خفايا تحرير الديبلوماسيين التونسيين و حقيقة مصير الصحفيين المختطفيين بليبيا، إضافة إلى ملفي تسليم البغدادي المحمودي و سحب البعثة الديبلوماسية التونسية من ليبيا و كذلك حقيقة الوضع في الجارة الليبية و تداعيات الأزمة المحتدمة هناك على الأمن القومي و حتى الإقتصادي و الإجتماعي... هي أهم المحاور الحارقة التي تطرق إليها حوار حصري أجرته "بوابة إفريقيا الإخبارية" مع سفير تونس بليبيا رضا البوكادي، تطرق فيه محدثنا إلى كل تشابكات و تشعبات الديبلوماسية التونسية ذات الصلة بالملف الليبي، مقدما في الأثناء تفاصيل دقيقة لنجاحاتها واضعا في المقابل إصبعه على مواطن الخلل و النقائص التي كان بالإمكان تداركها.

سفير تونس بليبيا ، رضا بوكادي، أجاب كذلك عن كل الإتهامات الموجهة إلى شخصه من طرف بعض الجهات، مفندا ما تم ترويجه عن علاقته بدعم الإرهاب و شبكات التسفير في اتجاه المحرقة السورية و غيرها من التهم التي أكد أنها مردودة على أصحابها و مسيسة مشددا على أن القضاء هو الفيصل بينه و بين مشوهيه،  دون أن ينسى الإشارة إلى أن قرار إقصائه من خلية الأزمة إجراء تسأل عنه وزارة الخارجية وفق كلامه.

و في ما يلي نص الحوار.

-بداية، ما تعليقكم على حادثة اختطاف الصحفيين، سفيان الشورابي و نذير القطاري بليبيا؟  و هل يمكنكم تقديم أية معطيات أو حتى احتمالات لمكان تواجدهمها و أي مصير ينتظرهما؟

في البداية أعبر عن خالص التعاطف مع عائلتي سفيان و نذير اللتان أتواصل معهما بشكل يومي و أعمل على أن يعود ولداهما سالمين في أقرب الأوقات.  كما أنتهز الفرصة للتعبير عن تضامني مع كل الصحفيين و أصحاب الرأي و المواطنين المختطفين. لا شك أن الظروف في ليبيا إستثنائية و هو ما يستدعي منا مزيدا من الحرص و تأطير الجاليةالتونسية هناك.  شخصيا و بصفتي الرسمية أستطيع أن أؤكد أن الصحفيين  على قيد الحياة إلى يومنا هذا، حيث كان لنا تدخلات مع عدد من الأطراف المؤثرة و كنا متأكدين من سلامة الصحفيين ووضعنا خطة محكمة لإستعادتهما سالمين و بأقل التكلفة الممكنة مثلما نجحنا في الأمر مع الديبلوماسيين محمد بالشيخ و العروسي القنطاسي، لكن غلق السفارة و قرار رجوعنا إلى تونس ورفض الوزير جملة المساعي و المقترحات التي قدمناها له  أوقف كل ذلك.

 -تكرر سيناريوهات اختطاف "رعايا" أو دبلوماسيين تونسيين، هل هو مؤشر على الفشل الذريع للدبلوماسية التونسية و خصوصا ذات العلاقة بالملف الليبي؟

