أصدر الصحفي والباحث التونسي أحمد نظيف المتخصص في الحركات الإسلامية يوم الأربعاء 13 فيفري 2019 كتابًا بعنوان "عَشْر سَاعاتٍ هَزَّتْ تونس : حَريقُ السَّفارَةِ الأمريكيّةِ وَنَتائجُهُ" عن دار ديار للنّشر والتوزيع في تونس ، في 200صفحة ، قياس 15/21سم، وبغلافٍ للفنّان السوري "رامي شَعْبو".
يعدّ هذا الإصدار للباحث التونسي الثالث إذ يأتي بعد كتابيه "بنادق سائحة تونسيون في شبكات الجهاد العالمي" و "المجموعة الأمنيّة ، الجهاز الخاصّ للحركة الإسلاميّة في تونس ، وانقلاب 1987".
تناول الباحث في طيّات هذا الكتاب تداعيات الهجوم على السفارة الأمريكية بتونس في سبتمبر 2012 حيث تضمن مجموعة من البرقيات والرسائل التي توثّق تاريخ العلاقات التونسية الأمريكية فضلا عن عرض علاقات الولايات المتحدة بالإسلاميين التونسيين.
يعرض الكتاب بشكل تأليفي حقبة مهمة في تاريخ الاتجاه الإسلامي إنطلاقا من مشروعه لآختراق الجهاز العسكري والأمني في الثمانينات إستعدادا للإنقضاض على سدّة الحكم لخلافة الرئيس الحبيب بورقيبة وصولا إلى تولي أحد رجال التنظيم الإسلامي لوزارة الداخلية أين أمست عملية التطويع رسمية خاصة وأنه يمثل حركة وصلت للحكم عن طريق صندوق الاقتراع.
قبل يوم فقط من العشر ساعات التي هزت تونس،قام وزير الداخلية آنذاك بإقالة قيادات أمنية مهمة إذ كان هذا الإجراء نقطة تحوّل في العلاقة بين حركة النهضة والتيار السلفي والحزب الإسلامي وأمريكا من جهة التي راهنت بعد "الربيع العربي" على الإسلاميين كحكّام جدد يمكن أن يضمنوا مصالحها في المنطقة.
ويقول الكاتب أحمد نظيف في تصريح لبوابة إفريقيا الإخبارية "إن هذا الهجوم القصير في حيز الزمن، والخاطف تكتيكياً، كان له الأثر الكبير في تحولات جذرية شهدتها تونس بعد سبتمبر 2012 معتبرا أن الموقف الأمريكي شهد يومها تحولاً من الحزب الإسلامي، حركة النهضة، الذي وصل حديثاً إلى السلطة".
في نفس الإطار،يرفع الكاتب الحجاب عن خفايا العلاقة بين النهضة و التيار السلفي الذي أصبح عبئا ثقيلا عليها بعد حادثة السفارة و خاصة بعد اغتيال الشهيد محمد البراهمي و يؤكد نظيف أن الجهاز السري لحركة النهضة الذي يقوده مصطفى خذر كان المشرف على تسفير الشباب السلفي الى سوريا عبر ليبيا و تركيا لإفراغ الساحة من جهة و مقاومة النظام السوري في صفقة توفير الجهاديين كحطب معركة للحلف القطري التركي السعودي لإسقاط نظام الأسد.
يضيف الكاتب في معرض حديثه لبوابة إفريقيا الإخبارية:"أن نتائج الحادثة لم تقتصر عن مسارات القضاء والتعويض بل أدت إلى نتائج غير مباشرة، أكثر خطورة منها ما هو خارجي، مشددا على أن الهجوم أدى إلى فتور العلاقات بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية وانعكس ذلك على حماسة إدارة الرئيس باراك أوباما لخيار وجود حركات إسلامية في السلطة، ومنها ما هو خارجي".
يحتوي هذا المؤلف على أربعة فصول،حيث عالج في الفصل الأول، "مشقة الأُخُوةْ: النهضة والتيار السلفي. علاقات تاريخية . كيف فسرت النهضة بواعث العنف؟. سياسة مدّ اليد إلى السلفيين"، الجدلية التي حكمت علاقة حركة الاتجاه الإسلامي، بالتيار السلفي على تنوعه توجهاته العلمية والحركية والجهادية، راصدًا تحولات هذه العلاقة خلال أكثر من أربعة عقود وصولاً إلى عشية الرابع عشر من سبتمبر 2012.
وفي الفصل الثاني من الكتاب"النظرُ بعين الريبة: حركة النهضة والأجهزة الأمنيـة. الخوف الموروث. انجذاب الأضداد. الجهاديون يتسللون. الصراع داخل الوزارة وحولها. «الجهاز الخاص» و«إعادة هندسة» الأجهزة الأمنية"، قام نظيف بتفكيك طبيعة العلاقة بين الحزب الإسلامي ووزارة الداخلية، الوزارة اللغز التي مثلت و تمثل مركز ثقل مهم في أركان حكم البلاد.
حيث بيّن العلاقة شهدت تحولاً جذرياً بعد وصول الحركة الإسلامية إلى السلطة وسيطرتها السياسية عليها التي لم تمنع إحتدام الصراعات داخل أروقة الوزارة بين أطراف مناصرة للنهضة وأخرى معارضة لها وموالية لقوى سياسية ومجموعات ضغط، عارضا تفاصيل هذا الصراع مستشفا تحليلا يرنو للموضوعية لمآلات هذه الأحداث.
أما في الفصل الثالث"عشرُ ساعات هزت تونس: يوم الحريق واليوم التالي . فوق الصفر...تحت بنغازي. مؤامرة أم تقصير!. اليوم التالي"،يروي وقائع يوم الهجوم على السفارة الأمريكية وإحراق المدرسة الأمريكية لحظة بلحظة والروايات المتشابكة والمتعارضة والمتصارعة بين أطراف الحكم حوله.
ويعالج الفصل الرابع في الكتاب المسار القضائي للحادثة وما أسفرت عنه من عقوبات وتعويضات غنمها الجانب الأمريكي.
وفي الفصل الأخير من الكتاب، الذي اختار له عنوان "الترانسفير الجهادي: كيف أدى حريق السفارة إلى نهج افراغ الساحة؟"، عمل الباحث الشعب على تحليل العلاقة بين الهجوم على السفارة الأمريكية و نشاط شبكات التسفير نحو سوريا وليبيا والعراق التي أتت مباشرة بعد حادثة سبتمبر 2012.