يواجه الليبيون خطر انتشار مرض اللشمانيا، في ظل ارتفاع عدد المصابين به الى أكثر من ستة آلاف حالة، بينما يشير المراقبون الى أن العدد الحقيقي قد يكون أكثر بكثير في غياب الإحصائيات الشاملة نتيجة الحرب والأزمات الاجتماعية وعدم اهتمام أعداد من المرضى بعرض أنفسهم على الجهات الطبية المتخصصة.
ووفق مصادر من إدارة الأمراض المشتركة بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض فإن عدد الحالات المسجلة المستهدفة بالعلاج يتجاوز ستة آلاف حالة على الأقل، وأن أغلب الإصابات سجلت في المناطق الواقعة بين مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) ومدينة تاورغاء الواقعة 40 كلم جنوب شرقي مصراتة.
وقال رئيس المجلس المحلي تاورغاء عبدالرحمن الشكشاك إن عدد المصابين بمرض اللشمانيا الجلدية في المدينة بلغ أكثر من 900 مصاب منذ مطلع العام الحالي 2019
وأضاف أن هذه الحالات منها من شفي تماما ومنها لايزال يتلقى العلاج، مشيراً إلى أنهم قدموا مقترحا للمجلس الرئاسي بشأن نقل مخلفات البناء والركام لأنها تسبب في تزايد عدد الإصابات باللشمانيا.
وأوضح الشكشاك أنهم سجلوا عودة أكثر من 500 عائلة وتوافد 500 طالب إلى المدارس بعد بدء العام الدراسي فعليا، لافتاً إلى أن هناك أعمال صيانة لبعض المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية والمجلس المحلي، واصفا الوضع الأمني في المدينة بـ”الممتاز”.
ووفق مدير المركز الوطني للوقاية من الأمراض، بدر النجار، فإن أن نوع اللشمانيا المنتشر حاليا في المنطقة الشرقية وصولا إلى الحدود التونسية وبعض مناطق الجنوب هو اللشمانيا الجلدية، وهو مرض متوطن في ليبيا، لكن رقعة انتشاره اتسعت بسبب توقف أنشطة مكافحة المرض والقوارض البرية الخازنة للمرض، وعدم توفر الحقن العلاجية.
وسبق للمنظمة الصحة العالمية أن حذرت من تفشي مرض اللشمانيا في ليبيا «في ظل تردّي مستوى الخدمات الصحية، وشح الأدوية الذي تشهده البلاد»، ونظمت تدريبا مكثفا في تونس لسبعة أطباء ليبيين على كيفية علاج مرض اللشمانيا في مدينة تاورغاء.
وقالت المنظمة إن «داء اللشمانيات الجلدي مشكلة صحية عامة رئيسية في ليبيا، وفي الآونة الأخيرة تم الإبلاغ عن تفشي المرض بين الأشخاص النازحين داخليا من تاورغاء عندما عادوا إلى مدينتهم»، مشيرة إلى أن «المرض كان شديداً، مع تزايد انتقال الطفيليات، مما تطلب تدريبا خاصا لعلاج المرضى بشكل صحيح لمنع التشوه».
وأعلن عضو المجلس البلدي تاورغاء عبد النبي بوعرابة تسجيل نحو 90 حالة إصابة بمرض اللشمانيا خلال العام الجاري، فضلا عن تسجيل أكثر من 410 إصابات في 2018، وأضاف إنهم بحاجة لمكافحة المرض إثر التكاثر الذي حصل لذبابة اللشمانيا بعد مغادرة أهالي تاورغاء للمدينة، مضيفا أن كمية الدواء الموجودة في مستشفى المدينة لا تكفي لأكثر من الشهر الجاري، وفق قوله.
وتعتبر اللشمانيا مرضا طفيلي المنشأ ينتقل عن طريق قرصة ذبابة الرمل. وهي حشرة صغيرة جدا لا يتجاوز حجمها ثلث حجم البعوضة العادية لونها أصفر وتنتقل قفزاًويزداد نشاطها ليلا ولا تصدر صوتا لذا قد تلسع الشخص دون أن يشعر بها. وتنقل ذبابة الرمل طفيلي اللشمانيا عن طريق مصه من دم المصاب (إنسان أو حيوان كالكلاب والقوارض) ثم تنقله إلى دم الشخص التالي فينتقل له المرض ويزداد انتشارها في المناطق الزراعية والريفية. وتظهر اللشمانيا الجلدية بعد عدة أسابيع من لسعة ذبابة الرمل على شكل حبوب حمراء صغيرة أو كبيرة ثم تظهر عليها تقرحات ويلتصق على سطحها إفرازات متيبسة ولا تلتئم هذه القروح بسرعة، تكبر القرحة بالتدريج وخاصة في حالة ضعف جهاز المناعة عند الإنسان وتظهر عادة هذه الآفات في المناطق المكشوفة من الجسم. تتراوح مدة الشفاء من ستة أشهر لعام
ويمكن أن يكون داء اللشمانيا في شكل تقرحات بالأحشاء وهو مميت إذا لم يعالج أو في شكل جلدي يمكن ان يخلف جروحا لا تندمل أو حتى حالات إعاقة شديدة
ولا يوجد له حاليا أي لقاح لهذا المرض الذي ينتشر في حالات تحرك السكان القسري أو سوء التغذية أو السكن في أماكن غير صحية.