يبدو أن الطائرة الشخصية السابقة للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، لن تحقق الرقم القياسي في البقاء جاثمة على الأرض، بعدما قرر القضاء الفرنسي رفع يده عنها لأول مرة منذ مصادرتها إثر الإطاحة بالقذافي في نهاية 2011، وذلك لصالح مجموعة الخرافي الكويتية. ولكن جلسة استماع جديدة مقررة في أواخر يناير القادم لتحديد شروط بيع الطائرة، تشي بأن التشويق مستمر في شأنها.

على عشب مطار بيربينيان جنوب فرنسا ، تقف الطائرة على جنبات نهر لالبانير النهر الصغير الذي يمتد على طول المطار . وقد كانت تثير اهتمام دائني ليبيا. مصيرها كان بين يدي محكمة بيربينان الفرنسية، وليس في طرابلس أو طبرق.
أما على الطرف المقابل ، فتربض طائرات شبه ميؤوس منها. توجد طائرة من طراز ماكدونيل دوغلاس منذ عام 2012 ، وكان آخر مالك للطائرة هي شركة النقل الجوي الإسبانية IMD  التي أفلست. وإلى جانب هذه الطائرة ، طائرة أخرى من طراز بوينغ 727 وقد فقدت بضعة مربعات من جسمها ، مالكها الرسمي شركة الخطوط الجوية الموريتانية التي لم يعد لها وجود . لا الشركة الجوية الموريتانية الجديدة ولا الرئيس الموريتاني الحالي يبدوان راغبين في تسوية ديون سلفهم. هذه الطائرة حطت في مطار بيربينيان منذ 11 عاما.

قصة الطائرة الليبية وهي من  طراز إيرباص A340 لم تبدأ مع القذافي. ففي عام 1996، سلمت شركة إيرباص الأوروبية الطائرة للأمير جفري بلقيه ، شقيق سلطان بروناي. وقد أعاد هذا المقامر ترتيب المقصورة الـ VIP . بحيث أنفق ما مجموعه 250 مليون دولار على تهيئة هذه الطائرة التي لم يستفد منها.
إذ اتُهم باختلاس حوالي 15 مليار دولار من المال العام، ليتبرأ منه سلطان بروناي، الذي قام ببيع الأصول التي كدسها أخوه. وفي عام 2000 ، قام الأمير الوليد بن طلال، أحد أكبر أثرياء المملكة العربية السعودية، والآن صاحب فندق جورج الخامس في باريس، وثاني أكبر مساهم في تويتر، بصفقة جيدة: اشترى الطائرة بـ 95 مليون دولار.

أما أسرار بيع الطائرة  للقذافي في عام 2006 ، بعد عدة سنوات من المفاوضات، فقد تم كشف النقاب عنها في محاكمة في لندن في عام 2013 ، في قضية تجمع الوليد بن طلال، وسيدة أعمال أردنية مقربة من القذافي كانت تطالب بعمولتها.
العقيد الذي كان المجتمع الدولي بدأ التودد إليه، اقتنع بأنه يحتاج إلى واسطة نقل تليق بمكانته الجديدة. لكنه تردد بين الطائرتين اللتين اقترحهما عليه الوليد : واحدة من طراز بوينغ 767 وأخرى من طراز إيرباص A340. وقد اختار الأخيرة (إيرباص) لأسباب أمنية ، فهذه الطائرة تتوفر على أربعة محركات، أما الثانية فلديها محركان فقط ، وفقا للشهادات التي جمعتها القاضية.
غير أن القذافي أحجم في البداية عن دفع 120 مليون دولار المطلوبة ، قبل أن يعود ويوافق على الدفع، عبر صفقة تسمح بتمويه جزء من قيمتها. رسميا، لن يدفع القذافي سوى 70 مليون يورو ، حتى لا يقال بالتالي إن قائد الثورة اشترى الطائرة بسعر أغلى من السعر الذي اشتراه بها مالكها السابق.

وكان دائنو ليبيا حددوا سعر الطائرة في 62 مليون يورو ، دون أن يتمكنوا من تقييمها. ويقول أحد الخبراء : "هذا النوع من الطائرات سعره مرتفع ومنخفض في الوقت ذاته".
"بالنسبة لهذه الطائرة A340 بمقصورة الـ VIP، فالسوق صغير"، وفق خبير آخر ، "ويمكن المراهنة على مبلغ بين 40 و 50 مليون يورو . هذا الطراز من الطائرات يستحق الكثير، ولاشيء في الآن عينه. طائرة من هذا القبيل، لدينا عدد قليل منها في العالم. إنها مثيرة للاهتمام بالنسبة للحكومات و لبعض الأسر في أنحاء العالم، لكنها مكلفة للغاية في الصيانة، كما أنها من الطائرات التي يصعب التعامل معها".