نتابع في موقع بوابة أفريقيا الإخبارية، بعرض سلسلة من المقالات القصيرة، الغنية والمفيدة، تتصدى لظاهرة تفشي الأخطاء اللغوية، وهي أخطاء كثيرة ومتكررة، تكاد تطرد يومياً فيما يسمع ويقرأ، والكل يعلم خطورة الكلمة ووقعها في النفوس، ودورها في تقويم اللسان أو إفساده ، فكان والحالة هذه، أن تسلم حتى يسلم اللسان، وأن تساهم البوابة، في توعية لغوية ـ إن صح التعبير ـ حتى تنسجم لغة الإعلام مع جهود المدرسة، إذ الكل يعلم أنّ المدرسة لم تعد وحدها مصدر المعرفة، وأنّ وسائل أخرى كثيرة مما يعرف بمصادر المعرفة قد زاحمتها، بل استأثرت بمكانتها... وما هذه السلسلة من المقالات التي سننشرها اتباعاً، إلا محاولة متواضعة، ومجرد تنبيه إلى الأخطار المحدقة بلغتنا.

الفروق اللغوية: 

إذا كانت بعض اللغات في العالم بدأت تنقرض، فلغتنا العربية خالدة خلود الزمان، لأن القرآن الكريم حفظ لنا اللغة العربية، وقد قالت العرب: النحو ملح العربية، وقال الأزهري: الإعراب هو الإبانة، وقال بطليموس: ما مات من أحيا علماً ولا افتقر من ملك فهماً، في اللغة العربية تدق المعاني ومن هنا نشأت الفروق في اللغة العربية ولكثرة الفروق في الكلام أصبح أي عالم أعجز من أن يحيط بها جميعاً.‏ المترادفات ليست في معنى واحد، بل هي في معان متقاربة، لذلك أذكر بعض الفروق في كلامنا العربي كنماذج أبينها للقارىء. ـ الفرق بين الصفة والنعت: الصفة أعم من النعت فتقول صفة الله ونعت الخليفة، فالصفة لا تتغير والنعت يتغير.‏ والفرق بين لم ولمّا: لم تنفي نفياً بعيداً، ولما تنفي نفياً قريباً، أما لم فهي جازمة للفعل المضارع ونعربها (حرف جزم ونفي وقلب) غير أن لم أيضا تنصب الفعل المضارع عند بعضهم كما زعم اللحياني في قراءة بعضهم لقوله تعالى: (ألم نشرح لك صدرك) كما جاء في كتاب الشرح وقراءة ثانية بالنصب (ألم نشرحَ لك صدرك) وترفع لم الفعل المضارع بعدها أيضاً كقول الشاعر:‏ لولا فوارس من نعم وأسرتهم   يوم الصليفاء لم يوفون بالجار‏ 

معنى هل: في قوله تعالى: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً)، فهل هنا استفهام تقريري أي بمعنى قد للتحقيق قبل الفعل الماضي فيكون المعنى: قد أتى على الإنسان حين من الدهر، فالله سبحانه وتعالى لا يسأل وهو أعلم بالسؤال قبل السؤال وبالجواب قبل الجواب.‏ 

ـ فعل تبارك:‏ فعل ماض جامد لا يتصرف فلا يأتي منه مضارع ولا فعل أمر ولا اسم فاعل وليس له مصدر ولا يستعمل في غير الله تعالى (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً)، (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير).‏ 

ـ معنى الضيف: يكون بمعنى المفرد ويكون بمعنى الجمع، قال تعالى: (قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون) وكذلك الطفل، قال تعالى: (ثم نخرجكم طفلاً).‏ 

ويكأن: ألم تعلم، وقال أبو عبيدة: ألم تر، (وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون).‏ 

الفرق بين القسم والحلف: القسم أبلغ من الحلف.‏ 

ـ الفرق بين بلى ونعم: بلى لا تكون إلا جواباً لما كان فيه حرف جحد، نحو قوله تعالى: (ألست بربكم قالوا بلى) ونعم تكون للاستفهام بلا جحد نحو قوله تعالى: (فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً، قالوا نعم).‏ 

