تشهد العاصمة الليبية طرابلس منذ الاثنين الماضي اشتباكات دامية بين اللواء السابع مشاة من جهة، وكتيبتي ثوار طرابلس والنواصي وقوات الأمن المركزي التابعة لحكومة الوفاق. إذ أعلنت وزارة الصحة أن حصيلة القتلى جراء الاشتباكات جنوب العاصمة طرابلس بلغت 27 قتيلا و91جريحا.
وبحسب إحصائية، نشرتها وزارة الصحة لأعداد ضحايا الاشتباكات التي بدأت بطرابلس يوم الإثنين الماضي، قُتل أثناء الاشتباكات 27 شخصًا وأصيب 91 آخرون، تم توزيعهم على ثمان مستشفيات بطرابلس. وأفادت الوزارة بأن أغلب الحالات كانت في صفوف المدنيين المتواجدين بمناطق الاشتباك، مضيفة أن وفاياتهم كانت ناتجة عن حروق وجروح بليغة. وأثارت هذه الإشتباكات مرة أخرى ملف المناكفة الدولية حول ليبيا أو حرب التصريحات بين إيطاليا و فرنسا بالخصوص.
جدل الانتخابات
اتهمت الحكومة الإيطالية، في وقت سابق، فرنسا بـالتسرّع في ليبيا، محذّرة من فرض موعد معين لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بالبلاد التي تعيش أزمة سياسية، وسط شكوك تحيط بالاستحقاق الانتخابي المرتقب. وقال نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني، في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك "إن تحديد تاريخ الاقتراع من باريس أو روما أو نيويورك، لا يساعد في عملية تهدئة تحتاج إلى مزيد من الوقت".
وشدّد المسؤول الإيطالي على ضرورة إجراء الانتخابات في ليبيا، لكنه حذّر من محاولة فرض موعد لهذا الاستحقاق، ودعا بالمقابل، إلى مراعاة ظروف الليبيين للتصويت بسلام. واتهم ماتيو سالفيني فرنسا بتنظيم مؤتمر حول الأزمة الليبية في وقت غير مناسب، مشدّدًا على ضرورة أن يكون المؤتمر المرتقب حول ليبيا بروما خلال الخريف المقبل أكثر انفتاحًا وأكثر احترامًا.
في المقابل أبدى ماكرون مجددًا تصميمه على الدفع قدمًا بالاتفاق الذي أبرم في العاصمة الفرنسية باريس بين مختلف الأطراف الليبية خلال مايو الماضي، وقال في مؤتمر لسفراء فرنسا في الخارج أؤمن بشدة في إعادة السيادة الليبية، مضيفًا في هذا البلد الذي أصبح مسرحًا لكل المصالح الخارجية، دورنا هو النجاح في تطبيق اتفاق باريس و أبرز وزير الخارجية الفرنسي في كلمته أمام مؤتمر سفراء فرنسا بباريس وفقاً لصحيفة اليوم السابعالمصرية أمس الأربعاء جهود بلاده فى الملف الليبى ودعمها بالتعاون مع شركائها ودول المنطقة لعمل مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة. ووصف إجتماع باريس المنعقد في 29 مايو بغير المسبوق لجمعه الأطراف الأربعة الأبرز فى المشهد الليبي والذين كانوا لا يعترفون ببعضهما البعض.
وزير الخارجية الفرنسي إعتبر أن تسجيل ثلاثة ملايين ليبى لأسمائهم على القوائم الانتخابية يمثل في الوقت نفسه أملاً ونداء لا بد من سماعه، مجدداً دعم باريس لسلامة للمضي قدماً في هذا الاتجاه بالإضافة إلى دعمها المالي للتحضير للانتخابات. ولفت إلى أنه بالرغم أن الأمور لم تحل بعد إلا أنه بات هناك خطة وسيناريو للخروج من الأزمة، مشدداً على أن هذه الخطة ليست موجهة ضد أحد وتصب في مصلحة الجميع سواء الأوروبيين أو دول جوار ليبيا.
ويرى مراقبون للمشهد الليبي أن كلا أطراف الصراع تسعى جاهدة لتوظيف مستجدات طرابلس بغاية تنفيذ أجنداتها السياسية بالتالي السعي لتطويع هذه الورقة لتسجيل نقاط إضافية.
تحالفات جديدة
أكد نائب رئيس الوزراء ووزير العمل والتنمية الاقتصادية الإيطالي لويجي دي مايو على دور مصر الأساسي في استقرار ليبيا. وقال المسؤول الايطالي في تصريحات إعلامية بعد اجتماعه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة إن "العلاقات مع مصر من شأنها أن تكون فرصة أخرى لتحقيق الاستقرار في ليبيا". وأضاف: "قلت للسيسي إننا سنأخذ مصر في الحسبان عند مواجهة الملف الليبي"، وتابع "نستعد للمؤتمر الذي نريد عقده في روما بشأن ليبيا"، وذلك "في محاولة إشراك جميع الجهات الفاعلة التي يمكن أن يكون لها دور فعّال".
وكانت مصادر إعلامية كشفت عن اتفاق بين روما والقاهرة على عقد "اجتماعات دورية على مستوى كبار المسؤولين" في البلدين، تحضيراً للمؤتمر الدولي حول ليبيا، الذي ستستضيفه العاصمة الايطالية في فصل الخريف. وتوقعت المصادر أن يلتئم المؤتمر في روما، الذي لم يحدد له موعدا رسميا بعد، خلال شهر نوفمبر.
هذا التنسيق ليس مستجد إذ أكد الرئيس الإيطالي سنة حرص بلاده على التنسيق والتشاور مع مصر في كافة القضايا التي تهم الجانبين وتمثل لهما تحدياً مشتركاً، في مقدمتها مكافحة الإرهاب والوضع في البحر المتوسط ، وقضايا الهجرة غير الشرعية والموضوعات الإقليمية الأخرى منها الموقف في ليبيا، وسبل عودة الاستقرار لهذا البلد لضمان أمن منطقة المتوسط.
ومع هذا التواصل المصري الإيطالي القديم الجديد، يشير متابعون إلى أن إيطاليا تعمل على إستغلال الدور التاريخي و الحاسم لمصر داخل ليبيا لحسم معركة الكعكة الليبية لصالحها.