مثلما ذكرت سابقا الوضعية في ليبيا استثنائية جدّا وبكل المقاييس. فالشعب الليبي قام بثورة مسلحة والسلاح لا يزال منتشرا وعمليات الاختطاف لم تستهدف التونسيين فقط  بل شهدت ليبيا اختطاف رعايا ودبلوماسيي دول أخرى في فترات سابقة.  وهذا يأتي في سياق ما يمكن أن نطلق عليه "أعراض جانبية" لثورة مسلحة بالحجم الذّي حدث في ليبيا.  و بالتالي فإننا لا نرى أية علاقة سببية بين حالة الاختطاف هذه و أداء الدبلوماسية عموما و سفارة تونس في ليبيا خاصة  حيث أننا كنا السفارة الوحيدة التي نجحت في تخليص دبلوماسيين مختطفين دون الإذعان لأحد و في كنف الحفاظ على  سيادتنا و استقلالية قرارنا و تحرر إرادتنا، مما جعل عددا من الدبلوماسيين و السفراء الغربيين يتصلون بنا شخصيا للإعراب عن تقديرهم لجهودنا المبذولة في الغرض وإعجابهم بمقاربتنا و بالحرفية التي تميزت بها خطتنا.

كذلك، يجدر التذكير بأن تاريخ تحريرهما كان سيكون بتاريخ سابق بشهر ونصف، لولا تلكؤ وعدم جدية بعض الجهات الرسمية من الطرف التونسي خاصة و كذلك من الطرف الليبي.

 -هل أن إعلان "تنظيم داعش" فرع ليبيا مؤخرا إعدام المختطفين، يدخل ضمن خانة مقايضة أو مساومة السلطات التونسية لإطلاق سراح عناصر إرهابية ليبية محتجزة بالسجون التونسية، مقابل سلامة الصحفيين المذكورين، بنظركم؟

كما أشرت سابقا نحن دولة ذات سيادة مستقلة في قرارها، حرّة في إرادتها، ولا نفاوض تحت الضغط.  السفارة أحسنت اختيار وسطائها وإعداد خطتها وتقديرها للموقف والتعامل مع مستجداته و كل ذلك أدى إلى نجاحنا في إطلاق سراح مختطفينا. كان الأمر معقدا و صعبا و بالغ الإرهاق ولكن –والحمد لله-  نجحنا في مهمتنا.

-ما هي خفايا تحرير الدبلوماسيين التونسيين؟ و هل صحيح أن الطائرة التي أقلتهما من ليبيا الى تونس عادت الى هناك و على متنها عناصر إرهابية ليبية خطيرة كانت محتجزة بسجوننا؟ و أي دور لعبته البعثة الدبلوماسية التونسية بليبيا في الغرض؟

 في سنة 2012، قام رئيس المؤتمر الوطني العام في ليبيا آنذاك الدكتور محمد مقريف بزيارة رسمية  الى تونس قابل أثناءها رئيس الجمهورية التونسية.  و في جملة المحادثات التي دارت بينهما قدم له إلتماسا للعفو عن سجينين ليبيين يمضيان فترة عقوبة بالسجون التونسية لتورطهما في ما عرف بحادثة "الروحية" وقد كان جواب الرئيس التونسي بأنه لا يستطيع منح عفو لهذين السجينين للاعتبارات التالية: أولا  أن ايقافهما تم في إطار عمل ارهابي و ثانيا  أن هذا العمل الارهابي استهدف مؤسسة الجيش الوطني التونسي. و ثالثا أن أهالي الضحايا هم أصحاب الحق الأول في منح العفو من عدمه لكل متورط في القضية.

 لكن و بما آن السجينين المذكورين لم يثبت ضلوعهما المباشر في اغتيال العسكريين الشهيدين و قبولا للمسوغات طلب الطرف الليبي فانه سيطلب من وزارة العدل دراسة هذا الإلتماس وتحديد المسالك القانونية التي سيتم عبرها معالجة هذا الموضوع شريطة أن يتم ذلك بإستشارة و موافقة كل من المؤسسة العسكرية و أهالي الضحيتين وأن يتم استيفاء و تنفيذ كل الأحكام التي صدرت من المحكمة العسكرية لتعويض أهالي الشهيدين .

