في مثل هذا اليوم 18 أبريل من العام 1946، وعندما كان إقليم برقة خاضعاً للإدارة العسكرية البريطانية بعد اندحار الاستعمار الإيطالي وهزيمة دول المحور في الحرب العالمية الثانية، وبينما كانت الأطماع الخارجية تحدق بالبلاد، وكان مستقبل ليبيا في الميزان، تم إطلاق عهد لتأجيل كل الخلافات إلى ما بعد بناء الدولة وتحصين سيادتها.

وقد قضى العهد الذي انطلق من مدينة درنة بـ "إيقاف كل ّ خصومة وكل نزاع" ولا يسمح “بالمطالبة بحق قديم، سواءً كان ثأراً أو دية جرح أو حقّاً عقارياً أو غير ذلك، رغبة في جمع الكلمة وتأليف القلوب وتوحيد المجهودات وتوجيهها متضافرة متحدة إلى قضية البلاد السياسية وحدها، حتى يتقرر مصير البلاد وتؤسس فيها حكومة وطنية وتنظم أمورها وتستقر أحوالها.”

وجاء ذلك العهد لتجنب أية مواجهة بين المجاهدين وأسر الشهداء والقوى الوطنية والمنحازين للوطن من جهة وبين عملاء الاستعمار الإيطاليين والسائرين في ركابه ومن استقووا به لممارسة الظلم في حق المواطنين

وهذا نصّ العهد:

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد، فإننا نحن عُمد ومشايخ قبائل الحرابى وأعيان مدينة درنة المجتمعين في المؤتمر الوطني المنعقد بمركز جمعية عمر المختار بدرنة يوم الخميس 5 جمادى الأولى 1365 الموافق 18 إبريل 1946 لدرس الموقف الحاضر قد قررنا ما يأتي:

أولاً: إقرار الميثاق الوطني الذي أبرمته الهيئة التأسيسية بمدينة بنغازي بموافقة الوفد الدرناوي بالنيابة عن منطقة ليبيا الشرقية.

ثانياً: عملاً بنداء سمو الأمير المعظم السيد محمد إدريس المهدي السنوسي، نتعهد جميعنا بإيقاف كل ّ خصومة وكل نزاع مهما كان نوعه فيما بيننا، فلا نسمح بإثارة فتنة قديمة أو جديدة ولا نسمح بالمطالبة بحق قديم سواءً كان ثأراً أو دية جرح أو حقّاً عقارياً أو غير ذلك، رغبة منا في جمع الكلمة وتأليف القلوب وتوحيد المجهودات وتوجيهها متضافرة متحدة إلى قضية البلاد السياسية وحدها، حتى يتقرر مصير البلاد وتؤسس فيها حكومة وطنية وتنظم أمورها وتستقر أحوالها.

ثالثاً: عندئذٍ فقط يجوز لكل صاحب حق مشروع أن يطالب بحقه بالوسائل المشروعة وبواسطة حكومة البلاد الشرعية.

رابعاً: ليس معنى هذا التعهد أننا ندعو أصحاب الحقوق إلى التنازل عن حقوقهم، ولكننا نطالبهم بإيقاف المطالبة بها مؤقتاً ليتفرغوا للمطالبة بحق الأمة العام الذي له من الأهمية الكبرى ما يجعله أحقَّ بالتقديم على حقوق الأفراد والعائلات والقبائل.

خامساً: كل من يخالف هذا التعهد يعتبر معرقلاً لمساعي الأمة ومثبّطاً لجهادها الذي نرجو أن يُكلّل بالنجاح التام في إحراز الحرية والاستقلال إن شاء الله.