تعتبر ليبيا بلدا محدود الموارد الطبيعية بشكل كبير، إذ تشكل الصحراء القاحلة 90% من مساحتها المقدرة بنحو 1.8 مليون كيلومتر مربع، بحسب دراسة الاستراتيجية الوطنية للأمن المائي الصادرة في العام 2011 عن مجلس التخطيط العام الذي كان يتبع الجهاز التشريعي للدولة في السابق، ويتبع حاليا المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني.
أزمة المياه عبء جديد على كاهل المواطن الليبي يضاف إلى أزمات الكهرباء والسيولة النقدية. هي أزمات يومية ترافق سكان العاصمة طرابلس الذين لجأوا في مواجهة هذه الأزمة الجديدة إلى حفر الآبار لحلّ المشكلة.
فضلا عن شحّ الموارد المائية، فإن المتاحة منها تشهد إستهدافا من المجموعات المسلحة أثناء إقتتالها ما يجعل إنتفاع الشعب الليبي بالماء رهين إستقرار و هدوء الأوضاع.
إستهداف النهر الصناعي
أكد جهاز النهر الصناعي بمنظومة الحساونة سهل الجفارة على أن مجموعة مسلحة إقتحمت محطة الكهرباء الرئيسية و أجبرت فنيي الشركة على فصل التيار عن حقول آبار مياه الحساونة مما أدى إلى خروج جميع الآبار العاملة ومحطات الضخ بالمنظومة عن الخدمة.
الجهاز أوضح بحسب مكتبه الاعلامي أن إنقطع التيار أدى إلى توقف ضخ المياه من حقول أبار مياه الحساونة عن مدينة طرابلس وبعض مدن المنطقة الغربية والوسطى.
وأشار الجهاز إلى أن المجموعة المسلحة طالبت بتحقيق العدالة في برنامج طرح الاحمال الكهربائية عن مدن الجنوب وبعد التفاوض معها أعيد التيار الكهربائي،موضحا أن العمل جاري على شحن محطات الكهرباء الفرعية بالحقول.
وتوقع الجهاز أن يتم تشغيل الآبار ووصول المياه تدريجيا إلى مدينة طرابلس وباقي المدن يوم الجمعة القادم.
الجهاز نأى بنفسه عن كافة الخلافات والصراعات،مشيراً إلى أنه جهة خدمية تقدم الإمداد المائي لكافة المواطنين مطالبا في الوقت نفسه الجهات الأمنية والعسكرية بالدولة بتحمل مسؤوليتها لحماية حقول آبار مياه الحساونة ومسارات أنابيب المياه بالمنظومة.
يُشار إلى أن سكان العاصمة طرابلس إستفاقوا صباح اليوم الخميس على إنقطاع جديد للمياه على الرغم من إنتظامها خلال الأسبوع الماضي.
يرى مراقبون أن الليبيون أنه مجال حيوي آخر أمسى مجالا للصراع بين المجموعات المسلحة تتلاعب بحياة الليبيين و أنه لم يسلم من هذا التدافع أي قطاع و هو مؤشر كارثي على فشل الدولة في توفير الحد الأدنى من الحماية لمواطنيها.
أزمة الآبار
مؤخراً، أعلنت إدارة النهر الصناعي أنّ مجموعة مسلحة هددت بنسف مولدات الكهرباء وتخريب الآبار إذا لم يجرِ وقف إمدادات المياه عن تلك المدن التي تسيطر عليها حكومة الوفاق، مؤكدة أنّ المياه لن ترجع إلاّ إذا استجابت السلطات لطلب هؤلاء المسلحين بإطلاق سراح أحد قادتهم المعتقل لديها في طرابلس منذ أكثر من شهرين.
يقول إسماعيل، وهو مالك أحد حفارات الآبار، إنّه حفر ثلاث آبار خلال هذا الأسبوع، مؤكداً أنّ الطلب يتزايد على حفّاره وعلى حفارات غيره ممن يزاولون المهنة نفسها وهو ما يشير إلى أنّ الطلب الكبير على الحفر من قبل سكان العاصمة دليل على بحثهم عن بدائل لإمدادات النهر الصناعي.
وعن أسعار وعمق الآبار المحفورة، يقول إسماعيل لأنّ متوسط العمق هو ثلاثون متراً، ويتراوح سعر حفر البئر الواحدة ما بين ستة آلاف دينار ليبي وتسعة آلاف (سعر الدولار الأميركي الرسمي هو 1.40 دينار ليبي).
الملفت في حديث إسماعيل أنّ الطلب على حفر الآبار لا يقتصر على سكان المنازل والأحياء المترفة فقط، بل يؤكد أنّ سكان العمارات الشعبية هم أيضاً اتجهوا للاشتراك في حفر آبار جماعية بعمق أكبر، لمواجهة انقطاع المياه، إذ إنّهم أكثر شرائح المدينة تضرراً.
العطش في الظلام
ليس فقط العطش الذي يعاني منه أهالي طرابلس، فالعاصمة رفعت شعار "العطش في الظلام" لا مياه ولا كهرباء، حيث أعلنت الشركة العامة للكهرباء، يوم 6 سبتمبر أنّ الأحداث التي شهدتها طرابلس أثرت سلبًا على الشبكة العامة، وأدت إلى اختناقات في الوضع التشغيلي والناجمة عن إصابة عدد 4 أربع دوائر نقل (220 ك.ف)، مؤكدة أن طرابلس مقبلة على حالة إظلام تام ما لم يتم عمليات الصيانة فورا.
وأوضحت الشركة، أن اثنتان من دوائر النقل المصابة تربط بين محطتي جنوب طرابلس وشرق طرابلس، وواحدة تربط بين محطتي الهضبة الخضراء وشرق طرابلس، والأخرى بين محطتي الهضبة الخضراء وعين زارة (الواقعة في نطاق منطقة الاشتباكات الأخيرة)، حيث حدثت هذه الإصابات بسبب الاشتباكات التي دارت خلال الأيام الماضية.
وأكدت أنّ فنيي الشركة بمركز التحكم الوطني ومحطات توليد الطاقة الكهربائية ومحطات التحويل للجهد الفائق، على إصلاح الأعطال الناجمة عن أحداث طرابلس، لإعادة بناء الشبكة العامة مجددًا للوصول إلى عودة التغذية الكهربائية تدريجيًا، الأمر الذي يتطلب ساعات.
وتابعت الشركة في بيانها: "بالنظر لعدم تمكن الفرق الفنية التابعة للشركة من الدخول إلى المواقع المطلوب إجراء عمليات الصيانة بها، ومن ثم إعادة الوضع التشغيلي إلى ما كان عليه قبل حصول الإصابات، ونتيجة الظروف التشغيلية الصعبة التي ترتبت على هذا الوضع، والذي تزامن مع خروج بعض وحدات توليد الطاقة الكهربائية اليوم، فقد أدى ذلك إلى حدوث انهيار تام في الجناح الغربي للشبكة العامة (من سرت شرقا حتى الحدود الغربية للبلاد، بالإضافة إلى المنطقة الجنوبية أي مناطق فزان".
وطالب عبد المجيد حمزة رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء انهيار الشبكة العامة، محذرا من دخول المنطقة الغربية بالكامل لحالة الإظلام التام نتيجة استهداف محطات التوليد ومحطات الجهد المتوسط وخطوط نقل الكهرباء، وأن كافة الجهود التي بذلت فيما سبق كانت مؤقتة وأن وضع الشبكة الحالي بحاجة لأكثر من أربع محطات توليد.