هذا  وقد خلصت وزارة العدل في دراستها إلى أنه بالإمكان نقل السجينين إلى ليبيا في إطار الإتفاقية العربية لوزراء العدل والمعروفة باسم اتفاقية "الرياض". وبعد الرجوع الى المؤسسة العسكرية وأهالي الشهيدين والحصول على موافقتهما بدأت ترتيبات تنفيذ الاتفاقية لكنها شهدت تعطيلا وتحديدا من الحكومة الليبية آنذاك والتي تنصلت من إلتزامها بدفع المبالغ المالية المحكوم بها لفائدة الآهالي وكذلك الدولة التونسية وبقي الأمر على حاله إلى حين تسلمي مقاليد السفارة بليبيا وقد تم إبلاغي آنذاك  بأن هنالك تهديدات جدّية باستهداف طاقم السفارة التونسية العامل بليبيا بالخطف كما أكد لي القائم بالأعمال السابق لي بانه أبلغ في وقت سابق الجهات التونسية الرسمية بهذه التهديدات وقد قمت بمخاطبة الجهات الحكومية الليبية ذات العلاقة بالموضوع وطلبت منها سرعة تنفيذ ما تم الإلتزام به سابقا لكن و للأسف الشديد تواصلت مماطلة الجهات الليبية الى أن حدث الاختطاف الأول ثم الثاني.

كما أنه لا صحة البتة لما ورد في سؤالكم من "ان الطائرة التي أقلت الدبلوماسيين من ليبيا إلى تونس عادت الى هناك و على متنها عناصر إرهابية ليبية خطيرة كانت محتجزة بسجوننا" و إن ما تم حقيقة هو وبعد إطلاق سراح مختطفينا وعودتهما سالمين إلى الأراضي التونسية وذلك مثل ما أكدنا سابق في كنف الحفاظ على سيادتنا واستقلال قرارنا وتحرر إرادتنا من أي ضغط تم إقرار إستكمال إجراءات 2012 بعد توفر الشروط التي حددتها الدولة التونسية للتعاطي مع الموضوع. وبعد قرابة العشرين يوما من وصول مختطفينا تم تنفيذ بنود اتفاقية "الرياض" الخاصة بنقل هذين السجينين.

أما عن دور السفارة فهي الجهة الأولى و الرئيسية التي خططت وأدارت هذا الملف.

-و بالنسبة إلى خفايا تسليم البغدادي المحمودي الذي يؤكد فريق الدفاع عنه أن تسليمه تم في إطار صفقة سياسية و مالية ضخمة تم عقدها بين حكومة الترويكا و جهات ليبية إضافة إلى انعدام توفر شروط المحاكمة العادلة له في ليبيا حسب كلامهم،  بماذا تجيبون؟

إن حديث بعضهم عن "صفقة سياسية و مالية ضخمة" لا يعد أن يكون إلا إدعاءا باطلا وتهما كاذبة وتزيفا متعمدا للحقائق والوقائع وأن تسليم هذا المتهم الى السلطات الليبية تم وفق مقتضيات القانون وفي إطار المعاهدات التي تربطنا مع الدولة الشقيقة . أمّا في الحديث عن شروط المحاكمة العادلة فخير دليل على ذلك هو الإرجاء المتكرر لجلسات المحاكمة وعدم البت سريعا فيها و كذلك السماح لكل الوفود التي تقدمت بطلب للاطمئنان على  حالة المتهم بزيارته وبشكل مباشر (من بينهم رئيس الرابطة التونسية لحقوق الانسان).

-اتهامات عديدة وجهت إليكم مفادها التورط في دعم الإرهاب و في شبكات تسفير التونسيين إلى الجهاد في سوريا عبر ليبيا إضافة إلى تورطكم في التوسط لإدخال بعض العناصر الإرهابية الليبية و الأسلحة إلى تونس، حسب بعض الجهات، بماذا تردون؟

