وثق الصحفي المغربي هشام حذيفة معاناة نساء بلده جراء الاستغلال الجنسي والعمل الشاق والزواج القسري والمبكر، في كتاب صادر بالفرنسية تحت عنوان «ظهر المرأة، ظهر البهيمة: منسيات المغرب العميق».

والكتاب عبارة عن تحقيقات ميدانية عمل عليها حذيفة قرابة سنة ونصف السنة، مركزا على المرأة القروية حيث «تبرز الهشاشة الأكثر» كما يقول في مقدمة الكتاب، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

وفي المغرب نصف النساء اميات وثلثهن يتعرضن للعنف، بحسب أرقام رسمية.

وفي عرف الثقافة السائدة في قرى الأطلس النائية والمناطق المعزولة والمزارع التي زارها الكاتب، تعتبر الفتاة التي لم تتزوج قبل سن 18 «بائرة» وعالة على العائلة والمجتمع فيما بعد. ويجري ترسيخ هذه الثقافة من خلال تزويج قاصرات في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة من العمر.

وبحسب أرقام منظمات المجتمع المدني والأرقام الرسمية، فقد ارتفع عدد عقود زواج القاصرات من 18 ألفا سنة 2004، إلى أكثر من 35 ألف حالة في 2013 بزيادة بلغت 91%.

تحدث الكاتب عن تعرض نساء عاملات في الحقول لاستغلال جنسي واقتصادي على حد سواء

وفي مدينة «بركان» الواقعة شرق المغرب حيث تنتشر أكبر مزارع البرتقال في المملكة، تحدث الكاتب عن تعرض نساء عاملات في الحقول لاستغلال جنسي واقتصادي على حد سواء.

 ويرجع الكاتب السبب في هذه الانتهاكات الى مجموعة من العوامل المجتمعة، منها الثغرات القانونية، والتسرب المدرسي، والأمية، والفقر الذي يدفع العائلات لتزويج بناتهن مقابل مبالغ مالية تراوح بين 1800 يورو و5600، كما في «قلعة السراغنة» قرب مراكش حيث ثلاث نساء من أصل أربع يجهلن القراءة والكتابة.

وأشار الكاتب أيضا الى اتمام زيجات دون عقود، وبمجرد قراءة الفاتحة، كما يحصل في أعالي جبال أطلس، وتكون نتيجة هذا الزواج الحرمان من الحقوق.

أما في المدينة، فيذكر الكاتب قصصا تختلف في طبيعتها عن تلك المسجلة في القرى، مثل قصة شابة في السابعة عشرة من عمرها تعمل ساقية خمر في الدار البيضاء.

وتعيل هذه الشابة طفلها البالغ عامين، وتضطر في سبيل ذلك الى شرب ما يقارب 20 قدحا من الجعة يوميا مع زبائن الحانة لتشجيعهم على الشرب، على أن تتقاضى عن ذلك بعض المال الإضافي على راتبها القليل.

وبحسب الوكالة، لم يوفر الكاتب القمع السياسي الذي استهدف المرأة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، واستقى شهادة امرأة من قرية «قصر السونتات" تعرضت للتعذيب والاغتصاب، وما زالت الى اليوم تجهل موقع دفن والدها الذي اعتقل وقتل ودفن دون جنازة.

ويشهد المغرب نقاشات متواصلة حول مواضيع حقوق المرأة، منها الجدل القائم حول زواج القاصرات الذي ازداد بقوة خلال السنوات العشر الماضية مع أكثر من 30 ألف حالة سنويا.

وبحسب أرقام المفوضية العليا للتخطيط، فإن حوالي مغربية من أصل اثنتين (45,7%) أمية وحوالي امرأتين من أصل ثلاث (62,8%) تتعرض للعنف، وفق ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.