نفى سفير إثيوبيا لدى مصر، محمود درير غيدي، اليوم الإثنين، ما تردد عن إيقاف تمويل "سد النهضة" من جانب بعض الدول الأوروبية والآسيوية والبنك الدولي، واصفا تلك المزاعم بأنها "أكاذيب جديدة، لا أساس لها من الصحة".جاء ذلك في تعقيب له على استفسارات بشأن امتناع كل من روسيا وإيطاليا والصين والبنك الدولي عن تقديم الدعم لسد النهضة.

وفي تصريحات خاصة لوكالة الأناضول، أوضح "غيدي"، أن إثيوبيا لم تطلب أصلًا تمويلا من أي جهة، وأشار إلى أن سياسة إثيوبيا في بناء سد النهضة تعتمد على سواعد أبنائها في داخل وخارج البلاد.وقال إن "كل ما روج عن إيقاف التمويل للسد من بعض الدول ما هي إلا أكاذيب جديدة، لا أساس لها من الصحة"، مشيرا إلى أن إثيوبيا لم تطلب أي تمويل لمشروع السد.

وأضاف "درير" أن "هناك جهات معلومة متورطة في ترويج أكاذيب لا أساس لها من الصحة".واعتبر أن "ما ذكرته بعض الصحف المصرية في الآونة الأخيرة حول تمويل سد النهضة ما هو إلا حملات غير مسؤولة تسعى لخلق حالة من الارتباك"، وأعرب عن أسفه من هذا السلوك الذي لا يتماشى مع العلاقات بين دول حوض النيل.وبحسب درير فإن بلاده لم تطلب منذ البداية من أي جهة أموالاً لتمويل بناء سد النهضة، الذي أوشك على الاكتمال، ولفت إلى أن المراحل المهمة منه قد أنجزت.

ووصف المشروع بأنه تنموي قومي يهدف لتحقيق التنمية المستدامة للشعب الإثيوبي، ومحاربة الفقر، ونوه إلى أن هذا المشروع العملاق سيكون له انعكاسات في المجالات التنموية لدول حوض النيل ومصر والسودان سيكونان أكبر المستفيدين من المشروع.ورأى أن دعوة إثيوبيا لمصر بالعودة إلى مائدة الحوار، والمباحثات من أجل تنفيذ توصيات اللجنة الثلاثية (مصر، السودان وإثيوبيا) تعبر عن حسن النوايا من الجانب الإثيوبي الذي يتمسك بالتفاوض والحوار من أجل حل التباينات والخلافات بين دول حوض النيل.وأعرب السفير الإثيوبي لدى مصر عن أسفه، إزاء الحملات التي تشن ضد إثيوبيا، ووصف الاتهامات بأنها متعنتة.

وأضاف أن إثيوبيا لا زالت تؤمن بالحوار والتفاوض، ولم تكن هي التي تركت طاولة المفاوضات، وأشار إلى أن بلاده لم ترد على الادعاءات المصرية ضد إثيوبيا.وفي المقابل، امتدح الدبلوماسي الإثيوبي، تفهم السودان متطلبات التنمية لإثيوبيا وأشاد بدورها في تقريب المسافات، وبناء الثقة بين دول حوض النيل، وقال إن وجود عامل حسن النوايا في الجانب السوداني كان له دور أكبر لتفهم السياسات التنموية الإثيوبية.وتابع: معظم العلاقات بين دول حوض النيل هادئة، ومستقرة، وهناك تفاهم ونسعى لإقامة علاقة بذات الدرجة مع مصر التي ترتبط بعلاقات تاريخية مع إثيوبيا، ودعاها إلى تفهم متطلبات التنمية في إثيوبيا.

ونوه "درير" إلى أن إثيوبيا هي التي قدمت مبادرة بالمقترحات للجان الثلاثية، وكانت أول من تبنى الحوار لاحتواء التباينات حول مياه النيل.ولفت إلى أن إثيوبيا هي التي أوجدت آلية المباحثات بإرادتها المحضة، وأضاف أن دعوة رئيس الوزراء الإثيوبي، هيلي ماريام ديسالين، مصر للعودة إلى المباحثات الثلاثية دون أي شروط مسبقة لتنفيذ التوصيات تعبر عن الرغبة الحقيقية للجانب الإثيوبي في الحوار باعتباره الخيار الوحيد.

وأبدى درير رفضه لغة الخيارات المفتوحة التي طرحت مؤخراً لإيقاف مشروع سد النهضة، قائلا: هي مرفوضة جملة وتفصيلا، وهذه اللغة لا تصل إلى مسامع الإثيوبيين، ولا نعطيها أي اهتمام وهي من موروثات الحرب الباردة.واختتم بالقول إن الخيار الذي نراه مفيداً للجميع هو الحوار والتفاوض من أجل مصلحة شعبي البلدين، في إشارة إلي مصر والسودان.وخلال الشهر الجاري، نفت هيئة قضايا الدولة بمصر عزمها إقامة دعوى، أمام محكمة العدل الدولية، ضد أثيوبيا بسبب سد النهضة، الذي تشيده الأخيرة.

وقال القاضي سمير القماش، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة (هيئة قضائية بمثابة محامي الحكومة) والمتحدث باسمها، في تصريحات لوكالة الأناضول عبر الهاتف، إنه "لا وجود لأي مشاورات حول إقامة دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية ضد دولة أثيوبيا، بخصوص استمرارها فى تنفيذ خطوات إنشاء سد النهضة الأثيوبي الذى من شأنه تهديد حصة مصر التاريخية من مياه النيل".

وأضاف "القماش"، أن "هناك نتائج مبشرة حول قضية سد النهضة فى ظل وقف الاتحاد الأوروبي تمويله لإنشاء السد، ونجاح المفاوضات الدولية فى وقف هذا السد، والدعوة للحوار مجددا مع دول حوض النيل بشأنه"، وفق قوله.كانت إثيوبيا أعلنت في مايو/ أيار الماضي، وبشكل مفاجئ، بدء تحويلها مجري نهر النيل الأزرق (أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل)؛ تمهيدًا لبناء سد النهضه لتوليد الكهرباء.

وأثارت هذه الخطوة غضبا شعبيا واسعا في مصر وتحفظا رسميا؛ خوفًا من تأثير السد على حصة مصر من مياه النيل وعلى قدرة "السد العالي" المصري على توليد الكهرباء.وشهدت الأشهر الأخيرة، توترًا للعلاقات بين القاهرة وأديس أبابا، مع إعلان الأخيرة بدء بناء مشروع سد النهضة، الذي يثير مخاوف داخل مصر، حول تأثيره على حصتها من السنوية من مياه نهر النيل، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب، وتأثيره على أمنها القومي في حالة انهيار السد.