بالتزامن مع دعوات أممية لطرفي النزاع الليبي إلى استئناف المحادثات العسكرية المشتركة بهدف التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار وفق الخارطة الأممية،اتجهت حكومة الوفاق بدعم من حليفتها تركيا الى زيادة التصعيد وذلك بعد اعلانها رفض الهدنة التي طالبت بها الأطراف الدولية وأعلن الجيش الوطني الليبي قبولها في وقت سابق لكن صلف حكومة الوفاق وعنجيتها لا يعكس في حقيقة الأمر واقع الأرض الذي يشير الى تواصل خسائرها وعجزها الميداني رغم ضخم الدعم التركي المقدم لها.

وفي بيان صدر في وقت متأخر الخميس،دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، طرفي النزاع إلى استئناف المحادثات العسكرية المشتركة مشيرة إلى وجوب "اغتنام الطرفين الفرصة لوقف جميع العمليات العسكرية فورا، واستئناف المحادثات العسكرية"، وذلك بالاستناد إلى "الدعوات المختلفة لوقف إطلاق النار" خلال شهر رمضان ولمواجهة تفشي وباء كوفيد-19.


وأقِرّت اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 (خمسة أعضاء من قوات الجيش الوطني الليبي ومثلهم من قوات حكومة الوفاق) ضمن حوارات جنيف في شباط/فبراير بهدف الوصول إلى وقف إطلاق نار دائم.والمسار العسكري واحد من ثلاثة مسارات، إلى جانب المسارين السياسي والاقتصادي، واجب اتباعها لاستكمال مخرجات مؤتمر برلين حول ليبيا لحل الأزمة.لكن اللجنة العسكرية علقت أعمالها عقب جولتَي محادثات، بسبب خلافات بين طرفي النزاع.

وحثت البعثة جميع "الأطراف على الامتناع عن أي أعمال أو تصريحات استفزازية تهدد احتمالات تحقيق هدنة حقيقية واستدامتها".كما دعا البيان الدول "التي تغذي النزاع بشكل مباشر من خلال توفيرها الأسلحة والمرتزقة والمجتمع الدولي ككل إلى استخدام النفوذ لضمان الالتزام بحظر التسليح" المفروض على ليبيا "وإنفاذه".

وبالتزامن مع هذه الدعوة الأممية،تسارعت وتيرة الانتهاكات التركية وحلفائها في طرابلس حيث شنت طائرة مسيرة تركية غارة غرب ليبيا، ما أسفرت عن مقتل 5 جنود.ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن الرائد جمال عبد السميع من عمليات المنطقة الغربية التابعة للجيش الليبي، بأن الخروقات من قبل ميليشيات الوفاق المدعومة بالطيران المسير التركي تمثلت في محاولة للتمهيد لهجوم على قاعدة الوطية، حيث شنت طائرة مسيرة تركية غارة على نقطة حراسة متقدمة للجيش الليبي أسفرت عن مقتل 5 جنود.


وأضاف أن قوات الاستطلاع التابعة للجيش الليبي رصدت سرية هاون تابعة للميليشيات بضواحي الجميل والعقربية تستعد لقصف مواقع أمامية للجيش موضحا بأن مدفعية الجيش استهدفت هذه العناصر وأجبرتها على ترك مواقعها.وبيَّن عبدالسميع أن وحدة تابعة لقوات الدفاع الجوي استطاعت صباح اليوم رصد وتتبع طائرة مسيرة خرجت من مصراته لاستهداف قوات الجيش في محور الوشكة واستطاعت إسقاط هذه الطائرة قبل أن تصل لأي تمركز من تمركزات الجيش الليبي شرقي مصراته.

وكان الناطق باسم قوات الوفاق محمد قنونو،أقر فجر الجمعة، بأن طيران الوفاق نفّذ 5 غارات على قاعدة الوطية الجوية.وقال قنونو، في منشور عبر الصفحة الرسمية لـ "عملية بركان الغضب" على موقع التواصل الاجتماعي"فيس بوك"، إن الغارات استهدفت تمركزات أفراد وآليات مسلحة للجيش الليبي.على حد تعبيره.

ودعت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عدة إلى "هدنة انسانية" في ليبيا خلال رمضان، خاصة لمواجهة مخاطر فيروس كوفيد-19.ووجه الممثل السامي للاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا،دعوةً إلى جميع الأطراف الفاعلة في ليبيا لـ"استلهام روح شهر رمضان الفضيل، والانخراط في استئناف المحادثات، من أجل وقف إطلاق النار بشكل حقيقي.

وعقب ذلك،أعلنت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، إيقاف جميع العمليات العسكرية من جانبها، استجابة لدعوات المجتمع الدولي والدول الشقيقة كهدنة إنسانية خلال شهر رمضان ولترك المجال لمجابهة فايروس كورونا.وجاء قرار الجيش الليبي تغليبا للبعد الإنساني في شهر رمضان وفتح المجال أمام الجهود الأممية لمجابهة فايروس كورونا المستجدّ.

لكن حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج الهدنة، مؤكدة استمرارها في القتال.وأوضحت الحكومة، في بيان صحافي نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، أنها "ستستمر في الدفاع المشروع عن النفس، وضرب بؤر التهديد أينما وجدت وإنهاء المجموعات الخارجة على القانون المستهينة بأرواح الليبيين في كل أنحاء البلاد".

