بعد مرور عام على قرار مصرف ليبيا المركزي بشأن تعديل سعر صرف الدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية، الذي رأى النور في 3 يناير 2021، حيث جرى تطبيق السعر الموحد للدولار الذي سجل وقتها 4.48 دينار، مع سريان السعر على جميع أغراض واستعمالات النقد الأجنبي، الحكومية والتجارية والشخصية، وذلك بهدف تحجيم السوق الموازية.
وفي ذكرى تعديل سعر صرف الدينار الليبي سلطت "بوابة إفريقيا الإخبارية" الضوء على ملف الاقتصاد الليبي لقراءة المشهد الاقتصادي وتأثيرات تعديل سعر الصرف وانعكاساته..
وفي رده على قراءته للمشهد الاقتصادي الليبي بعد مرور عام على تخفيض سعر الدينار، قال الخبير المالي ومؤسس سوق الأوراق المالية الليبي وأستاذ التمويل بجامعة نوتنغهام ترنت الدكتور سليمان الشحومي في تصريح خاص لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية"، إن "التخفيض الذي حدث منذ سنة هو مقدمة لتخفيضات أخرى قادمة إذا لم يتم السيطرة علي حالة الانفلات في ادارة المال العام، فهو مثل القيادة على حافة الهاوية باعتباره الحل الوحيد المتاح، وطالما لم يعاد هيكلة الاقتصاد الليبي بمؤسساته السيادية وقوانينها الحاكمة لتحصيل وإنفاق المال العام التسييرية والتنمية، وإدارة الثروة الوطنية، فسنكون قريبا في وضع صعب جداً، كما يتطلب الأمر ضرورة إعادة هيكلة وتنظيم دور البنك المركزي، وفصل الدور الرقابي عن إدارة النظام النقدي في ليبيا وإفساح المجال لإرجاع معدل الفائدة للعمل لدورها الهام في إدارة السيولة والاستثمار بالاقتصاد، سيكون من المهم البحث في خلق شفافية وتنافسية حقيقية للقطاع الخاص في مواجهة القطاع العام وأدواته المسيطرة على مفاصل إدارة الاقتصاد الليبي".
وتابع الشحومي، "لا يمكن الاحتفاء بأي إنجازات لتعديل سعر الصرف مهما كانت تأثيرات ذلك إيجابية فيما يتعلق بالعدالة في الحصول على النقد الأجنبي، فهناك قضايا أخرى مهمة في حاجة لمعالجة شاملة و ملحة وما لم تكن في إطار مشروع اقتصادي وطني شامل يعالج مواطن الخلل الهيكلي بالاقتصاد الليبي ويحقق ترابط وثيق بين أدوات السياسات الاقتصادية المختلفة، منها السياسات المالية كـ (الضرائب، والدعم، وضبط الانفاق عبر شفافية العطاءات، والسياسات النقدية عبر إصلاح شامل لنظام عمل المصرف المركزي ودوره الإشرافي والرقابي للقطاع المصرفي، وإتاحة الأدوات اللازمة لتدعيم الاستقرار النقدي المنشود، وغيرها من السياسات الاستثمارية) والتي لابد أن تحد من تدخل القطاع الحكومي عبر الصناديق السيادية المنتشرة والمؤسسات الاقتصادية الرئيسية الحاكمة والمالك والمشغلة لكل أنشطة الاقتصاد الليبي. هذا النموذج الليبي في إدارة الاقتصاد هو في حاجة ماسة لإعادة هيكلة شاملة وعميقة في إطار مشروع جديد كلياً يبني عليه مستقبل ليبيا وشعبها".
انتقادات للمؤسسات السيادية
من جهته أعرب أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي عطية الفيتوري، عن انتقاده لسلوك المؤسسات السيادية في ليبيا فيما يتعلق بالقطاع الاقتصادي. وقال الفيتوري، في تصريح خص "بوابة إفريقيا الإخبارية" بنسخة منه، "اليوم مضى عام كامل على تخفيض الدينار الليبي بمعدل 71% حيث تم تطبيق قرار التخفيض في 3/1/2020 وكانت هناك وعود من منتحلي صفة الخبراء الاقتصاديين بأن التخفيض سوف يحل مشكلة السيولة النقدية، وأن المصارف التجارية سوف لن تستطيع تحمل كثرة السيولة المتدفقة عليها وستقوم بتحويل الفائض للمصرف المركزي، وأن الاسعار سوف تنخفض إلى غير ذلك من الوعود الوردية والتي في حقيقتها أوهام أو سراب".
وأضاف الفيتوري، "لم يتحقق سوى زيادة إيرادات الخزانة العامة على حساب المواطن المسكين الذي انخفض دخله الحقيقي نتيجة التخفيض، وعدم قدرته على توفير حتى السلع الضرورية، وللأسف الزيادة في إيرادات الحكومة نراها تنفق بغير حساب وبشكل ارتجالي. لن ننعم باقتصاد سوي ينمو سنة بعد أخرى، ولا بعملة مستقرة ولن تتحسن ظروف الناس المعيشية طالما استمر سلوك مؤسساتنا السيادية على هذا النحو".