دعنا نبدأ الحوار بالحديث عن البرلمان الليبي، وصراع الشرعيات القائم بينه وبين المؤتمر الوطني ..

بصفتي رئيساً لمجلس النواب الليبي، أستطيع أن أقول أن البرلمان هو المجلس الشرعي المنتخب من الشعب الليبي، وقد شهد العالم أجمع أن الانتخابات البرلمانية كانت نزيهة وتحت إشراف جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي، وتم انتخاب أعضاء مجلس النواب من كل الدوائر في ليبيا، وبالتالي هم يمثلون كل أطياف الشعب الليبي، ويباشر المجلس عمله في مدينة طبرق لأنها المكان المناسب لعقد جلسات مجلس النواب في ظل الظروف الأمنية والتحديات التي نواجهها في ليبيا. ونحن في مجلس النواب نسعى للمصالحة الوطنية ونشر الأمن والسلام في ربوع ليبيا، دون إقصاء لأي طرف، فهدفنا بناء دولة ليبية قائمة على القانون والمساواة والعدالة الاجتماعية.

صدر عن مجلس النواب قبل فترة وجيزة قراراً بإعادة 129 ضابطاً إلى الخدمة العسكرية، على رأسهم اللواء خليفة حفتر .. هناك من قال أن هذه الخطوة تمهد لتأسيس مجلس عسكري يقود البلاد في المرحلة المقبلة .. كيف تعلقون على ذلك؟

صدر هذا القرار بطلب من رئيس الأركان والقائد الأعلى للجيش، حيث دعت الظروف لاستعادة هؤلاء الضباط للعودة للخدمة وهناك أيضاً أعداد أخرى سيتم إعادتها خلال الأيام القادمة. ويأتي ذلك في إطار حرصنا على بناء وتقوية الجيش الليبي، خصوصاً وأن المؤتمر الوطني المنتهية ولايته سبق وأن أصدر قراراً بإحالة عدد كبير من ضباط الجيش من ذوي الخبرة والكفاءة والشجاعة القادرين على البناء والعطاء، وهذا عمل مقصود لتفكيك الجيش وتفريغه من أصحاب الكفاءات والخبرة، وقد ثبت ذلك من خلال قانون العزل السياسي الذي ألحق أضراراً جسيمة بفئة كبيرة من الشعب الليبي، ونحن في مجلس النواب مصرون على تعديل هذا القانون بما يتلاءم ويحفظ كرامة المواطن وحقوقه الدستورية، كي لا يحرم أحد من حقه إلا بحكم من المحكمة.

أين وصلت جهود الحوار؟ وما هي الشروط أو العقبات التي تحول دون إتمام المصالحة الوطنية؟ وهل مازالت فرص الحلول السلمية قائمة؟

نرحب بالحوار والمصالحة الوطنية ولا نفرض شروطاً مسبقة أمام أحد، فليبيا لكل الليبيين، لذلك الباب مفتوح أمام كل من يلقي السلاح وينبذ العنف ويؤمن بالحوار عن طريق صناديق الاقتراع وليس صناديق الذخيرة، ليساهم معنا في مرحلة البناء القادمة التي سيشترك فيها كل الليبيين لبناء ليبيا حرة آمنة مستقلة، تتحقق فيها العدالة المنشودة والتعددية السياسية .. ولاشك أننا نقتدي بقدوتنا محمد عليه الصلاة والسلام في إتمام الوحدة وإحلال السلام، كما أننا نسير على درب الزعيم نيلسون مانديلا الذي وحّد بين السود والبيض في جنوب إفريقيا، كما كان أيضاً للقيادة في الجزائر دوراً بارزاً في إتمام المصالحة والوحدة الوطنية أثناء العشرية السوداء التي شهدتها الجزائر.

التقيتم بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في زيارتكم الأخيرة للقاهرة، ما هي أبرز المواضيع التي تمت مناقشتها؟ وكيف تقيمون الموقف المصري تجاه ما يحدث في ليبيا؟

ناقشنا العديد من الملفات والقضايا التي تربط البلدين الصديقين، كما قمنا من خلال هذا اللقاء بالتأكيد على العلاقات الليبية المصرية، فنحن تربطنا علاقات اجتماعية واقتصادية استراتيجية، أمننا واحد وحدودنا واحدة، وقد أكد سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي على دعم مصر لليبيا من أجل بناء الجيش اللليبي، وتدريبه وحماية الحدود الليبية مع مصر، ومنع التهريب، كما كلف سيادته الجهات المختصة بمتابعة كافة الملفات الخاصة بالنازحين والمغتربين الليبيين في مصر.

