بعد الفاتح من سبتمبر عام 1969 قام الزعيم القذافي ببدء تكوين جيش ليبي قوي فقام بشراء مقاتلات ميراج 5 الفرنسية وكانت وقتها أكبر اتفاقيه بين ليبيا وفرنسا على تزويد ليبيا بأكثر من 50 طائرة مقاتلة قاذفة من نوع ميراج 5 الفرنسية الشهيرة والمعروفة بقوتها وتقدمها وحسن مناورتها الجوية. 

وكان هذا باتفاق من القائد معمر القذافي والزعيم جمال عبد الناصر الذي كان يعتبره كأخيه وتكفل القائد القذافي بإتمام هذه الصفقة الخطرة والتي كانت تتضمن المساعدة العسكرية الليبية للمصر في حربها المقبلة ضد اسرائيل.

فاتفق الطرفان أن يستخدم المصريون الجنسية الليبية للمساعدة في اتمام الصفقة فتمت وقد طار تشكيل من خمسة طائرات فرنسية صُبِغتَ بالعلاماتِ الليبيةِ للعرض في الذكرى الأولى للجمهوريةِ العربيةِ الليبية. فوق طرابلس ومَع كل طيار مصري في كابينة القيادة الأماميةِ طيار فرنسي في المؤخّرةِ.

بينما القوَّات الأمريكية والبريطانية الأخيرة ما كَانتْ لتَترْك ليبيا قبل مارس 1970، في نوفمبر 1969 القذافي يبَدأَ المفاوضاتَ مَع فرنسا لشراء كميات كبيره من الأسلحة الفرنسية المتقدمة حيث كان يحلم بتكوين جيش ليبي قوي مزود بأسلحة متقدمة وخاصة في مجال القوات الجوية.

وكان أكبر اتفاقية بين ليبيا وفرنسا هي الاتفاق على تزويد ليبيا بأكثر من 50 طائره مقاتله قاذفه من نوع ميراج 5 الفرنسية الشهيرة والمعروفة بقوتها وتقدمها وحسن مناورتها الجوية وهي بالطبع موجودة في سلاح الجوي الإسرائيلي، وقام بالصفقة وقتها طيار مصري أرسله الزعيم جمال عبد الناصر مع مجموعة طيارين مصريين آخرين لمساعد ليبيا في التعاقد والتوقيع على الصفقة نظرا لعدم وجود كوادر ليبية وقتها للتعامل مع مثل هذه الأمور.

 ليبيا كَانتْ -بعد لبنان -ثاني بلد عربي تطَلَب طائراتِ الميراج الفرنسية في هذا الوقت، لكن بالتأكيد الزبونَ العربي الوحيدَ الأكبر في هذا الوقت: العقد وقّعَ في يناير 1970 مُتضمّنِ الاتي (أعداد الطائرات بالتقريب وليست دقيقة):

- 32 ميراج 5 موديل اعتراضيه مزوّده بالرادار.      

- 15 ميراج 5 موديل اعتراضيه ثنائيه المقعد للتدريب المتقدم.              

-  4 ميراجِ 5 موديل استطلاع وتصوير جوي.                          

- 50 ميراج 5 موديل قاذفات مقاتلة للضرب على أهداف أرضيه.            

تَضمّنَ الطلبُ الليبيُ أيضا أجهزة محاكيه وكميةَ هائلةَ مِنْ قطعِ الغيار وأجهزة ومعدات خدمة أرضية مُخْتَلِفة، وذخائر وصواريخ وقنابل للطائرات الجديدة.

تسلمت ليبيا بناء على الصفقة طائرات ميراج 5 من موديل الميراج المقاتلة القاذفة وتم طلب فيما بعد سرب أخر إضافي من المقاتلات الميراج 5 الاعتراضية، ولقد كانت الميراج 5 الليبي مجهزة برادار حديث ومتقدم للسيطرة على ضرب النار (مكانه بارز ومميز تحت كابينة القيادة للطيار)، وخزّانات وقود إضافية تحت الأجنحة لإطالة عمل الطائرة وبقائها في الجو فترات أطول وزيادة مدى الطيران والوصول لضرب أهداف بعيده. ماعدا اثنان من الطائرات و تم تزويد المقاتلات بمدفعين 30 مليمتر مداهما 1200 متر للدفاع عن نفسها، و كان تسليح المقاتلات بصواريخ فرنسيه جو- جو مضادة للطائرات من نوع ماترا (Matra R 530) و 8 قنابل زنة 250 كجم أو 2 قنابل 400 كجم أو 32 صاروخ للهجوم الأرضي.

