عقب لقاء جمعهما في الجمهورية التونسية، أعلن محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، ونائبه علي الحبري، الأسبوع الماضي، عن الانطلاق الفعلي لعملية توحيد المصرف. وتم خلال لقاء المحافظ ونائبه توقيع عقد لتقديم خدمات استشارية مع شركة خاصة بتقديم الخدمات المهنية الرائدة، من أجل دعم تنفيذ خارطة إعادة التوحيد المتفق عليها، والتي ستكون ضمن أربعة مراحل، وسينتج عنها نموذج تشغيلي متطور للمصرف المركزي الموحد، يحاكي أفضل الممارسات العالمية.. ولمزيد من التفاصيل حول عملية توحيد المصرف المركزي في ليبيا أجرت "بوابة إفريقيا الإخبارية" هذا الحوار مع أمين المركز الليبي للتنافسية الاقتصادية فوزي عمار، وإلى نص الحوار:

-توحيد المصرف المركزي في ليبيا خطوة مهمة.

-المصارف الليبية تحتاج لعملية كاملة من الإصلاحات في الهندسة المالية والبنية التحتية.

-نموذج الاقتصاد الأقرب والأصلح لليبيا هو النموذج المختلط نظراً لوجود النفط.

-تجارة العبور لموقع ليبيا الجغرافي تمثل تنافسية عالية.

-يجب إنشاء نظام محاسبي شفاف يقطع تغول الفساد. 

-كيف تابعتم إعلان الانطلاق الفعلي لتوحيد المصرف المركزي؟

هذه ليست المرة الأولى التي يجتمع فيها محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، ونائبه علي الحبري خارج ليبيا، فلقد رأينا ذلك من قبل وفي نفس الدولة وهي تونس، ولكن دعينا نتفاءل هذه المرة لأن توحيد المصرف المركزي أصبح ضرورة ملحة خاصة لحل مشكلة المقاصة بمصارف المنطقة الشرقية التي أوقفها السيد الكبير في عقوبة لشعب بالكامل وليس لمصرف بعينه، وهذه سابقة لم نسمع بها في أي بلد في العالم بأن يقوم محافظ المصرف بمعاقبة الشعب وليس المصرف. 

-ما التأثيرات الاقتصادية لتوحيد المصرف المركزي الليبي؟

توحيد المصرف المركزي في ليبيا خطوة مهمة خاصة إذا ما تزامنت مع اختيار محافظ له شرعية، فالسيد الكبير يعتبر مغتصب للمنصب خاصة بعد صدور قرار من البرلمان بتكليف السيد محمد شكري محافظا منتخبا للمصرف. 

-ما أهم المكاسب الاقتصادية المنتظرة من توحيد المصرف المركزي؟

عودة العمليات المصرفية إلى المنطقة الشرقية سيمكن المليارات من الدينارات التي خارج المصارف للعودة ولتكون جزء من الدورة المالية بدلاً من الاحتفاظ بها في البيوت بعد قرار إيقاف المقاصة. ولا شك أن هذه خطوة مهمة إذا ما تحققت، ولكن المصارف في ليبيا تحتاج بالأساس إلى عملية كاملة من الإصلاحات في الهندسة المالية والبنية التحتية للمصارف الليبية متمثلة في الاتصالات والربط الإلكتروني وغيرها.

-ما هو النموذج الاقتصادي الأصلح لليبيا؟

كما نعلم هناك ثلاثة نماذج كبرى للاقتصاد في العالم وهي؛ النموذج الاشتراكي، ونموذج اقتصاد السوق، ونموذج الاقتصاد المختلط التي تملك فيه الدولة الموارد وتشتري الخدمة من القطاع الخاص، ونحن نرى أن النموذج الأقرب والأصلح لليبيا هو الاعتماد على نموذج الاقتصاد المختلط نظراً لوجود النفط وهو مال مشاع لكل الليبيون، مع ضرورة العمل على تحديد تنافسية وتموضع الاقتصاد الليبي داخل اقتصاد عولمي يجمعه معه، وتحديد نموذج عادل لتوزيع التنمية بين كافة قطاعات ومناطق ليبيا، ونموذج جديد لتوزيع عوائد النفط.

-إذا ما هي الإصلاحات المقترحة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية في البلاد؟

اعتقد أنه وبالإضافة إلى خطوة توحيد المصرف المركزي، وفتح المقاصة على المصارف في المنطقة الشرقية، والاتفاق على هوية الاقتصاد الليبي وتنافسيته وتموضعه داخل اقتصاد عولمي، بالاعتماد على النظام الاقتصادي الأقرب لنا هو (الاقتصاد المختلط) كما ذكرنا سالفاً وخاصة في ظل وجود المال المشاع وهو النفط، على أتن تكون تنافسية الاقتصاد الليبي هي المشروعات الحساسة للطاقة، ولا ننسى أن تجارة العبور لموقع ليبيا الجغرافي تمثل تنافسية عالية.

ومن الضروري أيضا العمل على حل إشكالية توزيع عوائد النفط فمن المهم أن يستلم المواطن الليبي جزء من عوائد النفط في يده، على أن يذهب ثلث دخل النفط إلى المواطن من خلال التوزيع المباشر على كل عائلة، وعندها يتم دفع كتلة الأجور فقط لمن يستحقها ومقابل خدمة فعلية تقلل فيها الزيادة المبالغ فيها على الملاك الوظيفي.

ونرى أن تموضع الاقتصاد الليبي داخل اقتصاد عولمي يرفعه معه وهو خطوة مهمة جداً بعد إعداد إستراتيجية وطنية تجمع السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية معاً، مع إنشاء نظام محاسبي شفاف يقطع تغول الفساد الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة حيث وصل إلى سعف النخل وأصبح ظاهرة. 

كل هذا هو مشروع في حاجة للفهم، ولكن للأسف لا يوجد توافق حول هذا المشروع حتى الآن، ومن هذا المنبر نوجه الدعوة لكل المختصين والمهمومين بالاقتصاد والتنمية لإعداد هذا المشروع ليتم الاصطفاف حوله والدفع به وتبنيه كبديل لحالة التشظي التي نعيشها منذ أكثر من عشر سنوات حتى الآن.