أدى انتشار الأسلحة في ليبيا بعد انهيار نظام العقيد القذافي إلى تغذية التنظيمات الجهادية أو كتائب الثوار الموالية لها وإلى تأزيم الأوضاع، حيث أكد العديد من المراقبين أن خروج الأسلحة من أيدي السلطات الشرعية قد ساهم بشكل مباشر في تصاعد أعمال العنف، محذرين من أنه في حال عدم جمعها وإعادتها إلى مخازن الجيش ستكون ليبيا أمام تحديات كبرى ربما لن تقوى على رفعها.

وأكدت مصادر إعلامية أن تقريرا استخباراتيا أميركيا كشف قيام دول غربية وإقليمية بإمداد معارضي القذافي في ليبيا بأنواع مختلفة من الأسلحة إبان ثورة فبراير 2011.

وذكر التقرير الواقع في 16 صفحة والذي اطلعت عليه جريدة “واشنطن تايمز" الأميركية، أنواع الأسلحة التي حصل عليها الثوار المدعومون من حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وأشار التقرير إلى أنّ بعضهم كان على صلة بتنظيم القاعدة، وفق ما ذكرته الصحيفة أمس الأول.

وجاء في التقرير أنَّ حلف “الناتو” صرّح بتوريد عدد من الأسلحة بينها صواريخ أرض جو ودبابات، وصلت جوّا إلى مطار بنينا في بنغازي ومطارات أخرى في تونس.

وأورد التقرير وصول شحنات من الأسلحة جوّا وبحرا إلى معارضي القذافي الذين كانوا على صلة بالتنظيمات المتشددة ورصدتها أجهزة المخابرات الليبية.

وكشفت محادثة مسجّلة، في 24 يوليو 2011، بين مسؤول من المخابرات الأميركية ومحمد إسماعيل، أحد ضباط المخابرات في عهد القذافي، أنّ الإدارة الأميركية درست إرسال جزء من أصول الأموال المجمدة للقذافي إلى المعارضة، كما جاء في التقرير.

وقال المسؤول الأميركي “أقوم بالاتصال مع بعض الأشخاص في بنغازي وأخبروني بأنَّهم سيستخدمون تلك الأموال لشراء الأسلحة والتدريبات”.

وحسب يومية العرب، حذَّر التقرير من وجود صلات بين بعض فصائل الثوار وتنظيم القاعدة ومنظَّمة الجهاد في ليبيا.

وأظهر بعض الوثائق والمحادثات المسجّلة مع مبعوثين أميركيين مخاوف بعض المسؤولين الليبيين من انتشار تلك الأسلحة التي تصل إلى المعارضة، وبالتالي تحويل مدينة بنغازي إلى ملاذ للجهاديين، كما جاء في التقرير اتهامات لدولة قطر بتمويل المعارضة.

وتعاني ليبيا من معضلة السلاح بسبب غياب الدولة واستشراء الفوضى، فمنذ الإطاحة بنظام القذافي أصبحت ليبيا خزّانا للأسلحة استثمرها المتشددون والجماعات الموالية للإخوان لتنفيذ خططهم بغية السيطرة على المدن المحورية مثل طرابلس وبنغازي وبرقة ودرنة وغيرها.

وأمام تدهور الأوضاع الأمنية واستفحال الظاهرة الإرهابية، ناشد عبدالله الثني رئيس الحكومة الليبية الشرعية، في وقت سابق، المجتمع الدولي المساهمة في الحرب على التطرف الإسلامي والإرهاب وذلك برفع الحظر على السلاح للجيش الحكومي.

ودعا في المقابل إلى قطع إمدادات السلاح عن الجماعات المتطرفة و"ردع" الدول التي قال إنها تدعم هذه الجماعات وتؤجج الصراع بين الفرقاء.

وقال الثني في لهجة لا تخلو من العتب إن “المجتمع الدولي صنف أنصار الشريعة في ليبيا ومواليها، كتنظيمات إرهابية، ويقود تحالفا دوليا للقضاء على هذه الجماعات في العراق وسوريا أما في ليبيا فإن الجيش يقاتل وحيدا هذه الجماعات دون أن يتلقى أي دعم”.

يشار إلى أن يودجين ريتشارد غاسانا، رئيس لجنة العقوبات بحق ليبيا في مجلس الأمن الدولي أعلن، في وقت سابق، أن غياب الرقابة المركزية على مستودعات الأسلحة في ليبيا أسفر عن تحول البلاد إلى أكبر مصدر للسلاح غير الشرعي في العالم. وأفاد أن غالبية المستودعات العسكرية تقع تحت سيطرة مجموعات “غير حكومية وشبه عسكرية”، مؤكدا أن غياب السيطرة الفعالة على الحدود أدى إلى “تحول ليبيا إلى أهم مصدر للسلاح غير الشرعي، بما في ذلك الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات”.

يشار إلى أنه بعد سقوط نظام العقيد القذافي تحولت ليبيا إلى قبلة لجماعات متشددة، ينتمي أغلبها لتنظيم القاعدة أو للإخوان المسلمين، ووجدت هذه الجماعات دعما من دول مثل قطر وتركيا ما مكنها من تكوين ميليشيات واقتطاع أجزاء من الأراضي الليبية وإقامة كيانات صغيرة خاصة بها مثلما يجري في طرابلس على يد ميليشيا “فجر ليبيا”، أو في بنغازي على يدي ميليشيا “أنصار الـشريعة” الـتي بايعت خلافة “داعـش”.