تشهد أربع دول عربية، هدنة سياسية، مع حلول عيد الأضحى المبارك، بعدما كانت مناطق ساخنة، على كافة الأصعدة سواء ميدانيا عبر اشتباكات أو مظاهرات احتجاجية، أو سياسيا من خلال مفاوضات سياسية، لحل الأزمات المشتعلة طوال الأشهر الماضية.

وعادة ما ينتظر أهالي البلاد التي تعاني من اشتباكات، الأعياد كي تكون فرصة لالتقاط الأنفاس، وهو الأمر نفسه بالنسبة للساسة، وأطراف النزاع، الذين يستجيبون لتلك الهدنة بهدف ترتيب الصفوف، والاستعداد لاستئناف المعركة أو مفاوضات للوصول إلى حلول سياسية.

والدول الخمس، التي انتقلت من مربع الزخم السياسي إلى "الاستراحة"، بحسب رصد الأناضول، هي مصر، وليبيا، وفلسطين، والجزائر، والسودان.

مصر

من الدول التي ينتظرها، هدنة سياسية، مصر، التي لن تشهد المظاهرات الاحتجاجية اليومية، في الميادين والشوارع الرئيسية من قبل معارضين مصريين طوال أيام عيد الأضحى المقبل، مع الاكتفاء بـ "رمزية الاحتجاج".

وقال إمام يوسف، القيادي بـ" باسم التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب"، المؤيد لمرسي، إن "الاتجاه العام لدى التحالف تخفيف مستوى الاحتجاج خلال أيام العيد، من خلال الاكتفاء برمزية الاحتجاج المتمثلة في رفع شارات رابعة، دون الخروج في مظاهرات حاشدة، مماثلة لما هو عليه الوضع في الشهور الماضية".

وفي تصريحات لـ"الأناضول" عبر الهاتف، أضاف يوسف "صحيح مازلنا ندرس هل سيكون هناك احتفال بالعيد دون أي مظاهر احتجاجية، أم سيتخلله احتجاج رمزي كرفع شارات رابعة أو توحيد لون الملابس، لكن ما نؤكده أننا لن نفسد على أنفسنا ووطنا، وإخواننا المصريين من المعارضين لتوجهنا، بهجة الاحتفال، فجميعنا نسيج واحد".

ومنذ 3 يوليو/تموز من العام الماضي، ينظم أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي فعاليات منددة بعزله، ومطالبة بعودة "الشرعية"، التي يعتبرونها متمثلة في عودة الرئيس المنتخب إلى الحكم، في إشارة إلى مرسي، وهي المظاهرات التي شهدت في أحيان كثيرة تفريق من قوات الأمن أوقعت قتلى ومصابين.

ليبيا

أما في ليبيا، أعلن أطراف النزاع في ليبيا استئناف جلسات الحوار، برعاية الأمم المتحدة، حول عدد من القضايا مثل تسليم السلطة البرلمانية، والاتفاق على حكومة توافق وطني، عقب عيد الأضحى.

وجمعت الجلسة الأولى لمؤتمر الحوار الليبي، الإثنين الماضي، نوابا يشاركون في اجتماعات مجلس النواب، الذي يعترف به المجتمع الدولي، في مدينة طبرق (شرق)، ونوابا آخرين، يمثل معظمهم الإسلام السياسي، يقاطعون تلك الاجتماعات.

وانتهت جلسة الأمس بالدعوة إلى وقف إطلاق النار في كل أرجاء البلاد بين كتائب تتصارع لبسط السيطرة في عدة مدن، ولا سيما العاصمة طرابلس (غرب) وبنغازي (شرق).

وتعقد هذه الجلسات بغرض مناقشة تسليم السلطة من المؤتمر الوطني المنتهية ولايته إلى مجلس النواب والاتفاق على حكومة توافق وطني.

ومنذ الإطاحة بـ"معمر القذافي" في عام 2011، تشهد ليبيا انقساماً سياسياً بين تيار محسوب على الليبرالي وتيار أخر محسوب على الإسلام السياسي زادت حدته مؤخراً، ما أفرز جناحين للسلطة في البلاد لكل منه مؤسساته، الأول: البرلمان الجديد المنعقد في مدينة طبرق وحكومة عبدالله الثني ورئيس أركان الجيش عبد الرزاق الناظوري، والثاني: المؤتمر الوطني العام ومعه رئيس الحكومة عمر الحاسي، ورئيس أركان الجيش جاد الله العبيدي.

