أكد وزير الخارجية التونسي، المنجي الحامدي، أن إعلان "داعش" دولة "الخلافة" فرض تحديا جديدا في المنطقة العربية التي تُعاني من الإرهاب.

وحذّر الحامدي في حوار مع "العرب" من تمدد تنظيم "داعش" وانعكاسات ذلك على التوازنات السياسية والمعادلات الجغرافية في المنطقة، خاصة في ظل الاضطراب وعدم الاستقرار في ليبيا؛ وهو وضع يعود بالضرر على ليبيا وعلى الدول المجاورة لها، وخصوصا تونس.

يأتي هذا في وقت ارتفعت فيه درجة المخاوف إقليميا ودوليا من توسع تاثير المجموعات المتشددة خاصة بعد إعلان داعش "الخلافة" على الحدود بين العراق وسوريا.

وحذّرت مراكز قرار ودبلوماسيون غربيون من خطر تمدد “داعش” إلى مناطق أخرى غير العراق وسوريا، متوقعين إعلان ولاية جديدة لخلافة التنظيم المتشدد في ليبيا التي تحولت إلى منطقة تدريب وتمويل وتسليح وعبور لمجموعات إرهابية في شمال أفريقيا خاصة في اتجاه سوريا والعراق.

وعزا دبلوماسي غربي توسع هذه المجموعات وتعاظمها إلى درجة الإعلان عن “دولة الخلافة” إلى الفشل الدولي في التعاطي مع الملف السوري، لافتا إلى أن المتشددين استفادوا من حالة الغضب العارم في المنطقة على الصمت الإقليمي والدولي تجاه مجازر الأسد ضد شعبه، وأنهم نجحوا في تصوير ما يجري في سوريا على أنه صراع طائفي بين الشيعة (النظام) والثوار (السنة)، مما فتح الباب واسعا لالتحاق آلاف المتطوعين بالحرب الأهلية هناك.

وأشار إلى أن سكوت الغرب عن تدخل إيران وميليشيات حزب الله اللبناني وميليشيات عراقية إلى جانب النظام بينما كانت الولايات المتحدة تمنع وصول الأسلحة إلى الثوار السوريين، قلّص من فاعلية القوى الوطنية والليبرالية المعارضة وأعطى فرصة من ذهب للمجموعات المتشددة لاستقطاب أعداد لا بأس بها من المقاتلين وشباب الثورة.

وحاولت الولايات المتحدة أن تدفع بمسلحي المعارضة السورية لمقاتلة داعش في سوريا على أمل تقليص تأثيرها، لكن التنظيم المتشدد نجح في الإفلات من حصار الثوار، وتحول إلى قوة يقرأ لها حساب كبير بعد أن دفع بمقاتليه إلى العراق واستولى على أسلحة ومعدات من مقار الجيش العراقي الذي فرت عناصره من المواجهة.

ولم يقف الأمر عند الاستعراضات العسكرية الهادفة إلى التسويق الإعلامي، بل أعلن التنظيم عن إنشاء “الخلافة” ومحو الحدود بين سوريا والعراق، وهي الخطوة التي جعلت دول العالم تفيق على حجم الخطر الذي تمثله داعش على المنطقة.

وقد بادرت السعودية إلى إعلان إجراءات أمنية عاجلة لحماية حدودها خاصة بعد انسحابات “فجئية” للجيش العراقي من النقاط الحدودية، في خطوة بدت وكأنها تهدف إلى توريط المملكة في مواجهة مباشرة مع التنظيم الذي أقدم منذ أيام على اختبار صبر السعوديين بهجوم على نقطة حدودية مع اليمن.

ولوّح داعش باستهداف الكويت ولبنان، وارتفع منسوب الحذر في تركيا من تسلل عناصر من التنظيم المتشدد إلى أراضيها للقيام بتفجيرات، لكن المخاوف بدت أكثر وضوحا في الأردن في ظل وجود أرضية خصبة للتعاطف مع المتشددين داخل التيار السلفي الذي أنجب أبو مصعب الزرقاوي أحد أبرز قيادات تنظيم “القاعدة” خلال الحرب الطائفية في العراق.

ويحذر خبراء من أن الأردن قد يكون الهدف القادم فيما تظهر مقاطع فيديو على الإنترنت تهديدات أطلقها التنظيم باستهداف المملكة التي استقبلت نحو 650 ألف لاجئ سوري على أراضيها، فضلا عن وجود مئات من “الجهاديين” الأردنيين يقاتلون إلى جانب مجموعات متشددة.

وفي سياق متصل بتوسع “داعش”، حذّرت التقارير السابقة من أن التنظيم قد يفكر في أن يعلن شرق ليبيا ولاية جديدة لـ”خلافته” خاصة في ظل غياب الدولة وضعف الجيش والشرطة في ليبيا، وسهولة تحرك المتشددين وحصولهم على الأسلحة والأموال واستقبال المتطوعين الأجانب خاصة من دول الجوار.

وأكّدت تقارير إعلامية أن تنظيم أنصار الشريعة في ليبيا أعلن عن اعتزامه تأسيس مقر لدولة الخلافة، وتسميته بـ”الدولة الإسلامية” كفرع تابع لـ”داعش".

ورجّح مراقبون أن تكون مدينة درنة الليبية التي تمّ إعلانها في وقت سابق إمارة إسلامية، هي المقر الجديد لدولة الخلافة، لافتين إلى أن أنصار الشريعة يحكمون سيطرتهم على المدينة رغم محاولات قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر الإطاحة بهم، وأنه سبق لهم الإعلان عن تأييد داعش.

وكشفت تقارير أمنية في شمال أفريقيا أن تنظيم “داعش” أعطى أوامره إلى مقاتلين من أصول ليبية وتونسية وجزائرية للعودة إلى بلدانهم الأصلية لتكوين نواتات محلية لـ”داعش”.

وفي تونس أعلن سيف الدين الرايس المتحدث باسم “أنصار الشريعة” مبايعته للبغدادي “خليفة” ووضع نفسه تحت امرته، وأثار تصريح الرايس مخاوف في تونس التي تعيش على وقع معارك يومية مع المتشددين.

وبدأ مسؤولون أمنيون في تونس وليبيا والجزائر ومصر تنسيقا أمنيا واستخباريا لمواجهة التنظيم المتشدد الذي بدأ يخرج عن السيطرة في مواجهة جيوش وقوات أمن غير مدربة لخوض معارك الاستنزاف.

 

*نقلا عن العرب اللندنية