منذ وصول الرئيس الفرنسي إيمانوال ماكرون لقصر الإليزيه،تعمّق الدور الفرنسي في الأزمة الليبية حيث أمست لاعبا رئيسيا و مباشرا في منافسة صريحة مع الجانب الإيطالي إلا أنه مع إعلان الجيس الليبي عملية تحرير طرابلس من سطوة الميليشيات عرف الموقف الفرنسي غموضا أثارا جدلا واسعا في المجتمع الدولي.
فمنذ بداية المعارك في طرابلس قبل أسبوع، تواجه فرنسا اتهامات من إيطاليا بدعم تحرك الجيش الليبي، عبّر عنه، أمس الخميس، وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني، الذي أكدّ أنّ "الحكومة الإيطالية، تدرس ما إذا كانت فرنسا متورطة في المواجهات الجديدة التي تشهدها ليبيا، وتدعم بعض الأطراف في البلد".
وحذّر سالفيني في مقابلة إذاعية، من أن هناك "من يمارس لعبة الحرب من أجل مصالح اقتصادية وأنانية وطنية"، مضيفا أنه "حين يكون هناك حديث عن صواريخ وقصف على مطارات، فهذا يعني أن هناك خطرا على الإيطاليين الذين يعملون هناك".
ومن جهتها، قابلت فرنسا هذه الاتهامات، بنفي دعمها لأيّ طرف على حساب الآخر، أو عرقلة إصدار بيان للاتحاد الأوروبي، يدين فيه التصعيد العسكري الذي تقوده قوات الجيش الليبي، ويدعو حفتر لوقف هجومه على العاصمة طرابلس.
وفي هذا السياق، أكدّت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، أنييس فون دير مول، الشهر الماضي، أنّ فرنسا طالبت الاتحاد الأوروبي بإجراء 3 تعديلات على بيانه بشأن ليبيا تخص 3 قضايا أساسية وهي: وضع المهاجرين وسُبل الوصول إلى حل سياسي ينهي أزمة البلاد برعاية الأمم المتحدة، إضافة إلى مشاركة أطراف سبق وأن صدرت في حقهم عقوبات من الأمم المتحدة بتُهم مُتعلقة بالإرهاب، في القتال الذي اندلع مؤخرا في ليبيا.
في نفس الإطار، قالت مصادر دبلوماسية إن فرنسا عرقلت بيانا للاتحاد الأوروبي يدعو خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي إلى وقف الهجوم على طرابلس، وذلك في أحدث مثال على تقويض الخلافات الداخلية لنفوذ التكتل العالمي.
وكانت مسودة البيان ستنص على أن الهجوم العسكري بقيادة حفتر على طرابلس يعرض للخطر السكان المدنيين ويعرقل العملية السياسية ويهدد بمزيد من التصعيد الذي ستكون له عواقب وخيمة على ليبيا والمنطقة بما في ذلك التهديد الإرهابي.
حيث وقالت فيدريكا موغيريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إن موقف التكتل موحد في الدعوة إلى هدنة والعودة إلى الدبلوماسية في ليبيا.
ويرى مراقبون أن الاتحاد الأوروبي لم يتوصل لموقف موحد حول ليبيا بسبب الخلاف الفرنسي الإيطالي المتجدد حول كيفية التعامل مع الصراع المتصاعد.
من جانب آخر، أكدت فرنسا في وقت سابق دعمها لحكومة الوفاق الوطني ، إذ قال مسؤول بالرئاسة الفرنسية: "كما أكدنا في عدة مناسبات: فرنسا تؤيد الحكومة الشرعية لرئيس الوزراء فائز السراج ووساطة الأمم المتحدة والحل السياسي الشامل في ليبيا".
وأضاف "علاوة على ذلك، المحاور الشرعي للرئيس هو رئيس الوزراء السراج الذي تحدث معه الرئيس للتأكيد على هذا الدعم".
وخلال حضوره اجتماع لمجموعة الدول الصناعية السبعة في مدينة دينار شمال غرب فرنسا، قال وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان: "في ليبيا لا مكان للانتصار العسكري، الانتصار لن يكون إلا سياسيًا"، كما دعا سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة فرانسوا ديلاتر، الجمعة، جميع الأطراف في ليبيا إلى الامتناع عن التصعيد.
في نفس السياق،فإن فرنسا تنظر إلى ليبيا من خلال مجموعة متعددة من المصالح، تتعلَّق بإنتاج الطاقة، وتطوير البنية التحتية، والفرص الإقليمية من خلال استرضاء أولئك الذين يدعمون الصناعة الفرنسية، بحسب تقرير لميدل إيست آي.
وبحسب تقرير لرويترز عزَّزت توتال الفرنسية وجودها في ليبيا، العام الماضي، عندما اشترت 16.3% من أسهم شركة الواحة الليبية، وذلك من خلال شركة ماراثون الأمريكية، مما أعطى لتوتال نصيباً من احتياطات الطاقة في ليبيا تبلغ 500 مليون برميل، وما يعادلها من اكتشافات محتملة في حوض سرت.