ارتفعت حصيلة ضحايا أعمال القتل والاغتيال التي استهدفت شخصيات سياسية وأمنية وفنية وأكاديمية ليبية خلال الآونة الأخيرة، وخاصة خلال العام الجاري 2018 بصورة يمكن وصفها بـ"الكارثية"، وانقسمت تلك العمليات بين ما تمّ في ظروف غامضة فيما كانت تفاصيل الأخرى مروعة للغاية.


أرقام مرعبة

وبحسب تقارير منظمات حقوقية ليبية حول ضحايا حوادث الخطف والاغتيالات التي وقعت في ليبيا خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجاري 2018، فأنه تم  رصد عدد 859 ضحية من ضحايا حوادث الخطف والاغتيالات التي وقعت في المدن المختلفة في ليبيا، الغالبية العظمى منهم كانوا مدنيين، 717 ضحية (%83)، فيما بلغت نسبة ضحايا حوادث الاغتيال 50% من إجمالي الحالات، تلتها حوادث الخطف 26%.

وتصدرت مدينة بنغازي القائمة بفارق كبير بعدد 393 ضحية، معظمهم، 93% كانوا ضحايا جرائم قتل واغتيال، تليها مدينة طرابلس بعدد 67 ضحية، أغلبهم 84% كانوا من ضحايا الاعتقالات والخطف، تليها مدينة سبها بعدد 63 ضحية، أغلبهم 48% كانوا ضحايا عمليات الاغتيال أو القتل.


طرابلس والرصاص

ولعل الشئ المثير للجدل في عمليات الاغتيال التي شهدتها العاصمة طرابلس، هو التشابه المتكرر في طريقة تنفيذها، حيث تمّت أغلبها "رميا بالرصاص"، ويمكن الربط بين العمليات التي وقعت في طرابلس من خلال 3 عوامل:

·       المكان وهو مدينة طرابلس.

·       الفاعل وهم مجهولون.

·       الطريقة وهي الرمي بالرصاص.

ومن أبرز عمليات الاغتيال التي شهدتها العاصمة في طرابلس خلال 2018، محاولة اغتيال مدير أمن طرابلس السابق العميد صلاح الدين السموعي، الأحد الموافق 25 نوفمبر من العام الجاري، حيث تعرض السموعي لمحاولة اغتيال دخل على إثرها العناية المركزة، إثر تعرضه لوابل من الرصاص من سيارة معتمة لاذت بالفرار دون أن يتم التعرف على الجناة.

وفي يوليو 2018، تمكنت مجموعة مسلحة من اغتيال أحد ضباط السلاح الجوي، ومسؤول الملاحة بقاعدة معيتيقة الجوية العميد خيري الرتيمي، وذلك أثناء خروجه من صلاة الفجر في شارع الصريم بمدينة طرابلس، حيث نفذت عملية الاغتيال كسابقتها باستخدام الرصاص.

وفي أغسطس 2018، اغتالت مجموعة مسلحة سائق رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق صالح إطبيقية بمنطقة قرجي بالعاصمة طرابلس، حيث كشف شهود عيان بأن إطبيقية كان داخل مركبته الخاصة، قبل أن يعترضه مجهولون وينزلونه من المركبة، وأطلقوا عليه وابل من الرصاص، مما أدى إلى مقتله.

وكان لـ شهر أكتوبر 2018 النصيب الأكبر من عمليات الاغتيالات، فخلال أسبوع واحد فقط اغتيل مسؤول بجهاز الأمن التابع لوزارة الداخلية بحكومة الوفاق خيري حنكوري، بعد تعرضه لوابل من الرصاص على يد مجهولين أمام فندق المهاري بوسط مدينة طرابلس، فيما تعرض اثنين من «قوة الردع الخاصة» لعملية اختطاف على يد مجهولين ومن ثم تم اغتيالهما رميا بالرصاص، وبعدها بـ5 أيام فقط، اغتال مجهولون مدير فرع مكافحة المخدرات في طرابلس المقدم علي بو شهيوة، رميا بالرصاص، في منطقة قصر بن غشير بضواحي طرابلس، كما اغتيل الرائد في الجيش الوطني شمس الدين المبروك الصويعي، حيث تلقى وابلا من الرصاص أرداه قتيلا بينما كان داخل منزله الكائن بمنطقة سواني بن يادم في طرابلس.

 أيام قليلة تفصلنا عن بداية عام 2019، ولا تزال وتيرة العنف في ليبيا تزداد يوما بعد يوما،، وعمليات الخطف والاغتيال تتصاعد في مختلف المدن، ومع كل حادثة اغتيال تتم على الساحة الليبية، تزداد الهوة وتتسع بين أطراف الأزمة محليا، وتزداد معها فرص الوصاية الدولية على الشؤون الليبية تحت شعار التدخل لحماية الشعب الليبي وإعادة الأمن والاستقرار في البلاد، ويبدو أن مسلسل الاغتيالات في ليبيا لن ينتهي وكأنه وقود لنار يريد من أشعلها أن لا تنطفئ، لتظل أصابع الاتهام تشير نحو مجهول.