أكد أمس الإعلامي سمير الوافي خلال  حلقة أمس من برنامجه "لمن يجرؤ فقط" انه التقى بمدير الأمن الرئاسي الأسبق علي السرياطي بعد مغادرته السجن وطلب منه الحضور في برنامجه ولكنه اعتذر وفضّل الصمت في الوقت الحاضر. وأوضح الوافي أن السرياطي وافق في المقابل على إرسال رسالة بخط يده إلى التونسيين وجاء فيها ما يلي:

"لقد عملت طيلة 45 سنة موظفا بالدولة التونسية تحت راية العلم التونسي المفدى جنديا لا ولاء له إلا لتونس وبشرفي كضابط عسكري وبالقسم الذي أديته أمام الله وأمام العلم أؤكد للجميع أنني بريء من دماء شهداء الثورة وجرحاها ورغم إيماني العميق بأنني تعرضت إلى مظلمة موجعة فإنني أدعو الجميع إلى تجاوز آلام الماضي بما فيه من أخطاء وهنات والى النظر إلى مستقبل تونس بأمل وتفاؤل حتى يكون وطنا مشرقا يحتضن جميع أبنائه على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم.
لقد عملت بما أملاه علي الواجب والضمير وإنني أجدد اعتذاراتي لكل من صدرت مني تجاهه إساءة اشهد الله أنني لم اقصدها وهو اعتذار من كل قلبي.
وأنا اليوم اعتبر نفسي ضابطا قائدا متقاعدا انتهت مهامه يوم 14 يناير 2011 بانتصاري لإرادة الشعب وتجنيب تونس منزلقا خطيرا وهو ما سيثبته التاريخ إن شاء الله.
وأؤكد ختاما أن لا طموح لي اليوم إلا أن أرى وطني آمنا مستقرا مزدهرا فلكل عصر رجاله وفي تونس اليوم كفاءات لتسيير شؤونها نحو الأفضل وهم لا يتوانون عن الذود عنها والدفاع عن رايتها بعون الله"

ويتسآءل المراقبون عن سر توجه السرياطي بالرسالة الى التونسيين في هذا الوقت بالذات ، ولماذا تم إرسالها عن طريق الإعلامي سمير الوافي المعروف بقربه من حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية ، بينما ترجح بعض المصادر أن السرياطي أراد من خلال الكلمات التي توجه بها في رسالته أن يعلن القطيعة مع وسائل الإعلام والإمتناع عن الحديث إليها مستقبلا ، وهو من الشروط السرية المطلوبة منه للإفراج عنه ، نظرا لأنه الوحيد الذي يمتلك حقيقة إستبعاد الرئيس  السابق زين العابدين بن علي عن الحكم ،كما أنه قام بدفعه الى الطائرة وبالتالي الحكم عليه بالخروج النهائي من البلاد في اتجاه المملكة العربية السعودية.

كما أن السرياطي يمتلك أسرار التدخلات الخارجية التي كان الهدف من وراءها الإطاحة بنظام بن علي لتدشين مسار مشروع ما سمي بالربيع العربي. 

وقد عبّر رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أحمد الرحمونى عن إستغرابه من الطريقة التى قدّم بها الاعلامي سمير الوافى في برنامج لمن يجرؤ فقط رسالة علي السرياطي .

وقال "الرسالة وكأنها لم تصدر عن متهم ينتظر مآل القضايا التي لم يبت فيها بعد بل كأنها صدرت عن أحد الابطال الذي خرج من السجن بعد طول انتظار".
وفيما يلي كل ما كتبه الرحمونى حول رسالة السرياطي :
ما فهمته من رسالة علي السرياطي
لا شك ان عددا كبيرا من المتابعين لبرنامج "لمن يجرؤ فقط " ليلة 26 مايو 2014 قد استغرب الظهور الاخير لمقدم البرنامج وهو يزف مفاجاة في صيغة رسالة منسوبة للسيد علي السرياطي بعد فترة قصيرة من اطلاق سراحه تبعا لصدور الاحكام الاخيرة فيما يعرف بقضايا شهداء الثورة و جرحاها عن محكمة الاستئناف العسكرية . وربما لاحظ البعض ان تقديم الرسالة دون تعليق وباسلوب شبه رسمي.
وخارج سياق البرنامج قد اعطى الانطباع بان مضمونها الذي يشبه الاعلان او النداء قد كتب بعناية ولاهداف محددة .ودون الدخول في تكهنات حول علاقة المؤسسة الاعلامية بالسيد علي السرياطي فان قراءة الرسالة عقب البرنامج وفي مكان الفقرة الاشهارية قد قدم خدمة "اعلامية" في غير محلها لصاحب الرسالة في الوقت الذي لم يهدا فيه الجدل حول الاحكام التي سمحت باطلاق سراحه والمنشورة الان بمحكمة التعقيب وفي سياق نقاش المجلس الوطني التاسيسي لمشروع قانون يهدف الى نزع الاختصاص في موضوع تلك الاحكام من القضاء العسكري .
عموما بدا لي ان الرسالة لم تصدر عن متهم ينتظر مال القضايا التي لم يبت فيها بعد بل كانها صدرت عن احد الابطال الذي خرج من السجن بعد طول انتظار ليقول لنا :
اولا- انه برئ من دماء الشهداء بل من دماء التونسيين جميعا وعلى عكس ذلك فهو يعتبر نفسه مشاركا في تحقيق الثورة .
ثانيا – انه لم ينتم يوما للنظام السابق وانه عمل طيلة حياته الوظيفية في خدمة الوطن ولذلك فان اعتذراه يكتسي طابعا شخصيا وليس معنيا بالاعتذار عن الانتهاكات التي اقترفها النظام السابق .
ثالثا-انه وضع حدا لطموحاته السياسية يوم 14 يناير  2011" بعد ان ادى الامانة" وانه يطمئن كل من يخشى عودته للنشاط السياسي بانه اعتزل الحياة العامة ويعتذر لمناصريه الذين ربما يشجعون دخوله للمعترك السياسي .
رابعا – انه ينتظر الوقت المناسب للظهور ليكشف في الفترة القادمة حقائق غير مسبوقة على شاشة "التونسية".