توقف المراقبون أمام دلالات اختيار الإرهابيين في جبل الشعانبي، غرب وسط تونس، إطلاق اسم “فجر القيروان” على عملية الهجوم الذي نفذوه ضد وحدات من الجيش التونسي الأربعاء الماضي، ومازالت تداعياته متواصلة إلى غاية الآن على أكثر من صعيد أمني وسياسي واجتماعي.

واستأثر اسم هذه العملية “فجر القيروان” باهتمام كبير، لاسيما أنه عكس نوعا من التماهي مع عملية مماثلة بدأ إخوان ليبيا والتنظيمات المتطرفة المتحالفة معهم تنفيذها تحت اسم “فجر ليبيا”، بالإضافة إلى العملية الإرهابية التي استهدفت الجيش المصري غير بعيد عن الحدود مع ليبيا.

وتُجمع عدّة دوائر أمنية وسياسية في تونس على أنّ هذا النوع من التماهي يحمل في طيّاته أكثر من مغزى سياسي، ودلالات أمنية تتجاوز الداخل التونسي، لتشمل دول الجوار الليبي التي يبدو أنها أصبحت على خط النار بعد العمليات الإرهابية الأخيرة.

وبحسب هذه الدوائر، فإن اختيار اسم “فجر القيروان” لإطلاقه على العملية العسكرية الإرهابية التي أسفرت عن 15 قتيلا و23 جريحا في صفوف الجيش التونسي، يُعدّ رسالة واضحة حول هوية المنفذين، والرابط الذي يجمعهم ببقية الأطراف والمنظمات الأخرى الناشطة في الإقليم، وخاصة في ليبيا والجزائر وكذلك أيضا مصر.

وكانت مجموعة إرهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة تُطلق على نفسها “كتيبة عقبة بن نافع” قد أعلنت في وقت سابق مسؤوليتها عن العملية العسكرية الإرهابية في جبل الشعانبي بمحافظة القصرين، غرب تونس، وأطلقت عليها اسم “فجر القيروان”، كما توعّدت بعمليات أخرى، وذلك في تحد واضح للسلطات التونسية التي سارعت إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات لمواجهة الخطر الداهم.

وجاء اختيار هذا الاسم منسجما مع العملية العسكرية التي أطلقتها جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، والتنظيمات المتطرفة التي تدور في فلكها، تحت اسم “فجر ليبيا” للسيطرة على مطار طرابلس الدولي.

وبدا واضحا أن اشتراك العمليتين في عبارة “فجر” ليس صدفة، وبالتالي فهو ليس بريئا ضمن سياق الأجندة التي يُنفذها المتطرفون بالوكالة سواء في ليبيا أو في تونس، ما يعني توجيه رسالة مفادها أن الجهة التي تُحرك هؤلاء الإرهابيين واحدة.

وتكشف هذه الرسالة خطر ترابط نشاط تلك الجماعات التي يبدو أنها تسعى إلى إيجاد نوع من الحزام الأمني لحماية تحركاتها، ولإثبات قدرتها على تنفيذ مخططاتها الإرهابية، والتأثير في الحراك الأمني لدول الإقليم على ضوء اجتماع تونس لوزراء خارجية دول الجوار الليبي.

كما تكشف أيضا أن الجهة التي تُحرّك الإرهابيين في المنطقة، باتت تشعر بنوع من الارتباك في أعقاب استبعادها من المشاورات على الصعيدين الإقليمي والدولي بحثا عن تسوية للأزمة الليبية.