سنة 2013   أمر رئيس الوزراء علي زيدان، بنقل مقر المؤسسة الوطنية النفط التي تديرها الحكومة إلى مدينة بنغازي شرقي البلاد تلبية لمطلب من قبل سكان المنطقة، وقال إن القرار لم يتم اتخاذه تحت أيّ ضغوط، وإن مؤسسات ليبيا يتعين أن تكون موجودة في كل مكان عبر البلاد.

في 6 يناير العام الحالي، دعا مجلس النواب الليبي برئاسة عقيلة صالح رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، لتقديم تفسير واضح وصريح حول عدم تنفيذ القرار الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء قبل أكثر من 11 عاماً بنقل مقر المؤسسة من طرابلس إلى بنغازي.

مجلس النواب لم يتلقَ التفسير المنتظر من بن قدارة، حيث قام الأخير في 16 يناير بتقديم استقالته نتيجةً لظروف صحية طارئة حالت دون تمكنه من أداء مهامه ومسؤولياته بالشكل الأمثل. إلا أن بعض التقارير الصحفية كشفت أن الاستقالة جاءت بعد ضغوطات شديدة من رئيس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، عبد الحميد الدبيبة.

يقول الباحث السياسي والخبير في الشأن الداخلي الليبي، الدكتور محمد صادق ، إن توطين المؤسسة الوطنية للنفط كان مخطط له منذ أكثر من عشرة أعوام على انه حق مشروع لسكان مدينة بنغازي نظير ما قدمته المدينة لليبيا وما زالت تقدمه حتى يومنا هذا، لكن هنالك أطراف بعينها ترفض أن يكون مقر المؤسسة في شرق البلاد لأنه يتعارض مع مخططاتهم وأجنداتهم.

هذا وقد كشف موقع "أفريكا إنتلجينس" الاستخباراتي الفرنسي، أن شركة "ميركوري بابليك أفيرز" الأميركية تضغط على وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لحماية مؤسسة النفط وإبقاءها في طرابلس، وقال إن ضغوط شركة ميركوري على بلينكن جاءت بسبب المخاطر التي تواجه قيادة مؤسسة النفط الليبية والضغوط الداخلية والخارجية التي تلاحقها.

وأضاف صادق أن الإبقاء على مقر المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس جاء بثماره على الدبيبة وحكومته وحلفاءه، فبعد استقالة بن قدارة تم تعيين مسعود سليمان خلفاً له، ومن ثم البدء في توقيع الاتفاقيات طويلة الأجل مع الشركات الأجنبية، وهي اتفاقيات تهدف لوضع العقبات أمام فكرة نقل مقر المؤسسة إلى بنغازي في المستقبل القريب.

فقد أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في مارس الجاري انطلاق الجولة الأولى للعطاء العام لاستكشاف النفط بمقرها في العاصمة طرابلس في حفل حضره رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة. وتم تدشين الجولة الثانية في مدينة هيوستن بالولايات المتحدة الأمريكية.

حيث أطلق رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط مسعود سليمان، رفقة وزير النفط والغاز خليفة عبد الصادق، المرحلة الثانية من حملة التعريف بجولة العطاء العام والتنقيب في ليبيا، أمام كبرى شركات النفط والطاقة في العالم، بحضور القائم بأعمال مدير التجارة في الولايات المتحدة الأمريكية، توماس هاردي، ورؤساء وممثلي العشرات من الشركات العالمية الرائدة في صناعات النفط والغاز وإنتاج الطاقة.

كل هذه التطورات في قطاع النفط الليبي يصفها صادق بالعراقيل المفتعلة والتي يقودها عبد الحميد الدبيبة لحقيق هدفه الرئيسي وهو إحكام السيطرة على جميع مؤسسات الدولة وتوطيد علاقاته مع الشركات والحكومات الأجنبية التي بدورها تقدم له الدعم الدولي اللازم للبقاء في منصبه لأطول فترة ممكنة، وفي حال توطين المؤسسة الوطنية للنفط في بنغازي فسيُسحب البساط من تحت قدميه وستبدأ هذه الدول في التعامل مع حكومة الاستقرار في المنطقة الشرقية ويفقد نفوذه ومنصبه بالكامل.