بدأ مئات ملايين المسلمين حول العالم أمس الجمعة شهر رمضان، في ظل إجراءات إغلاق غير مسبوقة لاحتواء فيروس كورونا المستجد الذي تأمل الأمم المتحدة مكافحته عبر تسريع إنتاج لقاح سيكون متاحاً للجميع.
وأطلقت الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية التابعة لها أمس بادرة دولية لإنتاج لقاحات وعلاجات للوباء الذي أودى بأكثر من 190 ألف شخص في العالم وأوقف النشاط الاقتصادي.
وأظهرت صور التقطتها طائرة مسيّرة صحن الكعبة ومحيط المسجد الحرام فارغين، وسط شلل في الحركة في مكة حيث تفرض السلطات حظر تجول، وبعد الفصح لدى المسيحيين واليهود، بدأ المسلمون صيامهم بلا صلوات في المساجد وبلا موائد إفطار وسحور عائلية وعامة.
وقالت ربة العائلة الإندونيسية فترية فاميلا "رمضان هذا العام مختلف جداً، بلا أجواء احتفالية"، وأضافت "أشعر بخيبة لأنني لن أتمكن من الذهاب إلى الجامع، لكن ماذا يمكننا أن نفعل؟ لقد تغير العالم".
وأعرب العاهل السعودي الملك سلمان مساء أول أمس الخميس عن "ألمه" لحلول شهر الصوم في وضع كهذا، مشدداً على أن هذه الإجراءات هي "للمحافظة على أرواح الناس".
وفيما يخضع نصف سكان العالم لعزل في منازلهم، شدّدت منظمة الصحة العالمية على أن اكتشاف لقاح أو علاج فعّال، وحده سيتيح السيطرة على الوباء، وأشار مدير المنظمة تيدروس أدانوم غيبريسوس إلى أن ذلك سيستغرق "وقتاً طويلاً".
وفي مواجهة حال الطوارئ الصحية، بدأ سباق عالمي بين المختبرات لإيجاد لقاح، مع احتمال تحقيق أرباح كبيرة بنهاية المطاف، وأُطلقت 6 تجارب سريرية خصوصاً في بريطانيا وألمانيا.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى أن التحدي يكمن في الحصول على لقاح أو علاج آمن وفعال متاح للجميع بكل مكان، محذّراً من أن يستفيد نصف العالم فقط من اللقاح.
إلا أن لا الصين، ولا الولايات المتحدة وهي اليوم بؤرة الوباء العالمي، حضرتا طرح هذه المبادرة التي تشارك فيها دول عدة في أوروبا، القارة الأكثر تضرراً من الوباء مع 116 ألف وفاة.
وفيما بدا أنه راغب على الأرجح بتقديم مساهمته في المعركة ضد كوفيد-19، تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء أول أمس عن فرضية "حقن" الجسم بمواد معقمة لمحاربة الفيروس، ما أثار ذهولاً في الأوساط العلمية.
ودفع ذلك ترامب أمس الجمعة إلى توضيح تصريحاته فقال "كنت أطرح سؤالاً على الصحافيين بطريقة ساخرة"، وكان البيت الابيض اعتبر أن تصريحات الرئيس أُخرجت من سياقها.
وحذر صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية من فرض تدابير حمائية على المنتجات الأساسية مثل الأدوية خلال الأزمة الصحية.
وتواجه الدول الأوروبية الـ27 صعوبات في التوافق في ما بينها: فقد أرجأ الاتحاد الأوروبي مسألة تطوير خطة إنعاش مشتركة إلى منتصف مايو(أيار) المقبل، فيما يتوقع صندوق النقد الدولي ركوداً بنسبة لا تقلّ عن 7.1% للعام 2020 في الاتحاد.
وعلى الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي، وقّع ترامب أمس خطة مساعدة اقتصادية جديدة تقدّر قيمتها بنحو 500 مليار دولار لدعم الاقتصاد، خصوصاً الشركات المتوسطة والصغرى والمستشفيات.
وكان مجلس النواب صادق على الخطة، لتضاف إلى خطة الإنعاش الاقتصادي التاريخية بقيمة 2200 مليار التي أقرّت في أواخر مارس(أذار) الماضي.
ويُتوقع أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة بنحو 12% في الفصل الثاني من العام الجاري، وأن يرتفع معدّل البطالة ليبلغ قرابة 14%، بسبب تداعيات تفشي كوفيد-19.
وسجّلت الولايات المتحدة 1258 وفاة إضافية جراء فيروس كورونا خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، في حصيلة يومية هي الأدنى منذ نحو 3 أسابيع، حسب جامعة جونز هوبكنز.
وحالات الوفاة الجديدة التي سُجّلت بين الساعة 20:30 بالتوقيت المحلي الخميس والساعة نفسها يوم الجمعة، ترفع إلى 51017 العدد الإجمالي للوفيات في الولايات المتحدة، استناداً إلى الأرقام الرسمية.
غير أنّ هذا الانخفاض في الأرقام لا يُشكّل في الوقت الحالي مؤشّراً إلى أيّ منحى محدّد، وسيتعيّن أن يبقى على هذا النحو خلال الأيام المقبلة كي يتسنّى تأكيد وجود تحسّن فعلي في البلاد.
وقررت ولايات عدة منها تكساس وفرمونت وجورجيا الشروع في رفع القيود من خلال السماح لبعض المتاجر والمحال بفتح أبوابها، وفي أوروبا أيضاً باشرت بعض الدول تخفيف القيود فيما تستعد أخرى مثل إيطاليا وفرنسا للقيام بذلك.
وأعلنت فرنسا أمس أن كورونا تسبب في وفاة 22245 شخصاً في البلاد مع تسجيل 389 وفاة إضافية في 24 ساعة، لكن عدد مرضى العناية المركزة يتراجع منذ 16 يوماً.
ومن جهتها، أعلنت إسبانيا، ثالث دولة أكثر تضرراً من الوباء بعد الولايات المتحدة وإيطاليا (25549 وفاة)، أمس تسجيلها أدنى عدد وفيات يومي منذ شهر وهو 367 وفاة لترتفع الحصيلة الإجمالية إلى 22524 وفاة، ودعت منظمة الصحة العالمية إلى عدم التراخي، في وقت لا يزال التهديد بموجة ثانية قائماً.
وفي سياق متصل، اتخذت ألمانيا التي تُعد إحدى الدول الأوروبية الكبيرة التي أدارت الأزمة على أفضل وجه، خطوات استباقية مرة جديدة، وعلى الرغم من وجود 13 ألف سرير فارغ في العناية المركزة من أصل 32 ألف في المجمل، ترفع ألمانيا قدراتها أكثر خصوصاً في برلين حيث يشيّد الجيش مستشفى بسعة ألف سرير.
وحذر مساعد مدير معهد روبرت كوخ المكلف السيطرة على الأمراض لارس شاده الثلاثاء الماضي، من خطر جوهري بأن يعاود الوباء الانتشار إذا أزيلت مجمل القيود بشكل مبكر.
وأظهرت دراسة جديدة عرضت أول أمس في البيت الأبيض، أن أشعة الشمس تقضي سريعاً على فيروس كورونا، لكن الدول الحارة ليست بمنأى عن الوباء، خصوصاً في أفريقيا.