أعاد عمار سعداني، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، الجدل حول صراع الرئاسة والمخابرات حول السلطة في الجزائر إلى الواجهة، بعد هدنة فرضها بوتفليقة بين الطرفين عشية الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

وأمام استمرار الحملة التي تشنها ما يعرف بـ “لجنة الوفاء للأمين العام السابق، عبد العزيز بلخادم”، بدأ القلق يسري في أوصال قيادة الحزب الحاكم بما أن اجتماعات داخلية عقدت لأجل بحث المصادر الممكنة التي تقوم بتموين لجنة الوفاء لبلخادم بالمعلومات والتفاصيل الدائرة داخل الدوائر الضيقة للحزب، واتهام سعداني لمقربيه بضلوع جهاز الاستخبارات في المسألة.

وقالت اللجنة في صفحتها على الفايسبوك، إن محيط سعداني يعيش حالة هستيرية بسبب تسريبها لمعلومات وقرارات اتخذها سعداني على نطاق ضيق من أجل الاستمرار في قيادة الحزب إلى ما بعد المؤتمر القادم المزمع عقده مطلع العام المقبل، ومساعي قطع الطريق أمام منافسيه في مختلف التيارات والأجنحة التي تسعى للإطاحة به.

وكشفت لجنة الوفاء لبلخادم، في صفحتها، بأن “سعداني وقبل سفره إلى فرنسا، عقد اجتماعا غير رسمي مع المكتب السياسي، من أجل بحث أسباب وآثار الحملة التي تشنها اللجنة على قيادة الحزب، وتمت الإشارة في هذا الاجتماع إلى “إيعاز جهاز المخابرات لأعضاء اللجنة بشن الحملة، أو انتماء أعضاء منها للجهاز".

وقالت اللجنة إن سعداني ذكر في الاجتماع، بأن “جهاز المخابرات هو من يقف وراءها، وأن عناصرها مدعومة من قبل مديرية الاستعلامات والأمن، وهدفها زعزعة الحزب وضرب استقراره”.

وأكدت اللجنة أن سعداني “مستاء ومتذمر من التسريبات التي تصل إلى الصفحة الرسمية للجنة الوفاء لبلخادم من داخل المقر المركزي للحزب”، كما جزمت بأن “سعداني عبّر عن شكوك موجودة بداخل مبنى الحزب، ولمح إلى محيطه المقرب خاصة المكتب السياسي والموظفين بالديوان، حيث صرح لرئيس ديوانه سعد الدين فوضيل، أن هناك من يسرّب للجنة معلومات وأخبار وكل ما يحصل داخل المقر المركزي”.

وكانت لجنة الوفاء لبلخادم، قد ذكرت أن وزارة العدل تمتلك ملفات ثقيلة وخطيرة عما أسمته بـ “جرائم” عمار سعداني، في مختلف المجالات، وهي بصدد التحقيق فيها، وذهبت إلى حد اتهامه بالاشتغال في “التهريب والمخدرات في الحدود الليبية”.

واعتلى سعداني هرم الحزب الحاكم في أغسطس من العام الماضي، في سيناريو مثير لمح المتابعون حينها إلى دور لعبه رجل الظل والمستشار الرئاسي، سعيد بوتفليقة. ومنذ ذلك الحين ظل سعداني يحسب على جناح قوي في السلطة، بدليل أنه السياسي الوحيد الذي فتح النار قبل الانتخابات الرئاسية التي جرت في 17 أبريل الماضي، على قيادة جهاز الاستخبارات، واتهمها “بعسكرة الحياة العامة والتدخل السافر في الشؤون العامة للجزائريين بما فيها الأحزاب والجمعيات ووسائل الإعلام”.

وأثارت تصريحات سعداني، وفقا للعرب، حينها جدلا واسعا في الجزائر، وظهر توظيف جناح الرئاسة بقيادة سعيد بوتفليقة، لعمار سعداني، في إدارة معركة الصراع مع المخابرات التي رفضت ترشح بوتفليقة للعهدة الرابعة.