القروض، حلول إسعافية، تخديرية لمشاكل وهموم حياتية ازدادت وتوسعت لتشمل هم العيش بكرامة وإنسانية دون مد اليد لطلب العون والحاجة، والقرض... هو الحل السريع الحاضر في ذهن الموظف لسد حاجة صحية أو للانسحاب من معركة الأمعاء الخاوية التي فرضتها عليه غلاء الأسعار الفاحش أو لاستقرار سكني. وفي بعض الأحيان لترف استهلاكي كتبديل هاتف جوال بأحدث أو لتمتيع الأولاد بتعليم خصوصي أو حيازة سيارة، أيا كانت الأسباب الداعية للاقتراض، فإن النتائج الحتمية هي الاستدانة و تراكم الديون والعجز عن السداد وخلق مشكلات أسرية مستمرة و أحياناً الوقوع تحت طائلة القانون والعقاب.‏

الضمانات أكثر أهمية‏:
إذا كان هناك الآلاف ممن يحصلون على القروض البنكية فإن مئات الآلاف ممن يرغبون بها لم يتمكنوا من الحصول عليها، والسبب في ذلك هو عدم قدرتهم على تأمين الضمانات الكافية للبنك و بالتالي تبدو أهمية الضمانات أكثر من أهمية القرض نفسه وسيدوخ طالب القرض للحصول على القرض، وفي نهاية مسلسل الاقتراض البنكي، يصدم المقترضون بالفوائد، الفوائد التي تساوي نصف القرض أو أقل بقليل ويقضي الموظفون حياتهم المهنية و تقاعدهم في تلك الديون و تسديد فوائدها.‏

مواردنا محدودة:‏
السبب الذي يدفع البعض للاقتراض وهو محدودية الموارد وعدم الاعتماد إلا على الراتب، وهو السبب نفسه الذي يجعل تسديد القرض صعباً و مشكلة إذ لم يعد الراتب يكفي لتلبية بقية الاحتياجات بعد خصم الأقساط المقررة مما يضطر بعض الأسر إلى الاقتراض مرة أخرى، و يعيشون تحت مطرقة القروض وفوائدها ولا يدروا متى سينتهي هذا الوضع و كيف يخرجون من هذه الورطة؟‏

كشفت دراسة أن عدم اللجوء إلى القروض لحل المشكلات وقاية ناجعة ضد ارتفاع ضغط الدم، و كذلك الإصابة بالإكتئاب، بينت الدراسة التي شملت أربعمائة شاب و تراوح أعمارهم بين 24 و32‏ وقد حصلوا على قروض، علماً أن عشرين بالمائة منهم لم يكونوا قادرين على سداد المستحقات المالية التي تراكمت عليهم مما ضاعف حالة الضغط، وأصبحوا أقل تفاعلاً مع محيطهم، وتواصلاً مع زملائهم‏.

تجاوز المشكلة‏:
لا أحد يستطيع أن ينكر أثر القروض و فائدتها، ولا سيما الخلافات الزوجية، والتي يعود سببها إلى الضيق المادي، و ما ينتاب مستلم القرض من سعادة ما هي إلا سعادة وهمية سرعان ما تزول بنفاذ القرض.‏ من هنا كانت مجابهة المشكلة المادية و تشخيصها هو الحل العلاجي وليس تجاوزها والقفز فوقها و بالتالي على الأشخاص التفكير والتخطيط قبل الوقوع في فخ القرض وعليهم أن يتقنوا فن التدبير والترشيد ويتمرسوا الصبر لتحقيق أحلامهم إضافة إلى التفكير في مشاريع صغيرة تدر عليهم أرباحاً كثيرة...

فكم من أسرة قلبت حياة عائلتها من حالة يرثى لها إلى حالة من الاكتفاء بمشروع زراعي، أو صناعي بكثير من الجهود والطموح والآمال وقليل من النقود، وفعّلت كل أفراد أسرتها للعطاء والإنتاج وطبقت مبدأ السوق بالبداهة.‏