كل هذه الإتهامات و الأشخاص الذين قالوها سيكونون محل تتبع بموجب قضايا رفعتها و سيحكم القضاء بيننا. نحن في دولة مؤسسات، هذا من جانب الاجراء.   أما من حيث مضمون هذه الاتهامات فهي واهية وخلفيتها سياسية وأصحابها يمارسون بذلك إرهابا ربما أخطر وأفتك من إرهاب المجموعات المسلحة ويكفينا قولا بأنه كان لنا دورا رياديا واستباقيا جنّب بلدنا العزيز أخطارا جسيمة ومآس كبيرة  كانت جهات إرهابية تعمل على إلحاقها بنا. كما أنه بالإمكان سؤال عائلات الشبان الذين كانوا ينوون  الهجرة خلسة إلى سوريا وتوفقت البعثة- رغم قلة إمكانياتنا وحالة العجز التي تمر بها مؤسسات الدولة الجارة- في ردهم الى أهاليهم وبلدهم هو خير جواب ورد على الإدعاءات التي وردت في سؤالك.

-لو توضحون لنا ما حكاية العنصر " الإرهابي" الليبي الذي قمتم بالتوسط لإطلاق سراحه لما قبض عليه بمطار تونس قرطاج؟

أولا وقبل الدخول في صلب الموضوع، من سمح لك بإطلاق صفة إرهابي على هذا الشخص؟  ثانيا، الحالة الوحيدة التي أعلمها والتي تم فيها إيقاف مواطن ليبي بمطار تونس قرطاج الدولي كانت في ربيع سنة 2014 وكان صاحبها قائدا ميدانيا يعمل تحت إمرة هيئة رئاسة الأركان العامة بالجيش الليبي ويشرف على حماية جزء من الجنوب الليبي.  وقد تقدمت كل من رئاسة الوزراء الليبية ووزارة الدفاع والمؤتمر الوطني العام بحالة التماس إلى الدولة التونسية للإفراج عنه خاصة وأن صفته معلومة وأن تحوزه لعدد 12 رصاصة في أمتعته كان على سبيل السهو والنسيان. علما وأن إحصائيات الداخلية التونسية تؤكد أنه في فترات سابقة كان معدّل المواطنين الليبيين الذين يتحفظ عليهم عند دخولهم التراب التونسي بتهمة تحوز ذخيرة أو حتى سلاح  بلغ ثلاثين حالة يوميا وأنّه بعد التثبت و التحري في الأمر يتبين أن الغالبية العظمى لديهم لم تكن تتعمد ذلك والأمر ناتج كما أسلفنا عن سهو ونسيان.
إضافة إلى أن الشخص المذكور أعلاه خضع إلى الإجراءات القانونية الكاملة التي تتطلبها معالجة مثل هذه الحالات (الإيقاف  من طرف الباحث الإبتدائي و إعلام النيابة العمومية) وأنّ الجهة التي قررت الإفراج عنه هي جهة قضائية. لكن وللأسف فإن جهات معلومة تمارس التهريج السياسي وتحاول بائسة إستبلاه الرأي العام تقف وراء ترويج مثل هذه الأكاذيب وأنهم بذلك يقومون باغتيال ثان للفقيدين شكري بلعيد والحاج البراهمي عبر تضليلنا ومنعنا من الوصول إلى الحقيقة. فالشخص الذين يتحدثون عنه و الرصاص الذي يحمله دخل الى تونس بعد تسعة أشهر على آخر حادثة من سلسلة الإغتيالين الآثمين.

-ما علاقتكم بزعيم الجماعة الإسلامية المقاتلة عبد الحكيم بلحاج الذي تحوم حوله شبهات بالتورط في الأحداث الإرهابية التي هزت تونس خلال السنوات الأخيرة؟

السيد عبد الحكيم بالحاج رئيس حزب "الوطن"،  سياسي ليبي له علاقات مع مختلف السفراء العرب و الأجانب زاره في مكتبه بمقر حزبه كل سفراء الدول الغربية على رأسهم سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية. كما أنه زار العديد من الدول الأوروبية وتقابل مع مسوؤلين فيها،   و بصفتي ممثلا للمصالح التونسية في ليبيا من واجبي ربط الصلة مع كل الأشخاص المؤثرة في بلد الإعتماد و بالحاج واحد منهم

