منذ إسقاط النظام الليبي سنة 2011 لم تكن أنقرة بعيدة عن التأثير في المشهد الليبي من خلال رهانها على الإسلاميين إلا أن هذا التدخل إمتد بشكل أكثر عمق في الآونة الأخيرة في محاولة للعبث بأمن البلاد من خلال دعم الميليشيات الإرهابية بالسلاح.

بصريح العبارة،أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن دخول بلاده بشكل رسمي ساحة الحرب الدائرة في ليبيا بعد بدء عملية عسكرية موسعة تقوم بها قوات الجيش الليبي للسيطرة على العاصمة طرابلس.

حيث قال الرئيس التركي رجب أردوغان أواخر الشهر الماضي إن تركيا "ستسخر كل إمكانياتها لمنع هذه المؤامرة على الشعب الليبي"، مقدرا دور حكومة الوفاق في "مواجهة هذا العدوان.

وأكد اردوغان في اتصال هاتفي مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج - حسبما نقل المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي على فيسبوك- أن بلاده "تندد وتستنكر الاعتداء الذي يشن على العاصمة طرابلس، وتستنكر المؤامرة التي تحاك على ليبيا واستقرارها".

وأوضح الرئيس التركي، أن بلاده "ستقف بكل حزم إلى جانب الليبيين وستدعم الحكومة الشرعية المتمثلة في حكومة الوفاق الوطني".

وشدّد أردوغان أنه "لا وجود لحل عسكري للأزمة الليبية، وأن المسار السياسي هو المسار الوحيد لبناء الدولة المدنية التي يتطلع إليها كل الليبيين".

من جانبه أكد رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، أن "قوات الجيش الليبي تدافع بكل قوة عن العاصمة وعن خيار الشعب الليبي في الدولة المدنية، وستواصل القتال وإلى أن تنسحب القوات المعتدية وتعود من حيث أتت".

وأثنى السراج على دور تركيا الداعم للحكومة الشرعية، مؤكدا "توثيق العلاقات الثنائية وتطوير التعاون وتفعيل الاتفاقيات المشتركة بين البلدين".

من جانبها،ندّدت سلطات شرق ليبيا، بالتدخل التركي في شؤونها الداخلية، وبالدور الذي تلعبه أنقرة في دعم الجماعات الإرهابية والمتطرفة والمطلوبة دوليا، لقتال قوات الجيش الليبي، والاستمرار بالعبث بأمن البلاد.

يرى مراقبون أن ساحة الصراع في ليبيا ما هي إلا امتداد لصراعات كبرى بين قوى إقليمية ودولية، نقلت خلافاتها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية إلى أرض جديدة بعد أن كانت الأراضي السورية هي مسرح تلك الصراعات.

في شهر شباط/ فبراير من هذا العام أعلنت سلطات الجمارك الليبية مصادرة شحنة أسلحة في ميناء الخمس البحري قالت إن مصدرها تركيا، كان قوامها مدرعات قتالية وسيارات دفع رباعي وذلك بعد أسابيع من إحباط دخول شحنة أسلحة تركية تحتوي على 20 ألف مسدس إلى ليبيا عبر ميناء مصراته، وفق ما أوردت مصادر إعلامية.

في نفس الإطار فإن دعم تركيا للإرهاب خلال أكثر من سبع سنوات تسبب في أنهار من الدماء داخل ليبيا، وفقد الشعب 10 آلاف من المدنيين العزل، إضافة إلى عشرات الآلاف من المصابين، وتهجير سكان مناطق كاملة، وتدمير البنية التحتية، وتخريب مؤسسات الدولة.

في عام 2014 عمدت تركيا إلى تنظيم الميليشيات في كيان واحد تحت مسمى تنظيم مجلس شورى ثوار بنغازي الذي ينظم العمل فيه داعش والقاعدة، ويضم تنظيمات "أنصار الشريعة"، ولواء ثوار 17 فبراير، ولواء "راف الله الساحتي"، و"فجر ليبيا"، و"درع ليبيا".

فعلاقة النظام التركي بمجلس شورى "ثوار بنغازي"، لا يمكن إخفاؤها، محمد الزهاوي زعيم تنظيم "أنصار الشريعة"، عندما أصيب نُقل إلى تركيا مباشرة وتوفي هناك، قبل أن يتم إرسال جثمانه ومثله كثيرون ممن نقلوا إلى مشافي تركيا لعلاجهم.

في نفس الإطار،أكد معهد "جيتستون" الأمريكي للدراسات الاستراتيجية  أن كل الوقائع والأدلة تثبت تورط تركيا في فوضى ليبيا، مؤكداً أن إردوغان يسعى من وراء ذلك لتحويل ليبيا إلى أفغانستان جديدة بدعمه للإرهابيين.