أثارت التحركات البريطانية في الآونة الأخيرة العديد من التساؤلات حول مسألة تعامل لندن مع الأموال المجمدة في بنوكها، لاسيما بعدما قدمت لكييف قرضًا من دخل أصول روسية لأول مرة، من الأموال التي تم تجميدها والتي تقدر بنحو 26 مليار جنيه إسترليني من أصول البنك المركزي للاتحاد الروسي و18 مليار جنيه إسترليني أخرى من أصول الأفراد المدرجين على قوائم العقوبات في المملكة، نقلاً عن صحيفة التايمز البريطانية.

وهنا جاء السؤال لدى العديد من الخبراء الاقتصاديين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حول مدى إمكانية البنوك الغربية في التصرف بالأموال الليبية المجمدة؟ وهل السبب وراء رفض الغرب لإرجاع الأموال الليبية المجمدة هو استخدام الغرب لهذه الأموال بما لا يخدم مصالح الشعب الليبي؟

هذه التساؤلات سببها مقترح بريطانيا أمم مجلس الأمن الدولي والذي أقر السماح للمؤسسة الليبية للاستثمار بإعادة استثمار أصولها المالية في الخارج مع بقائها مجمدة، استجابة لطلب المؤسسة لاستثمار الأرصدة النقدية غير المستثمرة، للمحافظة على قيمتها وتجنب الخسائر. قرار وصفه البعض بالمحاولة الدولية لخلق بلبلة بين مؤسسات الدولة الليبية.

إلا ان بريطانيا في أواخر العام الماضي قررت التنصل من مسؤولية إدارة الأموال الليبية المجمدة بحجة أن "الاقتصاد الليبي أصبح مصدر قلق وهنالك مخاوف من حدوث تعقيدات اقتصادية وأمنية تحول بريطانيا من إمكانية إدارة هذه الأموال". وعلى الرغم من هذه المخاوف رفضت بريطانيا إرجاع هذه الأموال إلى ليبيا وقررت أن يتم نقلها إلى مصرف JP Morgan الأمريكي.

الخبير الاقتصادي والباحث في الشأن المصرفي العالمي، حسن أبو الخلود، يرى أن دول الغرب تضع العراقيل أمام استعادة ليبيا للأموال المجمدة وتتناقل الأموال بين بنوكها في الخفاء لحرمان الشعب الليبي من ثرواته ومنع أي فرص أو إمكانيات لإعادة إعمار ليبيا بعد أن دمرها حلف شمال الأطلسي في عام 2011.

وأضاف أبو الخلود، أن الغرب يتحجج بأزمة الانقسام المؤسساتي في البلاد، وهي أزمة سببها التدخل الغربي السافر في الشأن الداخلي الليبي وحرمان الليبيين من ثرواتهم المجمدة والتي تقدر بـ200 مليار دولار أمريكي، ثروة قادرة على حلحلة جميع المشاكل والانقسامات في البلاد، لكن الغرب لا يرغب في أن تقف ليبيا على قدميها من جديد.

ويرى أبو الخلود أن الغرب أمام خيارين لا ثالث لهما، إما إعادة الأموال المجمدة إلى مصرف ليبيا المركزي ليقوم المصرف بدوره بتوزيعها بصورة عادلة للعمل على إعادة إعمار البلاد، أو يتوجب على حلف الناتو أن يتكفل بإعادة إعمار ليبيا كونه السبب وراء كل ما يحدث في البلاد منذ عام 2011.

فبموجب قوانين الحرب فإن أطراف النزاع ليس متاحاً لها سوى استهداف الأهداف العسكرية، ولابد أن يتخذوا جميع الاحتياطات لتقليص الضرر اللاحق بالمدنيين. بينما وقوع خسائر في صفوف المدنيين لا يعني بالضرورة وقوع انتهاك لقوانين الحرب، وهو ما لم يلتزم به حلف الناتو عندما قصف ليبيا، وبالتالي فإن الحكومات ملتزمة بالتحقيق في مزاعم الانتهاكات الجسيمة، وملتزمة بتعويض ضحايا الهجمات غير القانونية، وهو ما لم تقم بتنفيذه أياً من الدول التي شاركت في القصف والتدمير حتى يومنا هذا.