شهدت ليبيا، في ظل الفوضى التي عصفت بها منذ اندلاع الأزمة في العام 2011،تدفقاً هائلاً للمقاتلين الأجانب من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية،وخاصة المقاتلين حاملي الجنسية التونسية كشفت الهجمات الإرهابية المختلفة التي التنظيمات الارهابية على غرار "داعش" والقاعدة" عن وجود العديد منهم وانخراطهم في القتال الدائر في البلاد.
وبالرغم من سقوط أغلب معاقل التنظيمات الارهابية في ليبيا،والضربات المتتالية للجيش الوطني الليبي في اطار سعيه لتطهير البلاد،فان العناصر المتطرفة ظلت منتشرة في عدة مناطق في مخاولة لاستغلال الفوضى والصراعات المستمرة لتنفيذ مخططاتها الارهابية وعولت في بقائها على تحالفات مع المليشيات والعصابات المحلية.
وفي تطور جديد، عاد ملف المقاتلين التونسيين وانخراطهم في القتال في ليبيا للظهور مجددا مع مقتل أحد العناصر الارهابية من جنسية تونسية خلال المواجهات المسلحة بين قوات الجيش الوطني الليبي والمجموعات التابعة لحكومة الوفاق، وذلك عندما كان يقاتل في صفوف إحدى الميليشيات جنوب طرابلس.
وأفادت تقارير اعلامية بمصرع الإرهابي رامي عبدالرازق بن الذهبي البكاري الشهير رامي "شوية"، ظهر الخميس 23 مايو/أيار 2019، في الإشتباكات الجارية بجنوب غرب العاصمة طرابلس وذلك ضمن قتاله بصفوف قوات حكومة الوفاق ضد القوات المسلحة التابعة للقيادة العامة.
والبكاري هو من مواليد 1990 ،وينحدر من محافظة سيدي بوزيد, وسط غرب تونس.وتشير المعطيات الأمنية بأنه إنتقل رفقة والده عبد الرزاق البكاري الذي دخل ليبيا للعمل في بداية الألفينات واستقر في مدينة صبراتة.ومع بداية الأحداث في 2011، حين إنضم الى الميلشيات المسلحة لينخرط في الصراع الدائر في البلاد.
وسرعان ما انضم الى المجموعات التكفيرية في صبراتة والزاوية،وأعلن في 2015 البيعة لتنظيم داعش الارهابي في مدينة صبراتة ليكون أحد عناصره التي بدأت في الإعداد للهجوم على مدينة بنقردان التونسية والذي تم تنفيذه في 7 مارس 2016 ،إلا أن القصف الذي حصل في فيفري 2016 على مقر الإرهابيين التونسيين وقتل أكثر من 50 منهم في صبراتة وما تبعه من مواجهات أثناه عن المشاركة في الهجوم.
وكشف الخبير الأمني التونسي علي الزرمديني، في اتصال مع "بوابة إفريقيا الإخبارية" اليوم الجمعة، أن الإرهابي رامي البكاري،كان تحت الرقابة من طرف بعض المجموعات الإرهابية في مصراتة، ليختفي لاحقا عن الأنظار، ثم يعاود الظهور مجددا في مدينة الزاوية, ليختفي من جديد، إلى أن قتل أمس الخميس من طرف الجيش جنوب العاصمة طرابلس.وأشار الزرمديني، إلى أن هذا الإرهابي كان يمتلك قدرة كبيرة على التخفي في تنقلاته بين المدن الليبية.
وتشهد العاصمة الليبية طرابلس قتالا عنيفا بين منذ الرابع من أبريل/نيسان الماضي،بين قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والقوات الموالية لحكومة الوفاق،وذلك بعد أن أطلق الأول عملية عسكرية بهدف تحرير المدينة من سيطرة المليشيات المسلحة والعناصر الارهابية التي تسيطر عليها منذ سنوات وتنشر الفوضى وتعرقل ارساء سلطة الدولة.
وكشفت معركة طرابلس عن انتشار العديد من العناصر الارهابية الفارة من مناطق في شرق وجنوب البلاد وانضمامها للقتال في صفوف المليشيات ضد الجيش الليبي على غرار فلول مجالس شورى بنغازي وإجدابيا ودرنة الفارة من المنطقة الشرقية وبقايا تنظيم أنصار الشريعة وتنظيم القاعدة الفارة من صبراتة وسرت ومناطق الجنوب.
