رغم الاختلاف في الانتماءات والاتجاهات، يتفق الشباب التونسي على أن الثورة كرست مكسب الحرية في البلاد التي كانت ترزح تحت الدكتاتورية، غير أنهم لا يزالون ينتظرون تحقيق ما يصبون إليه من تشغيل وتنمية ورفاهية وهي مطالب لا تزال عالقة، بحسب قولهم.

ورغم تشاؤم بعض المراقبين بأن فئة الشباب ستكون الأكثر عزوفا عن المشاركة في الانتخابات التي تنطلق الأحد، فإن هيئة الانتخابات تؤكد أن أغلب التونسيين الذين سجلوا بطريقة إرادية في قوائم الناخبين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاما.

وفي هذا السياق يؤكد الطالب محمد السعيداوي (22 عاما) الذي ينتمي إلى التيار الإسلامي أن هناك زخما سياسيا كبيرا لدى أوساط الشباب التونسي داخل الجامعات والأحزاب والمنظمات بفضل ارتفاع منسوب الحريات، وفق تعبيره.

ولا يعتقد السعيداوي بأن الشباب التونسي قد تراجع بعد الثورة إلى الصفوف الخلفية تاركا مكانه لسياسيين من كبار السن، متوقعا أن يفوز حزب حركة النهضة بنفس نتائج الانتخابات الماضية ويقود البلاد في المرحلة القادمة.

وحول رأيه في المكاسب التي تحققت في ظل الائتلاف الحاكم الذي كانت تقوده النهضة، قال السعيداوي إن البلاد شهدت عدة إنجازات، وعلى رأسها الانتهاء من كتابة دستور جديد والحسم في مسألة الهوية العربية الإسلامية وتكريس الحريات.

لكنه مع ذلك يرى أن الشباب التونسي يتطلع في المرحلة القادمة إلى تحقيق بقية أهداف الثورة، خاصة التشغيل والتنمية وإصلاح المنظومة التعليمية وإصلاح القضاء والإدارة والإعلام ومحاسبة رموز النظام السابق الذين تورطوا في الفساد.

ويتقاسم معه هذا الرأي الطالب حسام فضول (22 عاما) رغم أنه ينتمي إلى ائتلاف الجبهة الشعبية اليسارية، ويقول إن الثورة -بخلاف مكسب الحرية- لم تحقق أهدافها المتعلقة بتوفير فرص العمل الشغل وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وقد اختار هذا الشاب التصويت لصالح الجبهة الشعبية ذات التوجه اليساري الاجتماعي سعيا إلى كسر حالة الاستقطاب الثنائي بين النهضة وحركة نداء تونس.

ويقول فضول للجزيرة نت إن المشهد السياسي في تونس تحكمه انقسامات أيدولوجية بين اليمين واليسار.

ويوضح أن انتماءه السياسي مبني في جزء كبير منه على ميول أيدولوجية أكثر منه على برامج حزبية يعتبرها "متشابهة".

ويأمل فضول أن تنجح الجبهة الشعبية في الفوز في الانتخابات من أجل فرض رؤاها لإصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تراجعت مؤشراتها "كثيرا" خلال فترة حكم الترويكا التي قادتها حركة النهضة الإسلامية، وفق قوله.

ويقول هيثم بلقاسم -وهو قايدي شاب بحزب المؤتمر- إن الشباب وقود الثورة وعليهم الانخراط في الانتخابات.

وأضاف بلقاسم أن تحقيق تطلعات الشباب التونسي في التشغيل والتنمية يبدأ بالمشاركة في عملية الانتخابات لاختيار مرشحين يثقون بنزاهتهم وكفاءتهم حتى يكونوا في خدمة مناطقهم أثناء توليهم مهامهم في البرلمان القادم.