-و كذلك ما علاقتكم بالكتائب الليبية؟

كما قلت لك سابقا صفتي كممثل للدولة التونسية تقتضي مني تواصلا مع كل الأطراف في ليبيا و الحمد لله أن تواصلنا مع كل الأطراف أثمر نجاحات دبلوماسية كبيرة على رأسها تحرير المختطفين. كما أنني لا أمثل استثناءا ، بل أنّ أغلب الدول خاصة منها الغربية منفتحة كثيرا على مثل هذه المكونات وهذا من  مقتضيات العمل الدبلوماسي.

-لماذا تم إقصاءكم من خلية الأزمة؟ و هل هذا الأمر خطوة في طريق إقالتكم أم أنه تم على خلفية عدم حياديتكم و الشبهات التي تحوم حول شخصكم بخصوص دعم الإرهاب، مثلما ترى بعض الأطراف؟

أمر تسأل عنه الخارجية.

تؤكد بعض الجهات أن انتماءكم الى حركة النهضة كان السبب في تعيينكم على رأس البعثة الديبلوماسية التونسية بليبيا رغم عدم تحوزكم على الكفاءة اللازمة لتبوأ منصب السفير، حسب تعبيرها، فهل من تعليق؟

من خلال تواصلي مع سفراء الدول الأجنبية المعتمدة في ليبيا لم أسمع من واحد منهم "بعقدة ولد الخارجية" او غيرها من المصطلحات الفارغة التي يروج لها بعض السياسويين والفارغين الذين لا يفهمون معنى الدولة ولا يفقهون مقتضيات تسييرها.  ما يهم الدول المتقدمة في علاقاتها هو النجاحات والتمثيل السياسي ولا أعتقد أنهما شيئان مفقودان في شخصي. و وزارة الخارجية لدينا ومؤسسة رئاسة الجمهورية يعلمان حق العلم الجهد المبذول من طرفي والنجاحات التي حققتها في ربط العلاقات وتكوين رأي عام سياسي وشعبي يساند تونس ويدفع باتجاه مزيد تمتين العلاقات معها. إضافة إلى تطوير العلاقات الاقتصادية وتحقيق أرقام قياسية في المبدلات التجارية رغم الظرفية الصعبة وإحتدام المنافسة مع دول أوروبية ومصر وتركيا والأردن. كما أننا انطلقنا في مباشرة مهامنا من خلال وضع رؤية استراتيجية للعلاقة مع ليبيا بناءا وتطويرا.

- يرى متابعون أن سحب البعثة الدبلوماسية التونسية ( غلق السفارة) من ليبيا قرار غير صائب لأنه لم يراع وضع جاليتنا هناك، و كذلك من حيث تقديم تقارير ثابتة و مؤكدة حول الوضع الأمني هناك،  ما رأيكم؟

أوافق تماما رأي هؤلاء المتابعين.  وأتعجب لموقف الذين تباكوا بالأمس على غلق سفارتنا بسوريا ولم يحركوا ساكنا تجاه غلق السفارة والقنصلية العامة بطرابلس وقنصليتنا ببنغازي والحال أن جاليتنا في ليبيا هي ضعف جاليتنا في سوريا خمسة عشر مرّة وأن إنعكاس الوضع الأمني للبلد الجار علينا أخطر بكثير من الذي هو بسوريا وأنّ مصالح اقتصادية هامّة مازالت تتحقق مع ليبيا وانّ الواجب حتم علينا الحفاظ عليها بل وحتى تنميتها. كما أنه من واجبنا المساهمة وبشكل فعّال في تحقيق الإستقرار وإنهاء الصراعات في بلد الإعتماد بحكم تلازم مسارات البلدين والتأثير والتأثر المتبادل بينهما.

