تشتد التعبئة ضد وباء حمى إيبولا الذي اندلع في بعض بلدان غرب افريقيا (غينيا وليبريا وسيراليون). وبالنظر إلى اتساع بؤر العدوى، اتخذت دول أخرى كمالي والسينغال والمغرب إجراءات تحسبا لوصول الفيروس فيما علقت السعودية وبشكل وقائي منح تأشيرات للحجاج القادمين من غينيا وليبريا . وقد تم تعزيز المراقبة في المطارات . وحسب (أطباء بلا حدود) وهي واحدة من المنظمات الإنسانية الأكثر نشاطا ، فالعالم "يواجه وباء بمدى انتشار غير مسبوق فيما يتعلق بنطاق الوباء على مستوى كل بلد من البلدان المذكورة ". ويعتبر الوباء في موجته الحالية الأخطر منذ 7 سنوات وذلك بعد تسجيل 82 ضحية في غينيا من أصل 131 حالة إصابة . ويشكل الإعلان عن إصابة أشخاص بالوباء في كوناكري عاصمة غينيا (حوالي مليوني نسمة ) أمرا مقلقا، لأن هذه المدينة يقطنها خمس الغينيين، وهو ما يجعل وفق متخصصن احتمال خروج الوباء عن نطاق السيطرة أمرا واردا بشكل كبير.
إن حمى إيبولا النزيفية تتميز في العادة بارتفاع مفاجىء لحرارة الجسم وبوهن عام وبالتهاب في الحلق وآلام في الرأس والعضلات .وتتبع هذه الأعراض عمليات قيء وإسهال والتهاب جلدي وقصور كلوي وعلى مستوى الكبد ، وفي بعض الحالات ، يسجل نزيف داخلي وخارجي.
ولا ينتشر الفيروس عبر الهواء كما هو الحال بالنسبة للإنفلونزا ، ولكن عن طريق التماس المباشر بالجلد والدم وفضلات الأشخاص الأحياء والأموات، وأيضا بشكل غير مباشر عن طريق البيئة الملوثة بهذا النوع من السوائل.
منذ عام 1976، عام اكتشاف أول حالة إيبولا (نسبة إلى نهر في ما كان يعرف بالزايير حيث اكتشفت الحالة الأولى) ، سقطت افريقيا ضحية لحوالي عشرين من الأزمات الوبائية مع توقف غريب للوباء بين عامي 1979 و 1994.
وهناك خمسة أنواع معروفة للحمى الفيروسية ، بينها 4 تعد مرضية، ومنها النوع المعروف بالزايير وهو الأخطر لأنه يكون قاتلا في ثلاثة أرباع الحالات المصابة. وقد يكون خلف 1500 قتيلا منذ عام 1976.
وقد تم تأكيد حالات الإصابة الأخيرة في 21 مارس الأخير في معهد باستور في فرنسا. "فعلا تم تأكيد هذه السلالة في مختبراتنا يقول سيلفان بيزي المسؤول عن المركز الوطني لأمراض الحمى النزيفية والفيروسية في مدينة ليون والملحق بوحدة البيولوجيا للالتهابات الفيروسية في معهد باستور.
إن ظهور هذه السلالة على بعد 2000 كلمتر من مكان ظهورها الأول أمر محير فعلا . "و حقيقة كون الخفافيش هي الحاضنة الطبيعية تفسر بلا شك هذا الانتشار إلى جانب حيوانات أخرى".
وفي غياب تلقيح أو علاج لهذا الفيروس حتى الآن ، فإن الوسائل المتاحة كالحماية الفيزيائية الكاملة عبر قفاز وأقنعة وبدلات حرارية تمكن من الوقاية والحماية .
"يوجد الأطباء في الخط الأمامي لهذه المعركة" يؤكد سيلفان بيزي مشيرا إلى أن " احتياطات هامة يجب اتخاذها في التعامل مع الحالات المشتبه فيها. كما أن إلزام المريض بالسرير يقلل بعض الشيء من احتمالات انتشار العدوى حيث تبقى اتصالاته في هذه الحالة مقصورة على أقرب مقربيه ، وينبغي دائما لزوم الحذر بشأن وجود بؤر ثانوية للوباء".
مشكلة أخرى تعيق جهود مكافحة انتشار الفيروس هو التقاليد السائدة في الجنائز بهذه البلدان الافريقية ، حيث يجب لمس الجثمان والذي يبقى معديا حتى بعد وفاة المصاب. "وقد حاولت "منظمة الصحة العالمية" شرح المشكلة عبر علماء اثنولوجيين في محاولة لتحسيس السكان وتغيير عاداتهم " كما يقول سيلفان بيزي. و إلى هذا المشكل ، "ينضاف كون الحدود بين غينيا وسيراليون وليبيريا رخوة اجتماعيا ، فالعائلة الواحدة قد تجدها في كل هذه البلدان ، ولا يمكنها الالتقاء إلا في المناسبات العائلية والاجتماعية بما في ذلك الجنائز."