عاد شبح الإرهاب ليُخيم من جديد على أجواء تونس التي تستعد لإجراء انتخابات تشريعية لاختيار أعضاء أول برلمان منذ الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق بن علي.

وأعلنت وزارتا الداخلية والدفاع الخميس، عن تبادل لإطلاق النار بين وحدات أمنية وعناصر إرهابية في ضواحي تونس العاصمة، بالإضافة إلى تفجير لغم في غرب البلاد غير بعيد عن الحدود مع الجزائر.

وبحسب الرائد محمد علي العروي الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية، فإن قوات الأمن حاصرت أمس مجموعة من الإرهابيين في بلدة “وادي الليل” من محافظة منوبة المجاورة لتونس العاصمة، وتبادلت إطلاق النار مع الإرهابيين الذين تحصنوا داخل أحد المنازل.

ولم يذكر العروي ما إذا كانت عملية تبادل إطلاق النار قد أسفرت عن سقوط ضحايا، فيما أكدت مصادر إعلامية مقتل أحد أفراد الوحدات الخاصة التونسية خلال تبادل إطلاق النار في بلدة وادي الليل، بالإضافة إلى إصابة عنصرين من الحرس الوطني (الدرك) بجروح.

وبالتوازي مع ذلك، قال المُقدم بلحسن الوسلاتي الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع التونسية، إن لغما انفجر صباح أمس بمنطقة ساقية سيدي يوسف في غرب تونس، وذلك أثناء قيام تشكيلة عسكرية بعمليات تمشيط في إطار ملاحقة وتتبع العناصر الإرهابية المتحصنة بمرتفعات تلك المنطقة المُحاذية للحدود الجزائرية.

وأشار إلى أن الانفجار أسفر عن إصابة عسكريين بجروح وُصفت بالطفيفة، لافتا إلى أنه تم تعزيز التواجد الأمني بالمنطقة بقوات مشتركة وإرسال طائرة مروحية مسلحة للاستطلاع.

ورغم أن المُقدم الوسلاتي قد أكد على أن الوضع تحت السيطرة، لافتا إلى أن مثل هذه العمليات كانت “منتظرة بالنسبة للجيش التونسي”، فإن ذلك لم يمنع المراقبين من القول إنها ألقت بظلال كثيفة على الوضع الأمني العام بالبلاد، وأعادت شبح الإرهاب ليُخيم من جديد على سير العملية الانتخابية التي تستعد لها البلاد.

وكان مصدر أمني قد أعلن قبل ذلك، أن أجهزة الأمن تمكنت أول أمس من اعتقال إرهابيين إثنين بمنطقة “سوق الأحد” بمحافظة قبلي في أقصى جنوب البلاد، وضبط قطعتي سلاح من نوع كلاشنكوف، وكمية كبيرة من الذخيرة لديهما.

وكشف أن الإرهابيين كانا بصدد التخطيط لتنفيذ عملية إرهابية، لافتا إلى أنهما اعترفا أثناء التحقيق معهما بإقدامهما على تكبيل حارس ليلي لإحدى الاستراحات السياحية، وقتله بعد أن تفطن لهما.

وأوضح أن الضحية تلقى 9 رصاصات على مستوى الظهر، مُرجحا أن تكون العملية الإرهابية التي خطط لها الإرهابيان تتعلق باستهداف حافلة سياحية، وذلك بالنظر إلى كمية الذخائر التي كانت بحوزتهما.

وأمام هذه التطورات الخطيرة، سارع رئيس الحكومة مهدي جمعة إلى عقد اجتماع طارئ لخلية الأزمة المكلفة بمتابعة الوضع الأمني بالبلاد بحضور وزراء الداخلية لطفي بن جدو، والدفاع غازي الجريبي، والعدل حافظ بن صالح، والخارجية منجي الحامدي، والوزير المعتمد لدى وزير الداخليّة المكلف بملفات الأمن رضا صفر.

وأعربت الأوساط السياسية التونسية عن خشيتها من أن تكون لهذه التطورات الأمنية الخطيرة تداعيات على سير الانتخابات التشريعية التي ستبدأ بعد غد، وذلك لجهة تراجع نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع خوفا من العمليات الإرهابية.

ووصف مراقبون هذه الخشية بأنها مشروعة، وحذروا في نفس الوقت من تداعيات ذلك على مُجمل العملية الانتخابية، باعتبار أن عدم المشاركة بكثافة في عمليات التصويت التي ستتم يوم الأحد المُقبل “يخدم بالأساس حركة النهضة الإسلامية”.

غير أن الجنرال المتقاعد مختار بن نصر، قلل من انعكاسات هذه العمليات الإرهابية، حيث قال في اتصال هاتفي مع “العرب”، إن الوضع الأمني في البلاد تحت السيطرة، وإن القوات الأمنية والعسكرية لن تسمح للإرهابيين بتحقيق أهدافهم.

ولفت إلى أن ما حصل بالأمس في تونس “جاء بمبادرة من قوات الأمن، وهذا أمر في غاية الأهمية يشير إلى أن السلطات الأمنية استعادت زمام المبادرة في التصدي للإرهاب والإرهابيين الذين يريدون إرباك المسار الانتخابي في البلاد”.

وتعيش تونس على إيقاع حالة استنفار أمني تحسبا لهجمات إرهابية مُحتملة قد تُفسد العملية الانتخابية التي تُعول عليها الأوساط السياسية لإخراج البلاد من المرحلة الانتقالية التي طالت أكثر من اللازم.

 

*نقلا عن العرب اللندنية