السبب الرئيسي لظهورِ الطيارين المصريينِ في طائراتِ الميراج الليبيةِ كَانتْ الحقيقة بأنّ في ذلك الوقت هؤلاء الطيارين أُمِروا بذلك حيث ذهب بعض الطيارين المصريين من القوات الجوية المصرية (10 طيارين -6 طيارين ثم 4 طيارين فيما بعد) من أطقم القاذفات المصرية الميج 17 والسوخوي 7 لفرنسا بأوراق سفر ليبية حتى يتم تدريبهم على الميراج الليبي على أنهم طيارين من ليبيا وليسوا مصريين وباقي طياري مصر تم تدريبهم بعد ذلك في ليبيا.

وفي صيفِ 1973 أصبح معلوم للجميع أن طائرات الميراج الليبية موجودة وعامله في القوات الجوية المصرية، وإسرائيل احتجت وطالبت فرنسا أَنْ تَتوقّفَ عن تَصدير المقاتلات إلى ليبيا. الفرنسيون احتجوا أيضاً، رسمياً وتم التَهديد بتَوَقُّف التسليمِ إذا أيّ طائرات ميراج سَتُرسلُ إلى مصر.

لكن كان ذلك متأخّر جداً، على أية حال، ولا الليبيون ولا المصريون كَانوا يهتموا خصوصاً مِنْ التهديداتِ الفرنسيةِ السياسية بينما كان التهديد مستمر كان القذافي يرسل المقاتلات الإضافية إلى مصر.

طبقاً للتقارير المؤكّدةِ وصل الى مصر كدفعة اولى ما يقارب 19 طائرةِ ميراج فرنسية، وهذه تَضمّنتْ كُلّ قاذفات الميراج المقاتلة المزوّدة بالرادار المتقدم بالإضافة لطائرتي استطلاع ميراج أيضا وكلهم بطيارين مصريين، ولا ننسى الملايين من الدولارات التي سخرتها القيادة الليبية من اجل توفير قطع غيار للطائرات الفرنسية.

وخلال الحرب سطرت مواقف مشرفة للتعاون العربي والحقت هذه الطائرة خسائر كبيرة وجسيمة في صفوف العدو الاسرائيلي خلال حرب العاشر من رمضان 6 اكتوبر تشرين التحريرية 1973

الدعم الليبي لمصر في حرب أكتوبر المجيدة

كانت ليبيا بمساحاتها الشاسعة وإمكانيتها المادية والجغرافية الهائلة تعتبر عمق استراتيجي مهم لدولة مصر الشقيقة وهذا ما تطابقت عليه وجهات النظر بين القيادتين في البلدين خصوصا في عهد الثورة بالنسبة لليبيا ومن هذا الأساس كانت ليبيا في مستوى المسئولية التي وضعتها على عاتقها وعاتق شعبها فساهمت بما تستطيع لدعم المجهود الحربي المصري وبفعل الدعم العربي للمجهود الحربي في كل من مصر وسوريا تحقق النصر في حرب العاشر من رمضان المجيدة التي سجلت أول انتصار على قوات العدو الصهيوني وكادت أن تحسم المعركة لصالحها منذ ساعتها الأولى لولا تدخل القوى الامبريالية الأمريكية حليفة العدو الصهيوني.

ونحن إذا نذكر هذا الدعم الذي نعتبره واجبا مقدس على كل عربي ومسلم بهذه الأرض وفى ليبيا بوجه خاص نظرا للعلاقات الأزلية بين الشعبين الشقيقين الذي ارتبط عبر التاريخ بعلاقات تجتاز اللغة والدين وتطورت إلى الدم والقربة والمصاهرة والاندماج الديموغرافي عبر مراحل التاريخ المتوالية خصوصا وان الشعب الليبي لا يمكن أن ينسى المجهود المصري في عهد ثورة يوليو وما قبلها الذي دعم فيه حق الشعب الليبي في الاستقلال وساند ذلك بقوة بمجلس الأمن الدولي وكذلك لا يمكن أن ننسى دور مصر الرائد في حقبة الاستعمار الفاشستي فقد كانت مصر هي القاعدة الخلفية والعمق الاستراتيجي للمقاومة الوطنية الليبية ضد الغزو الهمجي الفاشستي وقد كان لأرض مصر شرف احتضان رفات ألاف من أبناء الشعب الليبي بينهم قيادات المقاومة نذكر منهم قائد المقاومة الوطنية المجاهد الكبير سوف المحمودي.