أعرب الرئيس التونسي المؤقت  منصف المرزوقي عن أسفه لإقرار عقوبة الإعدام في مشروع الدستور الجديد لبلاده ،و أضاف المرزوقي في بلاغ لرئاسة الجمهورية اليوم أنّ هذه العقوبة لم تظهر أبدا أي جدوى في الحدّ من الجريمة ، وأنها استعملت دوما لتصفية الخصوم السياسيين وقهر الطبقات الفقيرة وأنه كان بوسعنا التخلي عن عقوبة الاعدام اعتبارا لسوء استخدامها على مرّ التاريخ خاصة وأن الكثير من الدراسات تظهر كم حصل من الأخطاء القضائية غير القابلة للتدارك في هذه المادة.

 و عبّر المرزوقي عن أسفه من الحفاظ على الفصل 21  من الدستور الذي لن يسمح لتونس بأن تدخل نادي البلدان التي تخلت عن هذه العقوبة وهي اليوم الأغلبية في العالم وتضم كل الدول الديمقراطية ومنها تركيا التي لا تقل عنا تمسكا بالإسلام، على حد تعبير البلاغ و في المقابل نوّه رئيس الجمهورية بمجهودات نواب المجلس التأسيسي في مناقشة فصول‫ الدستور.

و في ذات السياق  نددت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بالفصل 21 الذي لا يلغي عقوبة الاعدام و لايقر بالحق في الحياة بصفة مطلقة,معتبرة أن الدستور لا يواكب روح التقدم و الثورة و لا يتجاوب مع تطلعات القوى الديمقراطية والحقوقية و لا ينسجم مع تاريخ بلادنا الاصلاحي والتقدمي حسب ما جاء في نص البيان.

وكان  المجلس التأسيسي رفض الاثنين  الماضي إلغاء عقوبة الإعدام حيث تم رفض مقترحات بتعديل الفصل 21 من مشروع الدستور و التنصيص فيه فقط على أن الحق في الحياة مقدّس و لا يجوز المساس به . و قد تمت المصادقة على الفصل 21 الذي تندرج في إطاره عقوبة الاعدام بأغلبية 135 صوتا و ينص هذا الفصل على أن «الحق في الحياة مقدّس لا يجوز المساس به إلا في حالات قصوى يضبطها القانون» .

ويعاقب القانون التونسي على 21 جريمة بالإعدام تتعلق بأمن الدولة الداخلي والخارجي والاعتداء على موظف عمومي والاغتصاب المصاحب باستعمال العنف والاعتداء بالعنف المرفوق باستعمال السلاح أو التهديد به على قاض أثناء الجلسة، والخيانة المرتكبة من طرف العسكريين، والاستيلاء على سفينة بالعنف من كل ربان أو ضابط وتسليم السفينة إلى العدو من طرف أي عضو طاقم سفينة، وتخريب السكة الحديدية أو إحداث خلل بها أو وضع أشياء أو القيام بأي فعل من شأنه إخراج الارتال عن السكة، وتسبب ذلك بوفاة شخص...كما تنفذ أحكام الإعدام إما شنقا بالحبل (الفصل 7 مجلة جزائية) أو رميا بالرصاص (الفصل 45 مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية).ومن بين هذه الجرائم جريمة واحدة تتطابق مع الشريعة الإسلامية وهي جريمة القتل العمد.

ويجمع المراقبون على  فان آخر مرة تم فيها تنفيذ حكم الإعدام في تونس كانت سنة 1991 في حق ناصر الدامرجي المعروف بإسم سفاح نابل بعد ثبوت إدانته بإغتصاب وقتل عدد من الإطفال في ولاية نابل ( شمال شرق)ومنذ ذلك التاريخ إلى اليوم تجاوز عدد أحكام الإعدام الباتة  120 حكما لكن لم يقع تنفيذها و شملت جرائم مختلفة مثل القتل مع سابق الإصرار والترصد والاغتصاب وهتك العرض والسرقة باستعمال العنف التي تنتهي بجريمة قتل.

وقال سمير ديلو  وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية أن هذه العقوبة مرتبطة بواقع ديني اسلامي يجمع حوله كل الدول العربية الاسلامية و ان الغاء العمل بها يتطلب توافقا على نطاق واسع سواء داخل الدولة الواحدة أو بين الدول العربية المسلمة.واعتبر أن تونس على وعي بأن الاعدام مناف لمبادئ حقوق الانسان لذلك أوقفت تنفيذه منذ أكثر من 20 عاما . كما أن الحكومة الحالية حسنت من ظروف إقامة المساجين المحكوم عليهم بالإعدام حيث أصبحت تسمح لأهاليهم بزيارتهم في السجن وبتمكينهم  من الحاجيات التي يجلبها لهم أقاربهم عكس ما كان عليه الوضع سابقا.