تمثّل سلسة مطاعم "النجع" الليبية في تونس خيمة حقيقية تجمع كافة أبناء البلد دون إستثناء حول "طاولة حوار" واحدة, إن صحّ التعبير, هي "السفرة" الليبية, بعيدا عن الإنتماءات السياسية والإديولوجية والقبلية.

ويمكن القول إن سلسلة مطاعم "النجع" في تونس (أول سلسلة مطاعم ليبية في تونس) تمكّنت من توحيد الليبيين على مختلف مشاربهم, فتراهم يتوافدون على هذه الفضاءات تاركين جميع خلافاتهم خارجها, ولا يهتمّون داخلها إلا بما لذّ وطاب من أكلات شعبية تميّز بلادهم, و تمنحهم إحساسا بالإرتباط بالوطن, ولو بشكل مؤقّت, ولو إلى حين.

عن تجربة سلسلة مطاعم "النجع" الليبية في تونس, تحدّثت "بوابة إفريقيا الإخبارية" مع صاحبها, فؤاد العوام, في الحوار التالي:

بداية كيف انطلق "النجع" من فكرة, أو حلم, إلى واقع؟

فكرة إحداث "النجع" إنطلقت من تجربتي الخاصة كمواطن ليبي مقيم في تونس حمله الشوق إلى مطبخ بلاده, ورغب في أن يأكل أكلات تقليدية تختص بها, خاصة وأنني شخصيا وجدت صعوبات في التعوّد على الأكلات التونسية. ولذلك فكّرت في بعث سلسلة "النجع" الخاصة بالأكلات الليبية الأصيلة حتّى يجد أبناء وطني في تونس ضالّتهم في كل ما يميّز مطبخ بلادهم, فكان "النجع" 1 بالعوينة, شمالي العاصمة التونسية, و"النجع" 2 بحي النصر الراقي, شمالي العاصمة أيضا, وخلال أيام سيتمّ إفتتاح "النجع"3, بمنطقة الواحات, وهو مختصّ في "السندويتشات الطرابلسية", مع العلم أن السلسلة ستتوسّع لتشمل مناطق تونسية أخرى, من بينها صفاقس وسوسة وبن قردان وجربة.

بعيدا عن المكسب المالي, ما الهدف من بعث سلسلة "النجع"؟

الهدف هو تجميع كافة الليبيين في فضاء واحد بعيدا عن السياسة وعن الإيديولوجيا.

"النجع" لغويا تعني المكان الذي يحطّ فيه القوم رحلهم لوجود الماء والعشب, ويعني أيضا مكان إنتجاع القبيلة, والخيمة, والبيت المصنوع من الشعر, وهذا يرمز إلى التراث والأصالة الليبيين.. الخيمة رمز ليبي بإمتياز, ولذلك اخترت تأسيس "النجع" ليكون الخيمة العائلية والإجتماعية الدافئة التي تجمع الليبيين على اختلاف إنتماءاتهم ومشاربهم.. فقط داخل "النجع" لا وجود لأنصار "سبتمبر" ولا أنصار "فبراير" ولا غيرهم, ولا وجود للمشاحنات والخلافات السياسية والقبلية والفكرية...هنا يلتقي كل الليبيين حول "سفرة الوطن", ويجلسون على طاولة واحدة ليتمتّعوا بأكلات بلادهم التقليدية بعيدا عن شجون السياسة ومطبّاتها.

ماهي أبرز الأكلات الشعبية التي يقدّمها "النجع" لزبائنه؟

كل الأكلات الشعبية الليبية دون إستثناء, وعلى رأسها "البازين" و"الكسكسي بالعصبان" و"الكسكسي بالبصلة" و"الرشدة", وغيرها.. هنا كل ما يطلبه الليبي المتواجد في تونس من أكلات تخصّ بلاده متوفّر, وبأسعار في المتناول.

وماهي تكلفة إحداث "النجع"؟

تعتبر تكلفة بعث "النجع" بسيطة بالنظر إلى أن أسعار إيجار المحلاّت كانت معقولة.

وبالنسبة لنسبة الإقبال؟

نسبة الإقبال تراجعت مقارنة بالماضي بسبب انعدام السيولة والأزمة الإقتصادية الشاملة التي تعيشها البلاد.

بكم تقدّر نسبة العمالة التونسية في سلسلة "النجع"؟

لدينا 75 بالمائة من العمالة التونسية, و25 بالمائة من العمالة الليبية.

كرجل أعمال ليبي, كيف تقيّم العمالة التونسية؟

العمالة التونسية مزاجية, بالرغم من أنها تضمّ العديد من العناصر الجيّدة جدا.

هل وجدتم تسهيلات من السلطات التونسية لإحداث "النجع"؟

نعم وجدت تسهيلات من السلطات التونسية لإحداث سلسلة مطاعم "النجع", لكن في المقابل اعترضتني صعوبات تتعلّق بتجديد الإقامة ورخص الجولان لأنها تستغرق وقتا طويلا قبل الحصول عليها.. هناك بعض التعقيدات الإدارية التي نعاني منها كرجال أعمال ليبيين في تونس.

وكيف تقّيم مسار الشراكة التونسية الليبية في مجال الإستثمار؟

هي شراكة هامة وتتعزّز بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة.

وفي هذا الإطار, شاركنا مؤخرا في وضع حجر الأساس لإطلاق سوق المنتوجات التونسية في الزنتان, وذلك بحضور حوالي 40 رجل أعمال تونسي.

كذلك رتّبنا ووقّعنا اتفاقية مع مجلس أعمال بنغازي لتخصيص فضاء للمنتوجات التونسية, كما أننا بصدد الترتيب لإقامة معرض للمنتوجات التونسية في بنغازي, والتنسيق مع الشركات الدولية التي ستشارك في مؤتمر إعادة إعمار بنغازي.

بعيدا عن "النجع", كيف تشخّص الأوضاع التي تمرّ بها بلادك؟

الوضع الحالي مؤسف جدّا.

أرى أن ليبيا تسير إلى عراق جديد, وقريبا جدا قد نرى "المنطقة الخضراء" في طرابلس.

وما رأيك في الإنتصارات التي حقّقها الجيش في درنة والهلال النفطي؟

هي انتصارات هامة جدّا في مسار الحرب على الإرهاب وإعادة بناء الدولة.. الوضع في المنطقة الشرقية مستقرّ, ولكن ليبيا ستحرّر نهائيا من الإرهاب عندما تتحرّر العاصمة طرابلس.

وكيف تقرأ تشعّبات الصراع في ليبيا؟

الصراع في ليبيا ليس ليبيّا, بل هو صراع قوى وأجندات أجنبية.

الأزمة الليبية هي أزمة مفتعلة لتركيع الشعب تحت شعار "النفط مقابل الغذاء".

وكيف ترى افاق حلحلة الأزمة؟

حلحلة الأزمة تتمّ عبر حوار ليبي ليبي يكون مدعوما من الإتحاد الأوروبي ودول الجوار, و بعيدا عن الأمم المتحدة لأنها سبب البلاء.