة مواقفها تُجاه التنظيمات الإرهابية الممتدة على طول مساحة المنطقة العربية، من العراق إلى ليبيا مرورا بسوريا”.

وتوقع في هذا السياق أن تكون الولايات المتحدة “تُفكر جديا في توجيه ضربات ولو مُحتشمة لبعض الميليشيات التي لا تخفي علاقاتها بتنظيم القاعدة، خاصة وأن الكثير من الخبراء والمسؤولين السياسيين ارتفع صوتهم في واشنطن لانتقاد “الدور السلبي الأميركي في ليبيا”.

وكان الجنرال ديفيد رودريغيز قد وصل أمس إلى تونس قادما من المغرب في زيارة لم يُعلن عنها من قبل، حيث اجتمع مع رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة وبحث معه العلاقات الثنائية، وسبل تعزيز العمل المشترك للتصدي لظاهرة الإرهاب التي تهدد الاستقرار والأمن.

وأعلن في أعقاب هذا الاجتماع أن بلاده قدمت مساعدات للجيش التونسي بلغت منذ 14 يناير 2011 نحو 100 مليون دولار كما أنها خصصت مُساعدات إضافية بقيمة 60 مليون دولار ستُمنح لتونس خلال العام المُقبل على شكل آلات كاشفة للألغام والمتفجرات وزوارق جديدة للبحرية التونسية للمساعدة على تمشيط الشريط الساحلي ومكافحة الإرهاب.

غير أن هذه التصريحات لم تحجب الجدل الذي أثارته زيارته لتونس في هذا التوقيت بالذات، لاسيما وأن غالبية القوى السياسية التونسية وفي المنطقة عموما تنظر بكثير من الريبة إلى القوات الأميركية لأفريقيا “افريكوم” ، التي ساهم تمركزها في أفريقيا، بشكل كبير في بسط الهيمنة الأميركية العسكرية على أفريقيا جنوب الصحراء.

ومع ذلك، قلل العميد المتقاعد من الجيش التونسي مختار بن نصر، من المخاوف المذكورة، وذهب إلى حد وصف زيارة الجنرال ديفيد رودريغيز إلى تونس بأنها “روتينية وعادية” ، و تندرج في إطار الزيارات المُتعارف عليها للاطلاع على الأوضاع والتشاور ، لمزيد إحكام التنسيق والتعاون.

وقال لـ”العرب”، إن هذه الزيارة تأتي أيضا في “سياق الدعم الذي سبق أن وعدت الولايات المتحدة بتقديمه لتونس لتعزيز قدراتها الدفاعية، وجهودها في مجال مكافحة الإرهاب، ذلك أن قيادة “أفريكوم” معنية مباشرة بهذا الدعم”، على حد تعبيره.

 

*نقلا عن العرب اللندنية