ألقت الحرب الدائرة على تخوم العاصمة طرابلس منذ الرابع من أبريل الماضي ظلالها على ملف الاستثمارات الأجنبية في البلاد وخطط إعادة الإعمار في البلاد.

من ذلك،اجتذب أنظار الكثير من الجهات التي تسعى للبحث عن موطئ قدم في المشروعات المرتقبة حيث بدأ حديث الأوساط الاقتصادية المحلية والدولية عن خطط إعادة إعمار ليبيا التي تقدر تكلفتها مليارات الدولارات.

ويقدر البنك الدولى فاتورة إعادة إعمار ليبيا بنحو 100 مليار دولار، فيما أشار رئيس الاتحاد الليبي للمقاولين، عبد المجيد كوشير، إلى رصد 300 مليار دينار لإعادة الإعمارمشيرا خلال مؤتمر اقتصادي في مصر في شهر يونيوإلى الحاجة لأكثر من ثلاثة ملايين عامل مدرب.

لكن رئيس لجنة إعادة الإعمار أسامة الكزة يقول إن إعادة إعمار بنغازي فقط تحتاج إلى 50 مليار يورو، وذلك في الوقت الذي لا تزال تعاني فيه المدينة من تراكمات الحرب التي دمرت البنية التحتية في أغلب الأحياء، مشيرا إلى أن "الميزانية المتاحة حاليًا هي 500 مليون دينار فقط لاستعادة الخدمات الأساسيةولكن المدينة مدمرة".

في ذات السياق،تحدثت فورين بوليسي في عددها ليوم 22 أغسطس 2019 عن الصراع الخفي الدائر بين القوى العظمى حول إعادة إعمار ليبيا بعد أكثر من أربعة شهور من اندلاع الحرب على طرابلس.

وأكدت الصحيفة الأمريكية أن التنافس حول عقود إعادة الإعمار المربحة يجعل الصين وروسيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها تمنع الصراع من الانتهاءوأن الوضع الحالي بجموده ومراوحته يلعب لمصلحة الصين وروسيا باعتباره سوف يفتح الإمكانية لإعادة توزيع الأوراق في علاقة بصناعة النفط والغاز، ويمنح الأمل للروس والصينيين في الحصول على نصيب من الكعكة الليبية في اطار المحاصصات التي قد يتم إبرامها تحت الطاولة حسب موازين القوى وقدرة كل قوة على التأثير في مجريات المواجهة بين الفرقاء الليبيينففي الوقت الذي يتطلع الصينيون إلى مزيد تثبيت الأقدام في قطاع الإنشاءات والبنية التحتية والنفط، يبدو الروس أكثر ميلاً إلى مجالات الغاز والتسليح وتوريد التقنية.

ويمثل اعادة الاعمار في ليبيا فرصا تجارية كبيرة لاطراف كثيرة في انحاء العالم ولن تستطيع اي دولة من الدول ان تنفرد وحدها بكعكة اعادة البناءوهو ما يجعل الصراع علي الفوز بأكبر قدر من عمليات اعادة الاعمار هدفا رئيسيا للعديد من الدول وفي مقدمتها فرنسا وايطاليا وبريطانيا وامريكا.

من جانب آخر،رأت بلومبرغ أن التدخل غير المبرر لأردوغان في ليبيا، يحمل في طياته أطماع اقتصادية واضحة، وذلك على الرغم من محاولته إيهام الميليشيات التي يتعاون معها في طرابلس بأن الهدف السياسي هو ما يقف وراء تدخله بشكل رئيسي.

وأكدت أن مشروعات إعادة إعمار ليبيا تظل في مخيلة أردوغان ولا تغيب عن فكره، خاصة وأنه يبحث بشكل دائم عن مشروعات يمكن أن تنشط وتيرة الشركات الاقتصادية في تركيا، والتي عانت بشكل واضح على مدى العام الماضي من ضعف شديد في الآونة الأخيرة.

وتضع تركيا عينها على العديد من مشروعات إعادة الإعمار في ليبيا، والتي تصل قيمتها إلى 18 مليار دولار بشكل عام، الأمر الذي يختم عليها الدخول كحليف رئيسي للميليشيات المسلحة في طرابلس بمواجهة الجيش الوطني الليبي.

وتولي العديد من الدول الكبرى، على غرار فرنسا وإيطاليا، اهتماما كبيرا بالوضع السياسي والاقتصادي في ليبيا، أملا في المساهمة في إعادة إعمارها، كما تتطلع دول الجوار أيضا إلى الحصول على دور متقدم في إعادة إعمار جارتها ليبيا، إذ تعتبر هذه الدول وخاصة مصر وتونس، المرشح الأكثر حظا للفوز بحصة مهمة نظرا لعلاقات الجوار ومعرفة هذه الدول بمتطلبات السوق الليبية.

إلا أنه يرى مراقبون أنه في نهاية المطاف ستكون العقود المهمة لإعادة الإعمار من نصيب الشركات العبرقطرية نتيجة لإمكانياته الكبرى و وزن دولها الأم في الساحة الدولية حيث لن تتمكن دول الجوار إلا من حصد الفتات أو تحسن المبادلات التجارية و التعاون الإقتصادي إثر إستقرار الوضع الأمني.