جدد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح التأكيد على ان البرلمان هو جهة شرعية تمّ انتخابها من قبل الشعب الليبي مباشرةً ويمثّل الليبيين بمختلف توجّهاتهم ورؤاهم، وبالتّالي يقوم مجلس النوّاب بالعديد من الاستحقاقات الوطنيّة الّتي يتطلّع إليها الشّعب الليبيّ، ومن هذا المنطلق فإنّه لا يعمل فقط كجهة تشريعيّة بل ايضا و "لـلخصوصيّة الليبيّة" يسعى إلى دفع الفعاليات الليبية مثل الحكماء والأعيان وشيوخ القبائل وغيرهم من قادة الرأي العام في ليبيا بحسب تأثيرهم في محيطهم السياسي والاجتماعي وذلك من خلال هيئة تقصّي الحقائق أو المصالحة التّابعة لمجلس النّوّاب، وبهذا فإنّ مجلس النوّاب كجهة تشريعيّة يختصّ بإصدار القوانين التشريعية ونظراً لظروف البلاد ايضا يستخدم الجوانب المتاحة في حل الخلاف الليبي وهذا موثّق.
وأضاف صالح في حوار أجراه معه مركز الأداء الاستراتيجي أن البرلمان "كجهة تشريعيّة يسعى إلى تحقيق مطالب الشّعب الليبيّ خاصّة تلك المتعلّقة بإقامة أسس الدّولة الفّعليّة كالفّصل بين السّلطات والتداول السلميّ للسلطة وتطبيق القانون.
وقال صالح "دولة المؤسّسات الّتي أشرت إليها لا تقوم إلّا على أسس دستوريّة وقانونيّة سليمة فالشعب الليبي انتخب هيئة صياغة الدستور وهي معنيّة بإعداد مسودّة مقترحة لدستور دائم، وهذا ما حدث بالفّعل حيث أعدت هذه الهيئة دستوراً مقترحاً للشّعب الليبيّ وقدّمته لمجلس النّوّاب وهو بدوره لا يستطيع أن يقبل أو يعتمد الدستور إلا بعد عرضه على الشعب، فدوره فقط إصدار قانون يتعلّق بالاستفتاء على الدستور، والشّعب هنا هو الوحيد المخوّل بذلك وهي قاعدة قانونية واضحة".
وأردف صالح "أمّا مجلس النّوّاب فقد تأخّر في إصدار أو اعتماد قانون الاستفتاء وذلك نتيجةً لبعض الخلافات بين أعضائه وهو أمر طبيعي ومنطقي في عرف البرلمانات، غير أنّه جاء الاحتجاج من قبل "إقليم برقه" الذي رفض المقترح والدستور بالكامل معلّلاً أنّ عدد سكّان برقه اقلّ من إقليم طرابلس وبالتّالي آلية التصويت ستكون مجحفه في حقهم. ومن هنا بدأ الجدال والنّقاش الذي اخذ شكلاً طويلاً غير أنّه تمّ الاتفاق في نهاية المطاف على اعتماد ليبيا ثلاث دوائر انتخابية وهي: الفزّان، برقة، وطرابلس، وتكون الموافقة في كلّ إقليم على حدّ لأي قضيّة أو مسألة على موافقة 50+ 1 في كلّ إقليمويأتي ذلك بهدف تساوي الأصوات ما بين الأقاليم الثّلاثة، وبالفّعل فقد عقد مجلس النواب جلسة بالخصوص ولكن ونتيجةً للخلاف القائم بين أعضاء مجلس النواب لم يتم اعتمادها وتأخّر ذلك".
وتابع "طالبنا من اللجنة الاستشارية بالمجلس أن تبدي رأيها بالخصوص ولكن اعتذرت اللجنة،" مضيفا "طالبنا حينئذٍ الإحالة إلى اللجنة القانونية التّابعة لمجلس النّوّاب والتي بالفّعل وافقت على الرأي الذي قدّمته مكتوباً وينصّ على (تقديم توقيعات وموافقات مبدئيّة) يتمّ تضمينها لمعرفة الموافقين على مشروع الاستفتاء على الدستور وضمان عدم عرقلتهم أثناء الطرح من جديد، وبالفّعل هذا ما حدث" مردفا "إنّ التوقيعات الأخيرة ما هي إلّا طلب لعقد جلسة حول مناقشة تعديل الدّستور وقانون الاستفتاء بعدما وقّع ما يقارب عن 130 عضو بالموافقة من أصل 210 عضو".
وشدد على أن "ما حدث ليس تصويت ولم يكن هناك تصويت أصلاً، بل ما حدث هو تقديم مقترح ووافق عليه عدد من النّواب، وهو قد قدّم كتابيّاً ويجوز أن يقدّم حتّى شفوياً وهذا شيء دارج في عرف البرلمانات وليس بالأمر الغريب، أمّا مسألة التصويت على قانون الاستفتاء أو التعديل الدستوري فهي لا تتمّ إلّا من خلال إبداء النواب بمختلف توجّهاتهم ورؤاهم ضمن قاعة البرلمان".
ولفت صالح الى وجود تدخّلات خارجيّة في ليبيا وأطماع داخلية تتمثّل في عدم إيجاد صيغة توافقية واستمرار حالة الخلاف وبقاء "الوضع كما هو عليه" وهو "انعكاس لحالة استمرار الفوضى لتحقيق منافع ومكاسب ضيّقه ونوع العقوبات هذه كنوع من التّدخّل".