ويتهم الإسلاميون في ليبيا فريق برلمان طبرق بدعم عملية "الكرامة" التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر منذ مايو/أيار الماضي، ضد تنظيم "أنصار الشريعة" الجهادي وكتائب إسلامية تابعة لرئاسة أركان الجيش، ويقول إنها تسعى إلى "تطهير ليبيا من المتطرفين"، بينما يرفض فريق المؤتمر الوطني عملية الكرامة، ويعتبرها "محاولة انقلاب عسكرية على السلطة".

الجزائر

وفي الجزائر، تستأنف مفاوضات سلام بين حركات ازوادية وأخرى مستقلة، مع حكومة باماكو، بشأن الأزمة في شمال مالي، بعد عيد الأضحى، في منتصف أكتوبر / تشرين الأول المقبل.

ووفق "تنسيقية الحركات الأزوادية" التي تضم (الحركة الوطنية لتحرير أزواد، والمجلس الأعلى لوحدة أزواد، والحركة العربية الأزوادية) فإن تأجيل المفاوضات لبعد العيد يعود إلى "السماح للمشاركين بإحياء مناسبة "طاباسكي" (عيد الأضحى) مع عائلاتهم".

وتطلق تسمية "طاباسكي" على عيد الأضحى لدى المسلمين في غرب ووسط أفريقيا .

وفي 18 من الشهر الحالي، انطلقت جلسات الجولة الثانية من مفاوضات سلام بين حكومة مالي وست حركات تمثل سكان الشمال، من أجل التوصل إلى حل شامل لأزمة شمال البلد بوساطة دولية تقودها الجزائر.

وشهدت مالي انقلابًا عسكريًا في مارس/ آذار 2012، قاده الجنرال آمادو صانوغو، وأطاح بالرئيس آنذاك أمادو توماني توري، بعد تمرد اندلع في كيدال. وبعدها، تنازعت الحركة الوطنية لتحرير أزواد مع كل من حركة التوحيد والجهاد، وحليفتها حركة أنصار الدين، السيطرة على مناطق شمالي البلاد. وإثر انتشار الفوضى شمالي مالي، وسيطرة مجموعات مسلحة على مدينة كيدال، وتمبكتو، وغاو، شهدت مالي تدخلاً عسكريًا دوليًا بقيادة فرنسا، وبمشاركة قوات من دول المنطقة، في يناير/ كانون الثاني 2013.

السودان

 وفي الشأن السوداني من المنتظر أن تستأنف المفاوضات بين الحكومة ومتمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال بأديس أبابا عقب عيد الأضحى، في 12 أكتوبر/تشرين أول المقبل برعاية الوسيط الأفريقي ثابو أمبيكي .

 وبعدها بثلاثة أيام تستأنف أيضا بأديس ابابا المفاوضات بين الحكومة وثلاث حركات مسلحة تحارب الحكومة في إقليم دارفور، غربي البلاد، منذ العام 2003 هي حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور وحركة تحرير السودان بقيادة اركو مناوي.

وتهدف جولتا التفاوض مع الحركة الشعبية وحركات دارفور للتوصل لاتفاق وقف عدائيات يمهد لانخراط الحركات المسلحة في دعوة الرئيس عمر البشير للحوار التي أطلقها في يناير الماضي وقاطعتها غالبية فصائل المعارضة.

ووسط تعثر عملية الحوار وسع الاتحاد الأفريقي الشهر الماضي تفويض الوسيط ثابو أمبيكي رئيس جنوب افريقيا السابق ليشمل المساعدة في إنجاح عملية الحوار الوطني بجانب وساطته بين الخرطوم وجوبا والخرطوم ومتمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال. وبعد أيام من المشاورات في الأسبوع الأول من سبتمبر وقع أمبيكي بأديس ابابا مع مجموعة إعلان باريس وآلية (7+7) والتي تضم ممثلين للحزب الحاكم وأحزاب المعارضة التي قبلت دعوة الحوار إعلان مبادي للحوار الوطني.

واستجاب إعلان المبادئ الذي وقع عليه كل طرف على حدة مع أمبيكي لبعض مطالب المعارضة مثل كفالة الحريات وإطلاق سراح المعتقلين والمحكومين السياسيين.