إلى أي حد يمكن اعتبار وجود الرئيس الباجي قائد السبسي على رأس السلطة في تونس صمام أمان للحدود الغربية من ليبيا؟ هل أجريتم اتصالات مه القيادة الجديدة في تونس؟

نحن قمنا بتهنئة فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي بفوزه بالإنتخابات الرئاسية، وكذلك انتخابات مجلس النواب، فنحن حرصون على التواصل الدائم مع فخامة الرئيس التونسي، هو حقيقة من الشخصيات العربية المعروفة ذات التاريخ الناصع الذي سعى ويسعى دائماً لبناء دولة القانون والمؤسسات في تونس، ونحن على يقين بأنه سيحافظ على حدودنا مع تونس ولا شك أنه سيدعم وسيقف إلى جانب الشرعية في ليبيا.

يتساءل المواطن الليبي عن سبل الحل للأزمة الليبية في ظل ظروف معيشية صعبة وانتهاكات يومية تمس أمنه وسلامته .. كيف يمكن أن تطمئن المواطن الليبي؟ هل من بريق أمل يلوح في الأفق؟

جيشنا اليوم على قدر كبير من الكفاءة، هناك وحدات كبيرة من الجيش الليبي تفرض سيطرتها، وأجهزة الأمن بدأت تقوم بمهامها، لذلك أطمئن الشعب الليبي بأن الأيام القادمة ستشهد المزيد من الأمن والاستقرار، ولكن في نفس الوقت عليهم أن يدركوا حجم التحديات والظروف التي تحيط بمجلس النواب وهي ظروف في غاية الصعوبة.

على ذات المستوى يعاني المغترب الليبي من إجراءات وممارسات تعسفية أثناء التنقل بين بلد وآخر وذلك نتيجة للصورة السائدة للمشهد الليبيي الذي تلطخ بالإرهاب والتطرف، فضلاً عن الإجراءات الداخلية التي تتعلق بالمعاملات المدنية كتجديد الوثائق وجوازات السفر .. كيف تتعاملون مع مثل هذه التجاوزات؟

الآن أجهزة الأمن بدأت تقوم بواجباتها، حيث تقوم الآن بالتحقيق في العديد من الملفات والقضايا، وقد تمت إحالة العديد من هذه القضايا إلى القضاء في المحاكم التي تعمل في البيضاء خاصة في المرج وطبرق وغيرها من المدن الآمنة، بالنسبة لجوازات السفر، نحن طالبنا وزارة الداخلية بأن تتابع هذا الأمر، وقد توفر عدد كبير الآن من جوازات السفر الجديدة .. الأمر الأهم بالنسبة لنا هو الإخوة النازحين في تونس ومصر وباقي الدول، ونحن لازلنا نتابع أمورهم ومشاكلهم. والسلطات المصرية تجاوبت مع مطالبنا. وقد تلقينا وعوداً بحل كافة هذه المشكلات في القريب العاجل بإذن الله.

ماذا عن الشركات الصين التي كانت قد تعاقدت مع جهات ليبية لإنشاء مشاريع ضخمة تدعم البنية التحتية والتنمية البشرية في ليبيا، وقد توقفت كافة هذه المشاريع في ظل الظروف الأمنية السيئة التي مرت بها الأراضي الليبية؟

نحن ندعوهم من خلالكم للعودة لاستكمال أعمالهم التي كلفوا بها، ونقول لهم أن حقوقهم محفوظة في الماضي والمستقبل، لذلك يمكنهم أن يعودوا الآن إلى المدن الآمنة التي تقع تحت سيطرة الجيش الليبي لاستكمال أعمالهم، فنحن نحنتاج إليهم في المرحلة القادمة لبناء البنية التحتية التي دمرت خلال السنوات الماضية، خصوصاً وأنهم يمتازون بالمهارة والسرعة والكفاءة العالية.

.. ماذا تقول للمهاجرين الليبيين في الخارج؟

أقول لهم أنتم جزء من الشعب الليبي الذي لا ينفصل مهما تباعدت أطرافه، نحن نهتم بكم ونشعر بما تعانون خاصة في مصر وتونس، همنا الوحيد هو أنتم، لذلك اتخذنا العديد من الإجراءات لحفظ كراماتكم وحقوقكم، نرحب بكم في ليبيا بأي وقت، نحن نحتاج لكم لنبني معاً ليبيا الجديدة التي تفتح ذراعيها لكل الليبيين دون إقصاء أو تهميش.

بالاتفاق مع مجلة صوت العرب – الصين