وأشار مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني الليبي العميد خالد المحجوب،إلى أن رفض حكومة الوفاق للهدنة، هو قرار الميليشات في طرابلس، التي تواصل انتهاكها لاتفاق وقف إطلاق النار.وقالالمحجوب، لسكاي نيوز عربية:"الميليشيات تواصل انتهاكها لوقف إطلاق النار من خلال استهداف المدن".وأضاف المحجوب: "حاولنا أكثر من مرة إعطاء فرصة للسلام، لكن الميليشيات تواصل أعمالها الإرهابية".وأشار خالد المحجوب في حديثه إلى أن تركيا تواصل انتهاك السيادة الليبية.

وبدا واضحا أن الأوامر قد جاءت من أنقرة بضرورة رقض الهدنة وهو ما تأكد من خلال تصريحات للكاتب التركي اسماعيل ياشا التي أعلن خلالها رفضه للهدنة زاعما في تدوينة له علة "تويتر" أنها فرصة كبيرة أمام حكومة السراج "لبسط سيطرتها على كافة تراب ليبيا والقضاء على مشروع حفتر" على حد تعبيره.

وتعتمد ميليشيات طرابلس بشكل كبير على إمدادات النظام التركي بالمرتزقة والأموال والأسلحة، التي اشتملت على طائرات مسيرة أسقط الجيش الوطني عددا كبيرا منها.وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اعترف بإرسال مرتزقة وقوات إلى ليبيا، ليؤكد على دور أنقرة في دعم الإرهاب وإطالة أمد الأزمة في ليبيا.


وكان رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا أمس الأربعاء مقطع مرئي لعدد من المرتزقة السوريين، وهم يتفاخرون بوجودهم داخل طرابلس وقيامهم بعدد من الاقتحامات تجاه مطار طرابلس الدولي.وأظهر المقطع المرئي، إعلان عدد منهم لأسمائهم الحركية، كأبو داوود وأبو الزهراء الحلبي وأبو هاجر التونسي، وأبو عبيدة الفلسطيني.فيما أظهر مقطع فيديو آخر مليشيات الوفاق وهي تهدد بقتل كل نساء مدينة ترهونة الداعمة للجيش الليبي.

وتستقوي حكومة الوفاق بحليفتها تركيا وخاصة بعد سيطرتها على مدينتي صبراتة وصرمان الفترة الماضية،لكن التطورات على الأرض لا تعكس حقيقة هذا الصلف الذي تتعامل به حكومة السراج وحلفائها حيث تتواصل خسائرهم بشكل كبير وآخرها مقتل قيادي بارز في جماعة الإخوان المسلمين خلال معارك ضد الجيش الليبي في ضواحي العاصمة طرابلس.

وقال الضابط في الجيش الليبي محمود عبد الهادي: إن رئيس مجلس حكماء وأعيان طرابلس، القيادي في جماعة الإخوان أحمد أبو سعد، قتل أثناء مشاركته في العمليات العسكرية ضد الجيش في محور وادي الربيع.وأضاف أن العمليات العسكرية التي دارت خلال الساعات الماضية أسفرت عن مقتل العشرات وأسر العديد من الميليشيات، بينهم مرتزقة سوريون.

وأشار عبد الهادي، في تصريح لموقع "إرم نيوز" الاخباري، إلى أن قوات الجيش ألقت القبض على قيادي في تنظيم داعش يدعى طارق البرعصي ويكنى بـ"أبوعبد الله "، في محور وادي الربيع، بالإضافة إلى أسر 11 عنصرا من المرتزقة السوريين في محور عين زارة.وأضاف أن قوات الجيش لا تزال تحتفظ بكامل سيطرتها على محاور في تخوم العاصمة، وتواصل تقدمها.


ومن جهتها،أعلنت قوة عمليات أجدابيا أن قوات الجيش تصدت لهجوم لقوات الوفاق على محور عين زارة وتمكنت من غنم عدد 2 مدرعات.كما تمكن الجيش الليبي من إسقاط طائرة تركية مسيرة تابعة للوفاق في منطقة الوشكـة شرقي مصراتـة في مشهد يتكرر منذ أيام حيث نجحت القوات المسلحة في تدمير العديد من الطائرات التركية المسيرة التي اتجهت مؤخرا لاستهداف المدنيين والشحنات الانسانية في انتهاكات تركية صارخة بتواطئ من حكومة السراح وحلفائها الاسلاميين.

وفي الوقت الذي يسعى فيه الفرقاء الليبيون والمجتمع الدولي إلى التوصل إلى وقف اطلاق النار من أجل مجابهة جائحة "كورونا" التي تهدد العالم،والتي قد تكون بداية لانهاء الأزمة المستعصية في ليبيا منذ سنوات،يتجدد الحديث عن وصول دفعات جديدة من المرتزقة والعناصر الارهابية الذين أرسلهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى ليبيا في محاولة للدفع نحو مزيد من الفوضى في بلد يسيل لعاب حفيد العثمانيين بثرواته الهائلة.

ويشير المتابعون للشأن الليبي،أن جماعة "الاخوان" وحليفتهم تركيا سيفعلون كل شيء؛ من أجل ألا تخرج طرابلس آخر معاقلهم عن سيطرتهم،معولين في ذلك على مزيد من الفتن واشعال الحروب في البلاد وتأجيج الصراعات.لكن مخططات "الاخوان" وحلفائها باتت مكشوفة لدى الشعب الليبي الذي أعلن رفضه للغزو التركي ودفاعه عن أرضه ضد الأطماع والأجندات الرامية الى استمرار الفوضى في بلد كان له وزنه اقليميا ودوليا.