فاز فيلم السطوح لمرزاق علواش، بجائزة أحسن سيناريو في المهرجان الدولي الـ4 "للسينما والذاكرة المشتركة" بمدينة الناظور (المغرب)، الذي اختتم السبت.

وقد عرفت هذه الدورة تتويج الفيلم السويسري "البساط الأحمر" للمخرج فراد بايليف في فئة الأفلام الطويلة، في حين عادت جائزة الأفلام الوثائقية، إلى الفيلم الرواندي "مكان للجميع".

ويتجول مرزاق علواش بكاميرته فوق سطوح حي باب الواد في العاصمة الجزائرية، حيث قاع المدينة العلوي يتوفر على حكايات لا تقل بؤسا وشقاء عن قاعها السفلي.

ويقول مرزاق علواش"صورت فيلم السطوح خلال خمسة عشر يوما٬ بمساعدة اربعين شابا".

الفيلم يروي خمس حكايات تجري في وقت واحد على سطوح القاع هذا٬ هي بمثابة مرآة تعكس المخاض الذي تمر به الجزائر.

في السطح الأول ثمة فرقة موسيقية من أربعة شباب وفتاة٬ يستغلون مساحة السطح ليتمرنوا بعد ان ضاق بهم القاع السفلي ومن عليه٬ ويعيشون حالة انفتاح واضح٬ انفتاح له دلالة على ان أبناء الجزائر٬ مازالوا يواكبون العالم من خلال الموسيقى متحدين إفرازات قاعي المدينة السفلي والعلوي٬ واختاروا السطح حيث الهواء أكثر نقاوة منه في الأسفل٬ وحيث الموسيقى تكون قريبة من السماء والطيور التي تسبح فيها٬ الود واضح في علاقتهم٬ شباب هم مستقبل الجزائر وأملها في مواجهة التطرف الذي فرز العديد من السلبيات التي مازالت الجزائر تعاني منها .

فرقة الشباب هذه تراقبها فتاة من سطح مجاور تبدو وكأنها حبيسة في غرفتها على السطح وحدود حركتها مقيدة٬ فترسل إشارات بيديها إلى الفتاة في الفرقة الموسيقية٬ وتبادلها الفتاة بإشارات ود٬ في لحظة يظهر رجل على السطح فيسحب الفتاة من شعرها وسط ذهول الشباب الموسيقيين.

في سطح آخر ثمة ثلاثة رجال يعذبون شخصا ببطء في محاولة لإجباره على التنازل عن شيء ما، ثم يدخل فريق عمل تلفزيوني يريد أن يعمل فيلما وثائقيا عن الجزائر.

السطح الرابع تسكنه عائلة فقيرة أم وولد وبنت٬ الفاقة ظاهرة عليهم٬ البنت تبدو كأنها فقدت النطق والعقل من وقت طويل والابن مدمن ومنطو٬ صاحب الدار يحاول أن يخرجهم من الدار إلى الشارع ولا تفيد توسلات الأم به.

السطح الخامس تجري عليه التحضيرات لإقامة حفلة زفاف لأحد الشباب٬ ومن ثم يجري اجتماع لتنظيم ديني متطرف.

مرزاق علواش يحرك كاميرته بين هذه السطوح واضعا خيط الإثارة رابطا بينها٬ وبين الحين والآخر يحول الكاميرا لنشاهد بعض الأحداث على أرض القاع السفلي.

وتستمر الأحداث على هذه السطوح٬ الفرقة الموسيقية مازالت تتمرن وفتاتها قلقة على مصير الفتاة التي سحبها رجل من شعرها٬ ولا تطمئن حتى تراها مرة ثانية على السطح وتتبادلان الإشارت مرة ثانية٬ وسبق ان استطاعت أن ترسل لها رقم هاتفها٬ وثمة رسائل تؤكد مدى الاضطهاد والحيف الذي لحق بها من هذا الرجل٬ ووسط تبادل الإشارات والرسائل تتفاجأ فتاة الفرقة الموسيقية بصعود الفتاة الأخرى الى حافة السطح٬ الأمر الذي يثير قلقها٬ وبلحظة خاطفة ترمي بنفسها من السطح٬ انه الانتحار الذي ربما يكون حلا لمن لايستطيعون تغيير مصيرهم.

العائلة الفقيرة على السطح الآخر يهددها صاحب البناية ويطلب منهم إخلاءها٬ فيشتبك معه ابنهم لتنهال الأم على رأسه بضربات قاتلة تفقده حياته٬ وتقوم بمساعدة أولادها بإخفاء الجثة٬ لكن ابنه يأتي بحثا عنه مستعينا بأحد أقاربه من شرطة التحقيقيات٬ لكن الرجل ذات الماضي اليساري يتعاطف مع العائلة ويطلب من الأم رمي الجثة في البحر حتى لايكون هنالك دليل عليهم.

حفلة الزفاف على سطح آخر تنتهي وثمة تنظيم ديني هنا٬ أحد قادة هذا التنظيم يحجز والده الوطني والثائر السابق في قفص ويرسل له الطعام بيد حفيدته٬ ليقص عليها أيام بطولات ثوار التحرير٬ وحين يعقد اجتماعا للجماعة الدينية المتطرفة يطلب من الأب التزام الصمت لحين انتهاء الاجتماع٬ الإشارة هنا واضحة في إزاحة الآخر والتنكيل به حتى لو كان هو من أسهم في استقلال هذه البلاد وافنى العديد من سنوات عمره دفاعا عنها٬ والنتيجة ان الأيام ومصير البلاد تسير من سيىء الى أسوء.

في أحد السطوح رجل دين يستضيف في غرفته إحدى النساء المنقبات التي تخلع ملابسها أمامه بحجة إخراج الجن منها٬ وهو جن تسبب في جفاء زوجها لها.

الفريق التلفزيوني على السطح الآخر ينتبه الى صوت انين وصراخ الرجل الذي يتعذب أسفل السطح٬ وحين يذهب احدهم لمعرفة مايجري يقتل هو الآخر٬ ويتبين ان الضحية هو اخ الجلاد لكنه يريده أن يتنازل عن أملاك او إرث في اشارة الى فقدان رابطة الدم ازاء اغراء المال والسلطة.

المشهد الأخير لهذا السطح يظهر عدة جثث في نفس المكان وهي بالتأكيد جثث أعضاء الفريق التلفزيوني الآخرين الذين ذهبوا ليبحثوا عن زميلهم الذي لم يعد.

سرد صوري بسيط وسلس استطاع مرزاق علواش من خلاله طرح الواقع المر والمصير المجهول الذي يواجه جيلا جزائريا على وشك الانفجار.

الفيلم عرض في مهرجان ابوظبي السينمائي في دورته السابعة وحصل فيه مرزاق علواش على جائزة افضل مخرج.

*ميدل إيست أونلاين