ـ حول معاني الصلاة: الصلاة من الله: الرحمة، الصلاة من الملائكة: الاستغفار، الصلاة من المؤمنين: الدعاء، والصلاة في التنزيل الحكيم لها ثمانية معان الدين: قال تعالى: (قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن تترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد).‏ 

القراءة: قال تعالى: (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا).‏ 

الدعاء: قال تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم).‏ 

ـ الفرق بين الفترة والمدة: الفترة (622) سنة بين سيدنا عيسى عليه السلام وسيدنا محمد (ص) قال تعالى: (على فترة من الرسل والمدة: مدة زمنية قد تطول وقد تقصر.‏

ـ أكثر كلمة دلالة واستعمالا في كلام العرب كلمة شيء، فالله شيء، قال تعالى: (قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم).‏

فرادى: اختلف علماء اللغة في فرادى، هل هو جمع أم لا؟ والقائلون هو جمع اختلفوا في مفرده، فقال الفراء: فرادى جمع فرد وفريد وفردان، وقال ابن قتيبة: هو جمع فردان كسكران وسكارى، وعجلان وعجالى، وقال قوم: هو جمع فريد كرديف وردافى وأسير وأسارى قاله الراغب وقيل هو إسم جمع لأن فرداً لا يجمع على فرادى، وقول من قال: أنه جمع له، فإنما يريد في المعنى ومعنى فرادى: فرداً فرداً (ولقد جئتمونا فرادى).‏

ـ سقط في أيديهم: سقط في يده: ندم كما قال الزجاج وهذه اللفظة لم تسمع قبل القرآن ولم تعرفها العرب في النظم والنثر جاهلية وإسلاماً (ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا).‏

ـ الفرق بين الرؤيا والرؤية: الرؤيا مصدر رأي الحلمية، والرؤية مصدر رأى العينية، قال أبو البقاء: الرؤيا تستعمل في المنام خاصة، قال تعالى: (لا تقصص رؤياك على إخوتك، يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون).‏ 

وقال ابن هشام في أوضح المسالك: ولا تختص الرؤيا بمصدر الحلمية بل قد تقع مصدراً للبصرية.‏ 

ـ طوبى: مصدر من الطيب كبشرى وزلفى ومعنى طوبى لك أصبت خيراً طيباً ومحلها النصب أو الرفع كقولك طيباً لك وطيبٌ لك وسلاماً لك وسلامٌ لك وطوبى مؤنث الأطيب وجمع طيبة وهذا من نوادر الجموع.‏

ـ اختلاف معاني حين باختلاف الموقع: قال تعالى: (ومتاع إلى حين) إلى يوم القيامة، (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) مدة ستة أشهر حيث أن شجرة النخيل تعطي كل ستة أشهر، (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون) فقط من المساء حتى الصباح.‏ 

ـ الفرق بين الأحد والواحد: الأحد إسم أكمل من الواحد وفي الأحد خصوصية ليست في الواحد فيستعمل في الإثبات والنفي والأحد ممتنع الدخول في الضرب والعدد والقسمة وفي شيء من الحساب بخلاف الواحد. قال تعالى في سورة الإخلاص: (قل هو الله أحد)، وجاء في محيط المحيط: الأحد إسم لمن لا يشاركه شيء في ذاته، والواحد إسم لمن لا يشاركه شيء في صفاته.‏

ـ أرجائها: جوانبها، جمع رجا ويكتب بالألف لأنه من ذوات الواو، والمثنى منه رجوان ولم تستعمل هذه اللفظة إلا مجموعة لأن الجمع يلبسها ثوباً من الحسن لم يكن لها في المفرد أو ا لمثنى وقد تستعمل مفردة بشرط الإضافة (والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية).‏

ـ أبواب الجنة وأبواب النار: أبواب الجنة ثمانية، ولذلك قال أهل الشام: لدمشق ثمانية أبواب على عدد أبواب الجنة، أبواب النار سبعة قال تعالى:( لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم).‏ 

ـ الفرق بين العلم والمعرفة: المعرفة أخص من العلم لأنها علم بعين الشيء مفصلاً عما سواه والعلم يكون مجملاً، وجاء في الكليات لأبي البقاء: العلم يقال لإدراك الكلي أو المركب والمعرفة تقال لإدراك الجزئي أو البسيط ولهذا يقال: عرفت الله لا علمته.

يتبع