وأظهرت صورة متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي قيام إحدى الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق في ليبيا برفع علم تنظيم داعش الارهابي.وأظهرت الصورة التي نشرت يوم الأحد 12 مايو الجاري، إحدى المركبات التي تسير ضمن رتل عسكري تابع لميليشيا الفاروق مصراتة ترفع العلم المذكور.بحسب ما نقل موقع "ارم نيوز" الاخباري.
وتتصاعد المؤشرات يوم بعد يوم حول وجود تحالفات لعناصر ارهابية مع المليشيات ضد الجيش،واعتبرالباحث الأكاديمي التونسي المختص في الشأن الليبي والجماعات الإرهابية رافع الطبيب،في تدوينة نشرها اليوم الجمعة على حسابه الخاص على "الفايسبوك"،أن الإرهابي رامي البكاري لا يمثل حالة شاذة داخل المنظومة المليشياوية التي تقاتل مع قوات حكومة الوفاق التي يقودها فائز السراج ضد الجيش الليبي.
ويعيد مقتل الإرهابي رامي البكاري،ملف المقاتلين التونسيين في ليبيا الى الواجهة من جديد،والذي شكّل محور اهتمام الأجهزة الأمنية منذ سنوات لا سيما في ظل تقارير إعلامية وتصريحات رسمية تتحدث عن أعداد كبيرة للمقاتلين التونسيين.وأكد المصدر الخبير الأمني التونسي علي الزرمديني،أن الأجهزة الأمنية التونسية تمتلك كافة المعطيات والإحصائيات اللازمة عن الإرهابيين التونسيين المتواجدين في ليبيا،مبينا أن أغلب الإرهابيين التونسيين في الساحة الليبية هم محل متابعة أمنية من الأجهزة التونسية.
وأشار إلى أن التوزع الجغرافي للإرهابيين التونسيين في ليبيا يمسح مدينتي مصراتة، والزاوية،ومنطقة الجنوب، إلى جانب تواجد خلايا إرهابية نائمة في منطقة الشرق.وبخصوص عدد الإرهابيين التونسيين المتواجدين في ليبيا, قال علي الزرمديني إنه لا توجد إحصائيات دقيقة في هذا الإطار، موضحا أن عدد الإرهابيين التونسيين المتمركزين في ليبيا ولم يغادروها يبلغ حوالي 800 إرهابيا، وهم من المنتمين إلى تنظيمي "أنصار الشريعة"، و"داعش" الإرهابيين.
وكان وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي،أكد خلال مؤتمر صحفي في بروكسل، عقب انتهاء أعمال مجلس الشراكة التونسي الأوروبي الخامس عشر،الأسوع الماضي،أن هناك بضع عشرات من التونسيين يقاتلون في ليبيا، وليسوا آلافا كما يشاع،مشيرا الى إن بلاده تتابع قضية وصول مقاتلين أجانب إلى ليبيا قادمين من سوريا والعراق.
ويتصدر التونسيون، بحسب تقارير استخباراتية دولية، مراتب متقدمة في عدد الجهاديين الذين يقاتلون ضمن التنظيمات المتشددة في العراق وسوريا وليبيا والجزائر، وأبرزها تنظيمات "داعش" و"القاعدة".وبحسب الأمم المتحدة انضم نحو 4 آلاف تونسي إلى تنظيم داعش في سوريا والعراق منذ عام 2011، بينما التحق نحو 1500 شخص آخرين بالتنظيم في ليبيا.
وسافر أغلب هؤلاء عبر الأراضي الليبية وتركيا ومنهما انطلقوا إلى سوريا والعراق حيث انظموا الى القتال هناك،لكن تضييق الخناق على التنظيمات الارهابية وسقوط امارة "داعش" التي أسسها على الأراضي السورية والعراقية دفع العديد من المتطرفين للانتقال الى مناطق جديدة أبرزها ليبيا وذلك عبر تركيا التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع التنظيمات الارهابية.
وتثير محاولات الجماعات الإرهابية لتحويل ليبيا الى ملاذ جديد لها بعد انحسار نفوذها في سوريا والعراق،مخاوف السلطات التونسية من إمكانية تسلل الجهاديين إلى البلاد وتنفيذ هجمات إرهابية مشابهة لتلك التي حصلت خلال السنوات الماضية،خاصة وأن عددا كبيرا من المقاتلين في صفوف التنظيمات الارهابية من جنسيات تونسية.
