تعيش حركة النهضة في الفترة الأخيرة حالة من المخاض العسير والنقاشات الداخلية المستفيضة في إطار الاعداد للمؤتمر العاشر أعلى سلطة تقريرية في الحزب الذي ينتظر أن يعقد خلال هذه الصائفة.

وقد كشفت مصادر قيادية في الحركة، حسب موقع حقائق أون لاين، أنّ انقساما في الآراء صلب القواعد والقيادات الجهوية والمركزية برز بشكل جلّي في مسار الاعداد للمؤتمر القادم الذي يراد منه طيّ صفحة الماضي عبر تقييمات صارمة وموضوعية لتجربة الحكم ومن قبلها مرحلة المواجهة مع نظام بن علي أو ما عرف بمحرقة التسعينات التي كبّدت الحزب خسائر جمّة بشرية وتنظيمية.

ولاتزال مسألة الرؤية المضمونية والمنهاج السياسي للحركة ما بعد تجربة الحكم محلّ جدل مستعر بين تيارات مختلفة صلب الحزب الذي يعتبر طرف رئيسيا في العملية الديمقراطية في تونس ما بعد الثورة.

وتطالب بعض القيادات رئيس الحركة راشد الغنوشي بإعلان ثورة داخلية صلب الحزب من أجل انقاذه من السقوط فيما هو أسوأ من خلال الشروع في احداث اصلاحات عميقة هيكلية في المؤسسات المركزية التي هي تحت سيطرة تيار المهجر (من أبرز رموزه لطفي زيتون وعامر العريض) والموالين له من الشقّ الذي يمثلّه القيادي عبد الحميد الجلاصي.

وكان الأمين العام السابق المستقيل حمادي الجبالي قد اشترط جملة من المبادئ العامة من أجل الرجوع إلى قيادة السفينة النهضوية أوّلها ازاحة الغموض الذي يكتنف الخطّ السياسي والابعاد الاستراتيجية للحزب ومقاربته لمنهج التغيير داخليا وعلى الصعيد الوطني، فضلا عن تخليص مؤسسات القيادة المركزية من أيدي المجموعة الحالية الضيقة التي احتكرت سلطة القرار بعد رفضها تشريك كلّ من له نفس نضالي وموقف نقدي إزاء تجربة الحكم، وفق ذات المصادر.

كما طالب الجبالي بخروج راشد الغنوشي من رئاسة الحركة كأوّل خطوة لإعادة ترتيب البيت النهضوي، علاوة عن فتح الباب أمام عدد من المناضلين التاريخيين والكوادر والكفاءات التي تمّ تهميشها في السنوات الفارطة من دوائر صنع القرار في مونبليزير.

وتخشى ذات المصادر القيادية في الحركة أن تفقد النهضة الزخم الجماهيري والقاعدي في ظلّ الهنّات التي رافقت أداء القيادة الحالية مؤكدة أنّ الجبالي قبل مبدئيا العودة للحزب شريطة الشروع في تنفيذ خارطة الطريق الاصلاحية التي وضعها.

كما أعربت عن توجسها من أن يكون المؤتمر القادم مجرد مسرحية انتخابية تعيد انتاج ذات الماكينة الداخلية الصدئة التي تسبّبت في تراجع مكانة الحركة على الصعيد الوطني لا سيما من خلال تغييب عديد المناضلين التاريخيين الذين يملكون رؤية من شأنها أن تساهم في صنع افكار اصلاحية في علاقة بالنهج السياسي والطرح الاستراتيجي بعد تجربة الحكم التي كشفت ضرورة المضي في انتهاج الواقعية والبراغماتية عوضا عن المغالبة والهروب إلى الأمام دون تقييم ومراجعات، على حدّ قولها.

حريّ بالإشارة إلى أنّ مجلس شورى النهضة من المنتظر أن يعقد نهاية هذا الاسبوع اجتماعا هاما للنظر في عديد القضايا التي تهم الشأنّ الداخلي للحزب فضلا عن تطورات المشهد السياسي في ظلّ حكومة الحبيب الصيد والتحديات الكبرى التي تعترض البلاد.

ومن المهم التذكير بأنّ راشد الغنوشي يشغل خطّة رئيس الحركة منذ تأسيسها في 1981 باستثناء بعض الفترات القصيرة التي آلت فيها هذه المسؤولية لبعض القياديين خاصة خلال مرحلة المواجهة مع نظامي بورقيبة ومن بعده بن علي.