لم يستطع الأمين العام لجبهة التحرير الوطني الجزائرية، عمار سعداني، احتواء الخلافات بين قادة الحزب الحاكم التي أخذت نسقا تصاعديا قبل أيام معدودات من عقد المؤتمر العاشر، وفق ما نشرته اليوم الاثنين صحيفة العرب.

ورغم تأكيد سعداني في تصريحات سابقة له أن هذا المؤتمر بالذات سيكون فرصة لتوحيد الصفوف وتجاوز الخلافات والصراعات الداخلية، إلا أن مناوئيه لوّحوا بالمقاطعة، معتبرين أن المؤتمر سيكون بمثابة استعراض سياسي لإظهار قوة الجناح الموالي للقيادة الحالية.

وهو ما دفع عددا من أعضاء اللجنة المركزية للحزب إلى توجيه رسالة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة باعتباره رئيسا للجبهة أيضا، للتدخل وإنهاء الأزمة التي تعصف بأكبر حزب في البلاد.

ويرى مراقبون أن نسب الحضور والمشاركة في المؤتمر العاشر لجبهة التحرير سيكون مقياسا لتبيان واقع التوازنات في الكتلة البرلمانية التي تضم تقريبا 220 نائبا، لذلك دعا محمد جميعي رئيس الكتلة نواب الجبهة إلى اجتماع لضمان تأييدهم لعمار سعداني الذي يواجه معارضة شرسة من داخل الحزب.

وكان حزب جبهة التحرير الوطني قد عقد مؤتمره التاسع سنة 2009، وانتخب حينها على رأسه الأمين العام الأسبق عبدالعزيز بلخادم، قبل أن تطيح به اللجنة المركزية في دورة طارئة سنة 2012، ليدخل منصب القيادة مرحلة فراغ انتهت بقدوم عمار سعداني من الظل إلى هرم الحزب الحاكم، في دورة للجنة المركزية شابتها الكثير من الشكوك والانتقادات، وجزم حينها مراقبون بوقوف مستشار وشقيق الرئيس سعيد بوتفليقة، وراء فبركة الدورة واستقدام سعداني لأداء دور معين في إطار أجندة سياسية معينة للسلطة، على رأسها تقليم أظافر مؤسسة الاستخبارات وتقليص نفوذها لصالح نفوذ قصر الرئاسة.

وعموما تعاني الجزائر من أزمة سياسية خانقة، اشتدّت منذ فوز بوتفليقة بعهدة رابعة في الاستحقاقات الانتخابية الماضية التي طالتها اتهامات عديدة بـ”التزوير”.

ولم تنتقل أحزاب السلطة الجزائرية التي تدور في فلك خطاب الرئاسة إلى مرحلة العمل السياسي على قاعدة المواطنة وممارسة الديمقراطية، فقد ظلت حبيسة الاحتقانات والخلافات الداخلية حول المناصب القيادية. وأمام هذا الوضع برزت تيارات تجديدية داخل كل حزب تطالب بالتغيير وعزل القيادات التي لم تستطع مواكبة التطورات السياسية ورفع التحديات الكبرى التي تواجهها الجزائر.