قضى عامل اليومية الكردي سليمان محمد وعائلته 10 أيام في بحث يائس عن ملاذ قريب بعد أن سقطت قذائف تركية على منزله في شمال سوريا.
والآن كل ما تصبو إليه عائلة محمد هو الوصول إلى العراق المجاور.
كان محمد وعائلته ضمن ما لا يقل عن 160 ألف كردي سوري تقول الأمم المتحدة إنهم فروا من ديارهم بعد بدء هجوم تركي على شمال شرق سوريا. وكانت مسقط رأسه رأس العين أحد الأهداف التي تعرضت لقصف الغارات الجوية التركية.
بدأ التوغل التركي بعد فترة وجيزة من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن قواته تنسحب من المنطقة، مما أعطى أنقرة فرصة أكبر لملاحقة أعدائها من المقاتلين الأكراد السوريين دون التعرض لخطر الاشتباك المباشر مع الأمريكيين.
كان محمد ينتقل من بلدة إلى أخرى في الشمال الشرقي، وينام في مدارس مكتظة بالنازحين الآخرين. وفي مرحلة ما، حاول استئجار منزل قبل أن يستبد به اليأس ويتوجه إلى الحدود مع العراق.
وقالت جماعات إغاثة أمس الإثنين، إن حوالي 5000 شخص عبروا الحدود في الأيام السبعة الماضية. ويلجأ كثيرون إلى المهربين ويدفعون ما يصل إلى 1500 دولار لكل أسرة، وذلك حسبما ذكره بعض الذين توجهوا إلى مخيمات على الجانب العراقي من الحدود الأسبوع الماضي.
لكن أولئك الذين لا يملكون النقود مثل محمد تقطعت بهم السبل وجلس محمد مع نحو 12 نازحاً آخرين على الطريق المجاور لمعبر "سمالكا" الحدودي. كانت القوة الكردية التي تسيطر على المنطقة تسمح بمرور الجرحى فقط، ولا تسمح للعائلات بشكل عام.
قال الرجل البالغ من العمر 40 عاماً وهو يقف إلى جوار زوجته وطفليه الصغيرين "ضاع منزلنا. حاولنا البقاء في المدارس في تل تمر لكن لا يوجد مكان، في حين أن استئجار شقة في القامشلي يكلفني 50 ألف دينار عراقي (42 دولاراً في الشهر) لا أملكها".
وتابع قائلاً، "يأخذ المهربون 500 دولار ليس بمقدوري دفعها... أنا مستعد للذهاب إلى أي مكان، إلى أوروبا، إلى الخارج. لم يعد هناك أي مكان نقيم فيه هنا".
"ضاع مستقبلنا"
قال أكراد سوريون على الجانب العراقي، إن المرور صعب بسبب وحدات حماية الشعب الكردية، المكون الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية، والتي لا تزال تسيطر إلى حد كبير على المناطق التي تديرها منذ سنوات في الشمال الشرقي.
وقال رئيس إدارة الجوازات والهجرة الكردية المحلية كاميران حسن، إن السلطات أبقت المعبر الحدودي مفتوحاً أمام الشحنات الإنسانية والتجارة والدبلوماسيين والصحفيين، لكن عندما بدأ الهجوم أوقفت السلطات الرحلات الخاصة لزيارة الأقارب على الجانب الآخر من الحدود.
وأردف قائلاً، "لقد اتخذنا هذا الإجراء لتفادي حدوث أزمة بين المسافرين ولتجنب انشغال المعبر بشكل كبير". وأضاف أن الحدود سيتم فتحها مرة أخرى أمام العائلات في مرحلة ما.
وقال رجل يدعى فؤاد وعمره 39 عاماً، إنه يسافر مع زوجته وابنيه.
وأضاف، "ماذا يجب أن أفعل؟ نريد الهرب، لكن إلى أين يجب أن نذهب؟ ليس لدينا حل، إلى أين نذهب؟ لم يعد هناك مكان".
وكان محمد ونحو 12 من النازحين الآخرين على استعداد لقضاء الليل في العراء بجانب حقائبهم عند المعبر، على أمل أن يتم السماح لهم في نهاية المطاف بالوصول إلى إقليم كردستان العراق شبه المستقل.
وقامت السلطات هناك بإيواء النازحين في مخيم بردرش للاجئين، الذي أنشئ في الأصل عام 2013 للعراقيين الفارين من تنظيم داعش.
وقالت زينب رسول (24 عاماً) وهي جالسة بجوار والدتها وسط غبار طريق غير معبد عند المعبر الحدودي الذي تمر منه الشاحنات "ليس لدي أي فكرة عن أين سنذهب. ضاع مستقبلنا".
وأضافت وهي تبكي تقريباً، "أنا في سنتي الأخيرة من دراسة اللغة العربية لكني لا أعتقد أنني سأتمكن من إكمال دراستي".