على أنقاض العملية صوفيا أطلق الاتحاد الأوروبي العملية "إيريني"، وبعد عام على انطلاق معركة طرابلس، لمراقبة حظر توريد وتدفق الأسلحة إلى ليبيا، ويشمل قرار الحظر الأسلحة والذخيرة والمركبات والمعدات العسكرية والمعدات شبه العسكرية وقطع الغيار.
المنسق الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية، جوزيب بوريل، تحدث عن تفاصيل العملية بالقول اتفقنا على أن إطلاق العملية كان إنجازا مهما. لكن من الضروري الآن ضمان أن يكون للعملية الوسائل والأدوات، التي تحتاج إليها لتنفيذ العملية بفاعلية.
العملية الأوروبية التي انطلقت في وقت يواجه في العالم جائحة كورونا لاقت ردود فعل متباينة بين ترحيب من الجيش الليبي ورفض وقلق من حكومة الوفاق حيث أكد مدير إدارة التوجيه المعنوي في القوات المسلحة، العميد خالد المحجوب، أن الحظر يعتبر مسألة مهمة، لأنه يمس الأمن القومي ليس الليبي فقط، بل الدولي، خوفا من تدفق المهاجرين غير الشرعيين فمع سيطرة التشكيلات المسلحة قد ينتقل المرتزقة لدول أوروبية وإن نجحوا في هذا الأمر سوف يكون خطيرا جدًا على هذه الدول.
ترحيب الجيش قابله تحفظ من المجلس الرئاسي حيث أعرب على لسان رئيسه فائز السراج، عن تحفظ حكومة الوفاق، على العملية قائلا "بالفعل لدينا تحفظ على شكل العملية لعدم تضمين المراقبة الجوية والبرية ضمن قرار الاتحاد الأوروبي، وتجاهل الرقابة على عمليات تسليح الطرف الآخر الذي يستلم إلى الآن وعلى نحو منتظم شحنات أسلحة" على حد تعبيره، مضيفا "نتواصل مع دول الاتحاد عبر القنوات الدبلوماسية، ومن خلال اتصالي المباشر برؤساء دول أوروبية تربطنا بها علاقات صداقة وتعاون".
موقف السراج ترجمه وزير خارجية حكومة الوفاق محمد سيالة، حين قال في رسالة لمجلس الأمن، إن:"من حق حكومة الوفاق المشروع الدفاع عن ليبيا وأرضها وحماية مواطنيها بما يتطلبه ذلك من تحالفات علنية وفق القوانين الدولية وعبر القنوات الشفافة" على حد قوله.
وأضاف أن خطة الاتحاد الأوروبي لمراقبة حظر توريد الأسلحة لليبيا غير كافية ولم يتم التشاور حولها مع حكومة الوفاق كما نص قرار مجلس الأمن رقم 2292 في مادته الثالثة، وأن هذه الخطة تغفل مراقبة الجو والحدود البرية الشرقية لليبيا والتي تؤكد التقارير الأممية وغيرها تدفق السلاح والعتاد عبرها لدعم القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر” على حد تعبيره.
العملية الأوروبية أثارت تساؤلات حول مدى نجاحها حيث تساءل عضو مجلس النواب سعيد امغيب في تصريح لبوابة إفريقيا الإخبارية إن كانت ستنجح العملية في منع وصول الأسلحة للتشكيلات المسلحة أم ستكون مجرد عملية مراقبة تحتاج إلى اتخاذ قرارات بعد فوات الأوان قائلا "لا نعلم هل الاتحاد الأوروبي جاد فعلا وانه سيتم من خلال هذه العملية منع وصول الأسلحة والذخائر والمرتزقة الإرهابيين إلى المليشيات أم هي مجرد عملية مراقبة تحتاج إلى اتخاذ قرارات بعد فوات الأوان".
من جانبه سلط عضو مجلس النواب علي السعيدي الضوء على العملية صوفيا التي سبقتها قائلا في تصريح لبوابة إفريقيا الإخبارية "آمل أن تكون هذه العملية ناجحة فسبق وأن كان هناك عملية باسم صوفيا ولكن لم تنجح في القيام بالمهام المطلوبة منها" مضيفا "اليوم توجد بعض القطع التركية داخل المياه الليبية التي تساعد الجماعات الإرهابية المسلحة ونامل أن تتمكن العملية الأوروبية الجديدة من القيام بمراقبة المياه الليبية وتفتيش السفن الداخلة للبلاد.
أما مجلس النواب الموازي فقد استنكر عملية “إيريني”، واصفا إياها بأنها خرق لأحكام القانون الدولي ومصادرة لحق الدولة الليبية في ممارسة سيادتها وحقها في إبرام الاتفاقيات الدولية، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي ليس له أي سلطة على سيادة الدول خارج نطاقه، معتبرا أن الإجراء "يمس بسيادة الدولة الليبية" ممثلة في حكومة الوفاق ويصادر حقها في الدفاع عن نفسها، ويعد تدخلا في إدارة سياستها.
وكذلك أعرب مجلس الدولة الاستشاري عن قلقه بشأن الغموض الذي يكتنف العملية “إيريني” متهما الاتحاد الأوروبي بإصراره على مراقبة البحر فقط وغض طرفه عن تنفيذ أية إجراءات لمراقبة الحدود البرية الشرقية والجنوبية لليبيا.
الحديث عن عملية ايريني كثيرا ما يقترن بسابقتها العملية صوفيا التي انطلقت عام 2015 بقيادة إيطاليا التي طالبت أكثر مرة بتعديل النظام التشغيلي لصوفيا وإيجاد آلية لتقاسم من يتم إنقاذهم، مستندة على قرارات القمم الأوروبية المتعاقبة والتي تطالب الدول الأعضاء بالتضامن في مجال توزيع المهاجرين لتبقى العملية الجديدة محاطة بنفس التحديات التي واجهت العملية صوفيا مضافا إليها الاضطرابات الاقتصادية المقترنة بمكافحة وباء كورونا حول العالم.