-أداء بعثتنا الدبلوماسية في ليبيا أثناء الأزمة لم يكن ناجعا حسب متابعين و لعل الدليل حادثة اختطاف الدبلوماسيين منذ فترة، فأين الخلل بالضبط حسب رأيكم ؟ و في المقابل ماهي أهم الإنجازات التي قمتم بها أثناء توليكم لمنصبكم هناك؟

قد تمت الإجابة عن هذا السؤال وبالتالي لا فائدة في الرجوع.

-كيف تقرؤون تشابكات الأزمة الليبية؟ و هل يسير الصراع هناك في طريق التدخل العسكري الخارجي أم أن الحل الليبي الليبي، يبقى إمكانية واردة؟

نحن نرجح أن يهتدي الفرقاء الليبيون إلى حل نزاعاتهم عبر الحوار والتوافق والتنازل لفائدة  تجنيب ليبيا بعض المآسي التي تعيشها دول أصرت طبقاتها السياسية أو العسكرية على منع حق الاختلاف والتنوع في ظل راية وطن واحد يحوي الجميع. كما أن التدخل الخارجي مستبعد، و إن تم فبمقاربة غير مباشرة أي على النمط الإستراتيجي ل"ليدل هارت". وفي كل الحالات فإن له عواقب وخيمة وسيئة على بلدنا.

- أي دور لعبته الدبلوماسية التونسية بالنسبة إلى الملف الليبي؟  و هل ترون أن موقف الحياد  الإيجابي الذي توخته بلادنا لم يكن مجديا في تقديم دعم واقعي للليبيين، بمعنى أنه كان على تونس إعلان موقفها صراحة بأنها تدعم خليفة حفتر في الحرب التي يخوضها ضد الجماعات الإرهابية هناك؟

أوّلا، لا يجب بأية حال أن يقع إستدراجنا وبكل هذه البساطة للوقوف مع طرف دون آخر في الصراع الدائر حاليا في ليبيا. و الحديث عن دعم خليفة حفتر لا يمكن أن يصدر إلا عن جهة تجهل تماما المكون السياسي والعسكري والقبلي للبلد الجار وجذور الصراع الدائر حاليا ففضلا عن أن حفتر لا يمثل إلا مجموعة من الكتائب التي ليس لها شرعية قانونية إلى حد هذا الحوار معكم. وأن أبعاد الصراع في ليبيا يتجاوز كثيرا، العنوان البسيط، وهو محاربة الإرهاب.

- ماهي تداعيات الأزمة الليبية على الأمن القومي التونسي، في نظركم؟

بالتأكيد هناك تداعيات مباشرة وغير مباشرة و هي تمتد لتشمل الجانب الأمني بالمعنى المباشر والعسكري والسياسي والاقتصادي وأنه هناك  أضرار واضحة وأخرى خفية قد تستتبع استمرار هاته الأزمة. وهذا يفرض علينا تواصلا أكبر مع البلد الجار وتنسيقا أكبر خاصة مع الجارة الجزائر والأمم المتحدة وباقي الأطراف الدولية لإيجاد حلول لإنهاء النزاع الكائن بها.

- كيف تستشرفون الواقع السياسي و الأمني في تونس خلال المرحلة القادمة؟ وهل يمكن القول أن تونس تسير في اتجاه القضاء على الإرهاب، أم أن هذه الآفة قد  تهدد أمننا القومي لفترة قد تطول؟

هذا السؤال سياسي وأفضل عدم الاجابة عنه نظرا لموقفي الحالي. ولكن كلنا أمل أن تشهد بلادنا في قادم الأيام قدرا من  الإستقرار والإنتعاش الإقتصادي حتى يسهل علينا مواجهة الإستحقاقات الإجتماعية والتنموية وبالطبع الأمنية التي تواجه بلدنا حاليا.