وبخصوص العقوبات التي جددها الاتحاد الاوروبي على صالح فقال "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنصّ ولا عقوبة إلّا بناءً على ارتكاب جرم، وهنا رئيس البرلمان لم يرتكب جرم بل على خلاف من ذلك نحن نبذل الجهود السياسية والقانونية والدستورية من أجل حلّ الخلاف بيننا، أم الخلاف فهو قانونيّ ودستوريّ وليس سياسي".
وأضاف "أكرّر أنّ رئيس مجلس النواب لم يرتكب جرم لكي تفرض عليه عقوبات إلّا لكونه عضو بمجلس النواب، وعندما قُدّمت حكومة الوفاق بقيادة فائز السراج كنت من ضمن من رفضوا هذه الحكومة باعتبار أنّني أرى أنها ضعيفة ولا يمكنها قيادة ليبيا في هذه المرحلة الصعبة التي تمرّ بها البّلاد وهذا ما حدث بالفعل، الحكومة لها ما يقارب عن عامين ولم تتمكّن من انجاز استحقاق مهم وهو بسط الأمن وتوحيد المؤسسات الدولة".
وتابع صالح "انا عضو بمجلس النواب كبقية الأعضاء وليس لديّ تأثير على النواب الّذين هم لديهم رؤى وتوجّهات تختلف فيما بينها وهي ظاهرة صحية، ولكن على الصعيد الاجتماعي فلديّ الكريزمة المبنية على تاريخ .. ولكن لا يمكن أن افرض شيء على الليبيين وبالعكس من ذلك فقد قمت كواجهة اجتماعية بحلحلة العديد من الأمور الاجتماعية والسياسية في ليبيا وتواصلت مع العديد من النخب والقيادات الفعاليات الاجتماعيّة ولعلّ أزمة طرابلس الأخيرة كان لها دور في حل وتقريب وجهات النظر".
وجدد صالح الدعوة "لتحقيق المصالحة بين الليبيّين واستخدم كل ما يملكه من قوى التأثر بين المكونات الليبية لتحقيق المصالحة على مختلف الأصعدة".
ولفت صالح إلى أن "العقوبات ليس لها أساس قانوني بل أوجدت من أجل لي ذراع عقيلة صالح بهدف الموافقة على منح ثقة لحكومة السراج وهو موقف قانوني ودستوري إذاً وليس خلاف شخصي" وأردف "لذلك وما عزز موقفي الشخصي الذي يستند لضوابط ومعايير قانونية ودستورية أن من دعم حكومة الوفاق الوطني من نواب وغيرهم قد رجع عن موقفه مستنداً لنفس الأسباب والحجج القانونية التي استَنِدُ اليها، اي ما يقارب عن 80 % منهم اقتنع بذلك".
ودعا صالح إلى إعادة النظر في العقوبات الأوروبية "خاصة أنها ذات بعد سياسي وليس قانوني" مردفا "العقوبات تفرض على جرم، وأنا شخصياً رجل قانوني ودستوري لم ارتكب ما يعيق القانون والتوافق الليبي ناهيك عن أنّ التزامي باللوائح والقوانين هو جزء مهم في تكوين الدولة" كما أني "أؤمن بالانتخابات والتداول السلمي للسلطة".
وحول موقفه من اشتباكات طرابلس قال صالح "بكلّ وضوح وصراحة اعتقد أن هذه الأحداث والاشتباكات الدامية يتحمّلها بالدرجة الأولى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني كونه أعطى وشرعن تلك المجموعات المسلحة واحتمى بها داخل العاصمة ولم يعمل على تفكيكها وإنهائها وهذا أيضا ينصب في مجمل المواقف التي تبنّيناها من حكومة الوفاق الوطني".
وتابع "إنّ مجلس النّوّاب أصدر ومنذ تولّيه مهامّه التشريعيّة في عام 2014 قراراً بحلّ تلك التّشكيلات المسلّحة وصنّف جزءاً منها كتشكيلات إرهابية نتيجة الانتماءات الإيديولوجية المتطرفة".
وزاد "طالبنا العديد من المرّات بإنهاء تلك المجموعات المتطرفة والمسلحة وإنهاء تواجدها بالعاصمة التي أخذت طابعاً شرعيّاً نظراً لسياسات سيئة وارتجالية اعتمدتها حكومة الوفاق الوطني."
وبشأن ما تردد حول رفض صالح مقابلة خالد المشري، رئيس مجلس الدولة، قال "نحن لسنا ضدّ أيّ مشروع مصالحة وتهدئة بين الليبيّين" مضيفا "من حيث المبدأ ومن الناحية العرفية أيضا فنحن لا يمكن أن نصدّ أو نرفض مقابلة الخصم مهما كان بيننا، فالوطن يستحقّ الكثير من التنازلات" ولكن "هناك أسس قانونيّة ودستوريّة وهي مهمّة، فمن الناحية القانونية مسمّى (رئيس المجلس الأعلى للدولة) لا يوجد كون مجلس النواب لم يعتمد الاتفاق السياسي والتعديل للإعلان السياسي والذي ينص على أنّه بمجرّد أن يعتمد مجلس النواب الاتّفاق السياسي يتمّ تسمية اسم رئيسه بعد عشرة أيام من الاعتماد، وهذا ما لم يحدث. إذاً هناك خلل قانوني ودستوري. أيضا هناك لجنة معنيّة بالحوار منبثقة عن مجلس النّوّاب هي الوحيدة المخوّلة بالتعديل والاتّفاق ومناقشة الاتّفاق السياسي".