لفتت ظاهرة العزوف الشعبي عن الحضور والمشاركة في التجمعات الدعائية للانتخابات الرئاسية المقررة في 17 أبريل الجاري أنظار الصحف والمراقبين لمجريات الحملة الانتخابية الجارية في الجزائر منذ 23 مارس الماضي، خصوصاً في جزئية استغلال الأطفال.

وككل صباح يتوجه عبدالغني إلى محله التجاري الكائن في حي المدنية بأعالي العاصمة، ويداوم فيه حتى المساء، ويرفض حضور التجمعات الدعائية للانتخابات الرئاسية المقررة في 17 أبريل الجاري.

عبدالغني يعتبر أنه لم يرَ لنفسه فائدة في حضور التجمعات الدعائية، ويقول "الوعود نفسها والخطابات نفسها نسمعها من المرشحين وممثليهم، مشكلاتنا الاجتماعية اليومية لم تحل، ونحن مللنا الوعود والخطابات".

وعبدالغني ليس وحده من يدير وجهه عن التجمعات الخطابية، لكن كثيراً من الجزائريين لا يولون أهمية كبيرة للحملة الانتخابية، وهو ما يظهر بوضوح خلال التجمعات التي يحضرها المرشحون للانتخابات الرئاسية، وبدرجة أقل بالنسبة للتجمعات الخاصة بالمرشح بوتفليقة.

ويجري في السياق نفسه استغلال الأطفال والقصّر لملء القاعات، مثلما حدث في تجمع شعبي حضرته المرشحة لويزة حنون في مدينة البليدة في الضاحية الجنوبية الجزائرية، وفي تجمعات ناشطي حملة الرئيس بوتفليقة في أكثر من مدينة.

وانتقدت هيئات حقوقية تهتم بالطفولة هذا الاستغلال، وطالبت جمعية "ندى" النشطة في مجال الدفاع عن حق الأطفال بالحد من هذه السلوكيات وبإبعاد الأطفال عن المشهد السياسي، وقال رئيس الجمعية عبدالرحمن عرعار إن "الجمعية سبق أن نبهت إلى خطورة الزج بالأطفال".

ويفسر الباحث الأكاديمي محمد أرزقي فراد عزوف المواطنين عن حضور التجمعات الانتخابية، بسبب الإرهاق الاجتماعي الذي يعيشه الجزائريون خاصة خلال السنوات الأخيرة، نتيجة تراكمات اجتماعية .

وقال فراد "العزوف عن التجمعات الذي ترجم إلى عزوف عن التصويت بلغ أعلى مستوياته في الانتخابات التشريعية عام 2007، بنسبة 43%. المواطنون لم يعودوا يثقون في السياسيين، فهناك أزمة ثقة خطيرة بين السياسيين والشعب في الجزائر".

وبهذا الخصوص اتهم مرشحان للانتخابات الرئاسية، هما علي فوزي رباعين وموسى تواتي مديري حملة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، باستغلال المال العام والنفوذ لملء قاعات التجمعات الانتخابية الخاصة بالرئيس المترشح بوتفليقة.

كما اتهم المرشح علي بن فليس مديري حملة بوتفليقة بإلزام العمال والموظفين الحكوميين بالحضور الإجباري في القاعات التي تشهد تجمعات انتخابية ودعائية لصالح بوتفليقة، لإعطاء الانطباع بقوة الدعم الشعبي لبوتفليقة.

القاعات الفارغة ليست مشهداً فقط، لكنها حرب إعلامية أيضاً، بن فليس كشف قبل يومين في تجمع شعبي بولاية البيض أن لديه معلومات بشأن تعليمات شفوية وجهتها السلطات إلى مصوري قنوات التلفزيون الحكومي، لإبراز الكراسي الشاغرة خلال تجمعاته الانتخابية .

وفي ظل العزوف الانتخابي يضطر المرشحون إلى استدعاء مغني وفناني الملاهي وفرق فلكلورية والرقص الشعبي لاستدراج الشباب خاصة إلى التجمعات الانتخابية، خاصة في الولايات الداخلية.