وشكّل خطر التونسيين المقاتلين في صفوف تنظيم داعش بليبيا،مخاوف كبيرة في الأوساط التونسية من إمكانية تسلل الجهاديين إلى البلاد وتنفيذ هجمات إرهابية مشابهة لتلك التي حصلت خلال السنوات الماضية.وبحسب الأمم المتحدة انضم نحو 4 آلاف تونسي إلى تنظيم داعش في سوريا والعراق منذ عام 2011، بينما التحق نحو 1500 شخص آخرين بالتنظيم في ليبيا.
وتصاعدت مؤخرا التحذيرات من انتقال عناصر ارهابية الى ليبيا عن طريق دول تسعى لمنع سقوط المليشيات الموالية لها في العاصمة طرابلس.وكشفت تقارير ليبية وعربية، خلال الأيام القليلة الماضية؛ أنّ "السلطات التركية كثفت من عمليات تجميع العناصر الإرهابية الفارة من المعارك في سوريا، خاصة أفراد تنظيم "جبهة النصرة"؛ حيث شرعت في نقلهم جواً إلى الأراضي الليبية لدعم الميليشيات المسلحة المنتشرة في العاصمة طرابلس.وأكّد اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي،خلال مؤتمر صحفي على وجود "خط جوي وبحري مفتوح بين تركيا ومصراتة لنقل العتاد العسكري والإرهابيين إلى ليبيا".
وتزايدت هذه التأكيدات بعد وصول الباخرة التركية أمازون، التي رست قبل أيام بميناء العاصمة طرابلس،حاملة امدادات عسكرية للمليشيات المسلحة،لكن أحد ضباط العمليات بالبحرية الليبية التابعة للجيش الوطني، العقيد أبوبكر البدري،أن شحنة المدرعات كانت للتغطية فقط عن الشحنة الحقيقية التي قال إنها تتمثل في عدد كبير من عناصر التنظيمات الإرهابية الذين نقلتهم تركيا من سوريا والعراق إلى ليبيا، إضافة إلى كميات من الأسلحة الأخرى والذخائر التي قدمتها تركيا كدعم لجماعة الإخوان المسلمين والمجموعات المسلحة في طرابلس.
ويشير مراقبون الى أن أنقرة باتت في حالة ارتباك كبير في ظل الخسائر التي منيت بها المليشيات الموالية لها في ليبيا وهو ما دفع الرئيس التركي الى الاعلان صراحة عن التدخل في معركة طرابلس،حيث أكد في وقت سابق إن بلاده ستسخر كافة إمكانياتها لما وصفه بـ"منع المؤامرة عن ليبيا".وهو ما أعتبر اعترافا صريحا من أردوغان بدعم المليشيات المسلحة التي تمثل ذراعه التخريبي في ليبيا.
وتمكن الجيش الوطني الليبي من حرير شرق ليبيا بالكامل بعد استعادته لمدينة درنة التي كانت تمثل أبرز معاقل المتشددين في ليبيا،لينتقل عق ذلك الى الجنوب حيث تمكن من بسط سيطرته على أغلب مناطقه ومازال يطارد الفلول الارهابية الفارة هناك،لكن المحطة الأبرز هي العاصمة الليبية طرابلس التي تحولت الى مركز تجمع للعناصر الارهابية الفارة من بنغازي ودرنة وأجدابيا وغيرها من المدن المحررة،حيث تحالفت مع المليشيات المسلحة بهدف منع سقوط آخر معاقلها في ليبيا.
ويثير دحر تنظيم داعش في عدة مناطق ليبية مخاوف لدى دول المنطقة حول مآل مقاتلي هذا التّنظيم إثر هروبهم من معاقلهم هناك، خاصّة وأنّ أغلب هؤلاء المقاتلين ليسوا ليبييّن.كما أن كل تشديد للخناق على الجماعات الإرهابية في ليبيا سيجعلها تفكر في حلول بديلة تتمثل بالأساس في الهروب نحو الدول المجاورة ومنها تونس.ويرى مراقبون،إن الحدود بين تونس وليبيا تبقى "رخوة" برغم اليقظة الأمنية.