ثمة عقبات تعترض إجراء الحوار الذي دعا إليه رئيس بعثة الأمم المتحدة بليبيا، برناردينو ليون، رغم إعلان مدينة غدامس على حدود الجزائر، في الجنوب الليبي، مقراً لانعقاد أولى الجلسات اليوم الإثنين.

أولى هذه العقبات بحسب تصريح أحد أعضاء المؤتمر الوطني الليبي المنتهية ولايته، أنه لا توجد خارطة طريق تسمح بالانطلاق في الحوارات والمفاوضات بين أعضاء مجلس النواب المنعقد بطبرق، وأولئك الرافضين لانعقاده بالمخالفة للإعلان الدستوري.

ويرجح النائب نفسه احتمال تأجيل عقد هذه اللقاءات برعاية الأمم المتحدة إلى أجل غير معلوم، حتى يتم الاتفاق مبدئياً على أجندة التفاوض بين الطرفين، مؤكداً رفض بعض أعضاء مجلس النواب الممتنعين عن الحضور إلى طبرق، لما قام به رئيس بعثة الأمم المتحدة بليبيا برناردينو ليون، من وضع سقف للتفاوض كاعتبار مجلس النواب الليبي الممثل الوحيد والشرعي، واحترام الإعلان الدستوري وتعديلاته.

وبحسب المصدر، فإن هذا السقف لم يشاور فيه أحد رئيس البعثة الأممية، وليس محل اتفاق بين الأعضاء الرافضين لانعقاد المجلس بطبرق، منوهاً إلى وجود خلافات حول حضور جلسات الحوار بغدامس بين الأعضاء الرافضين لبرلمان طبرق.

من جانب آخر، كشف ذكرت صحيفة "العربي الجديد"، وفق مصدر من غرفة عمليات "فجر ليبيا"، أن هناك خشية من أن تكون هذه الحوارات والمفاوضات برعاية بعثة الأمم المتحدة بليبيا، هي من أجل إنقاذ مجلس النواب الليبي المنعقد بطبرق، بعد أن خسر أذرعه العسكرية بطرابلس، وكاد أن يفقدها في بنغازي، وخصوصاً أن مجلس النواب في طبرق منحصر في رقعة جغرافية صغيرة جداً في أقصى الشرق الليبي، حسب قوله.

وأشار إلى أن استمرار مجلس النواب الحالي في المدة المتبقية له، وهي الاثني عشر شهراً القادمة، قد ينتخب رئيساً للبلاد، في الوقت الذي بدأ يلوح في الأفق عجز هيئة الستين لكتابة الدستور عن إنجاز المهمة المنوطة بها، ومن ثم إذا ما انحل مجلس النواب الليبي بانقضاء المدة، فسيترك رئيساً لليبيا بدون خارطة طريق واضحة لمستقبل البلاد، في حالة عدم إنجاز دستور، وهو ما يشكل بحسب وجهة نظره خطورة كبيرة على مستوى التوافق بين الليبيين واتساع الهوة السياسية بين كل الأطراف.

وبحسب مصادر أخرى، يطغى الغموض على مستقبل الحوار الذي تبنته الجزائر ودعت إليه أطراف ليبية، بمباركة الاتحاد الأفريقي، وتونس، وتشاد، رغم اعتراض المحور المصري عليها.

هذا وقد أعلنت أطراف عدة عدم تلقيها دعوة لحوار الجزائر المقرر نظرياً، اليوم الإثنين. ونفى كل من رئيس حزب "العدالة والبناء"، الليبي محمد صوان، ومسؤول جماعة "الإخوان المسلمين" الليبية، بشير الكبتي دعوتهما لحضور جلسات المفاوضات بالجزائر، المقرر أن تبدأ في الثالث عشر من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

وأشار محللون إلى أن أطراف الحوار الليبي تعاني أزمة ثقة فيما بينها؛ ففي الوقت الذي ترفض فيه أطراف من عملية فجر ليبيا التحاور مع رموز من زمن نظام العقيد الراحل معمر القذافي بشكل مباشر أو غير مباشر، هناك أطراف أخرى سياسية مؤيدة لـ"فجر ليبيا" لا ترى مانعاً في انطلاق التفاوض على أسس ثورة السابع عشر من فبراير/ شباط، والإبقاء على قانون العزل السياسي كقاعدة ينطلق منها الحوار.

أيضاً هناك خشية من طرف رئيس حزب تحالف القوى الوطنية محمود جبريل، إذ كشف أحد مسؤولي حزبه، أن جبريل لن يشارك في حوار الجزائر، "لكيلا يظهر أمام الرأي العام المحلي كأن مطالبه سياسية أو سقف شروطه يتفق وسقف شروط أنصار نظام القذافي، مما يسبب له إحراجاً كبيراً، في حال اتفق الطرفان على أجندة واحدة".

وتناقش لجنة الحوار من البرلمانيين الرافضين لمجلس النواب، في العاصمة طرابلس، خارطة طريق جديدة تستبعد المؤتمر الوطني العام من المشهد السياسي برمته، بسبب التخوفات الغربية من عودته بسبب ما قد يصدر عن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا الليبية، ومرجع هذا التخوف يعود إلى سيطرة الإسلاميين عليه بحسب مصادر غربية.

وتتبنى خارطة الطريق الجديدة، الاعتراف بمجلس النواب في طبرق، كطريق لحفظ ماء وجه أعضاءه أمام الرأي العام المحلي، شرط أن يشرف "مجلس نواب طبرق" على انتخابات برلمانية مبكرة على أسس جديدة غير تلك التي وضعتها لجنة فبراير، ووافق عليها "المؤتمر الوطني العام" في التعديل الدستوري السابع، وإلغاء القوانين والقرارات التي اتخذها مجلس النواب واعتبرتها قطاعات شعبية في ليبيا مستفزة، كالدعوات المتكررة منه بضرورة التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا.