علىأقصى أطراف الشمال الغربيللجمهورية التونسي وعلى بعد 220 كم من العاصمة تونس، تقع مدينة طبرقة لؤلؤة الساحل الغربي، مدينة تسرّح ضفائرها على ضفاف البحر الأبيض المتوسّط ،تعانق زرقته الجبال و الغابات والقلاع و المعالم التاريخية، هي " بلاد العليق أو موطن الظلال" أو " ثابركة" كما أطلق عليها الفينيقيون منذ2800  عاما، كانت بوابة المراكب الرومانية يحمّل عبرها الفلين و الرخام و الحبوب و غيرها من الأنشطة التجارية،راوحت على مر العصور بين التدهور والازدهار.

عرفت طبرقة ومع بدايات القرن العشرين توافد الايطاليين خاصة المغرمين منهم بالصيد وحتى زمن غير بعيد كانوا يعودون إلى بلادهم بالمرجان وبأفضل أنواع السمك.. آثارهم ما تزال قائمة إلى حدود اليوم فها هي القلعة التي شيّدها البعض منهم – من أهالي جنوة – خلال القرن "16 م" لا تزال تطلّ من أعالي تلك الجزيرة الصغيرة المقابلة للمدينة.اما المدينة الحالية فقد شيدهامعمرون إيطاليون وفرنسيون "أواخر القرن 19 م"، تحمل العديد من المعالم التاريخية ولعل أبرزها معلم "البازيليك" و هو في الحقيقة عبارة عن صهاريج حولت خلال فترة الاستعمار الفرنسي إلى كنيسة، ثم أصبحت غداة الاستقلال قاعة للعروض الفنية.

ما بين سحر و سحر يأخذك سحر هذه المدينة التي تصنّف ثاني اشهر السواحل المرجانية بالعالم، أبدع الخالق في رسم معالمها ،هنا تلتقي المفردات الجمالية للطبيعية في إطار صورة واحدة، تجعل منها موقعا سياحيا متميز، يسحر رواده بقرية الصيادين البديعة وبخضرة الجبل الذي ترصّعه أشجار الفلين وبحيرات البحر التي يتصدرها المرجان وبتلك الصخور الغريبة البديعة التي تظافرت عناصر الطبيعة على نحتها واصطلح الناس على تسميتها "بالإبر".

وتتميز طبرقة بشواطئها الخلابة "ملولة" و"بركوش" و"جبارة" و"كاب نيغرو" وهو شاطئ صخري تتصدره قلعة رومانية على مشارف قرية "سيدي مشرق" وشاطئ "كاب سيراط" المترامي الأطراف، أين يجد هواة الغوص في أعماق البحر ، نادي "اليخت"الذي يوفر لمحبي هذه الرياضة أدوات غوص من طراز رفيع كما توجد به فرقة نشيطة من المدربين وذلك قصد تمكين الغواصين من استكشاف هذه الأعماق الزاخرة إضافة لثروتها السمكية والنباتية بحطام السفن وبالكنوز التي ورثها سكون البحر عن التاريخ.

كما ينظم النادي دورات تدريبية لهواة التصوير تحت الماء ومنذ سنة 1995 تنظم الجامعة التونسية لأنشطة الغوص بالتعاون وبدعم من الديوان القومي التونسي للسياحة مهرجانا دوليا للتصوير في أعماق البحر "كوراليس".كما تشتهر مدينة طبرقة منذ الستينات بمهرجان الجاز حيث يعيش السياح في شهر يوليو/ تمّوز من كل سنة أجواء حالمة تحملنا نحو المستقبل عبر أنغام أكبر فناني الجاز في العالم..

فمنذ سنة 1966 والمدينة تستقبل في أحضان معلمها الشهير "البازيليك" أشهر الفنانين من شتى أنحاء العالم مثل الأمريكية دي ديبريجدوانز والإفريقي مانودي بانغو والتونسي فوزي الشكيلي وغيرهم الكثير.وقد باتت سهرات المهرجان إحدى أهم المقاصد السياحية في المنطقة للاستمتاع بالموسيقى التي تحمل هموم المبدعين في الولايات المتحدة الأمريكية والقارة السمراء. وشهد مهرجان طبرقة الدولي لموسيقى الجاز تجارب فنية بقيت في البال وكان عالم الموسيقى أرحب العوالم فامتزجت موسيقى العازفين من افريقيا وأمريكا وأوروبا وتونس في سماء المدينة واستمع عشاق هذا الفن الجميل لأجمل المعزوفات غير أن مشهد لقاء العازفين "السود والبيض، الافارقة والأمريكان، العرب والأوروبيين" في طبرقة كان أجمل بكثير.

و منذ إنشاء المطار الدوليطبرقة-عين دراهم (15 كلم شرق المدينة) في شهر أغسطس1992، و هو المطار الوحيد بالشمال الغربي التونسي،تبلغ طاقة استيعابه 250 ألف مسافر في السنة ،عرفت المدينة استفاقة و نشاطا سياحيا نوعيا خاصة و أن الخطوط الجوية التونسية ربطته بكثير من المدن الأوروبية برحلات منتظمة وشيدت فنادق وإقامات مستقلة من أرقى طراز في أحضان طبيعة خلابة. غير انه و بعد ثورة 14 يناير شهدت المدينة ركودا و شهد المطار غيابا للمسافرين، وكادت تنعدم حركة هبوط و إقلاع الطائرات، و هي صورة رتيبة لا تشبه في شيء ما عاشته هذه المحطة الجوية من نشاط في السابق.