أكد عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور د. إبراهيم البابا، أن حل الأزمة الليبية يكمن في اعطاء الشعب الليبي فرصته لقول كلمته في مشروع دستوره، ثم الذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية وفقاً لهذا الدستور، بحيث يقتصر دور بعثة الامم المتحدة فقط على تمكين الشعب الليبي من إقرار دستوره أولاً ثم اختيار ممثليه.
وقال البابا في ورقة بعنوان (تساؤلات مشروعة حول "الملتقى المختار" أو "الملتقى اللغز") تحصلت بوابة أفريقيا الإخبارية على نسخة منها، "هناك تساؤلات عديدة يجب طرحها حول الملتقى الوطني الجامع والذي ربما يمكن تسميته بـ "الملتقى المختار" من رئيس بعثة الامم المتحدة السيد: غسان سلامة، حيث أن آلية اختيار أعضائه لا يعلمها احد الا رئيس واعضاء البعثة وربما بعض موظفيه، وهو بالتالي يكون المسؤول الاول بصفته على اختيارهم، مخالفاً بذلك كل الانظمة السياسية المتبعة في آلية اختيار المجالس التمثيلية للشعوب، وربما يمكن تسميته ايضاً بـ "الملتقى اللغز" حيث انه يتسم بالغموض في كل شيء كآلية اختيار اعضائه ونظامه الداخلي واجندته وآلية التوافق حول ما يصدر عنه من قراراته وشرعيتها وعلاقته بالمسار التأسيسي. جل هذه التساؤلات التي تحوم حول هذا "الملتقى المختار" او "الملتقى اللغز" يمكن تلخيصها في الآتي:
1-آلية اختيار اعضاء "الملتقى المختار": جل الانظمة السياسية الديمقراطية في العالم تطبق آلية الانتخاب في اختيار ممثلي الشعب ومن ذلك يستمد شرعيته، وبالتالي فإن هذا الملتقى ليس له اي شرعية، واي قرار يصدر عنه يعد باطلاً لا يعبر عن رغبة الشعب الليبي. فلا ندري أي آلية تم استخدامها من قبل بعثة الامم المتحدة ورئيسها في اختيار اعضاء هذا الملتقى بل وتم وصفها بـ "الدقيقة".
2-النظام الداخلي "للملتقى اللغز": لأي مجلس يجب أن يكون هناك نظام داخلي ينظم عمله لينجز مهمته وفقاً له، فعلى سبيل المثال كيف يتم اتخاذ القرارات في هذا الملتقى؟ هل بالأغلبية المطلقة او بأغلبية الثلثين او بالأجماع؟ ما هي آلية اختيار رئاسة هذا الملتقى؟ هل ستكون هناك لجان خاصة توكل اليها بعض القضايا الخاصة بالأزمة الليبية؟ ما هي مدة عمل هذا الملتقى؟ وغيرها.
3-اجندة "الملتقى المختار": ماهي اجندة عمل هذا الملتقى؟ هل سيكتفي بملف المصالحة الوطنية والاصلاحات الاقتصادية وتوحيد المؤسسات؟ ام سيذهب الى ابعد من ذلك باعتماد حكومة موحدة "مؤقتة" او ربما تعطيل المسار الدستوري واقامة انتخابات برلمانية بل ورئاسية وفق إطار دستوري "مؤقت" وبالتالي الدخول في مرحلة انتقالية جديدة لا نعلم متى ستنتهي، وبذلك ستستمر معانة الشعب الليبي والفوضى واستنزاف الاموال؟
4-"الملتقى اللغز" والتوافق: هل سيكون التوافق بين اعضاء الملتقى في اي قضية مطروحة مهمة سهلة خصوصاً وأن رئيس البعثة ذكر انه لم يقصي أحداً في هذا الملتقى؟ في حال اعتراض او انسحاب اي من اعضاء "الملتقى المختار" هل سيبطل مسألة التوافق؟
5-"الملتقى المختار" والمسار التأسيسي: إن المسار التأسيسي للدولة الليبية ملك للهيئة التأسيسية المنتخبة من الشعب الليبي وفق ما نص عليه الاعلان الدستوري والاتفاق السياسي، بل وفق ما اكدته الامم المتحدة وبعثتها في عديد المناسبات، وقد أنجزت الهيئة عملها باعتماد الدستور في 29 يوليو 2017 وبانتظار الشعب لقول كلمته عبر الاستفتاء، وبالتالي فإن المساس بالمسار التأسيسي للدولة الليبية عبر "الملتقى المختار" مساس بالسيادة وحرمان الشعب الليبي من إقرار دستوره دون وصايا من أحد سواء من الداخل او الخارج.
وتابع البابا، "في الختام، اود تحذير بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ورئيسها من تكرار خطأ البعثة السابق الذي ارتكبته باختيار جل أعضاء اللجنة التي أعدت الاتفاق السياسي، كانت النتيجة أكثر من ثلاث سنوات من الحرب والفساد، فربما في السابق كانت الحجة "رغم ضعفها" غياب مشروع دستور، ولكنها الآن لم تعد موجودة بعد اقرار مشروع الدستور من الهيئة التأسيسية المنتخبة بالأغلبية المنصوص عليها. واود ايضاً التأكيد على أن الحل يكمن في اعطاء الشعب الليبي فرصته لقول كلمته في مشروع دستوره الذي اعدته هيئة تأسيسية من اختياره وداخل ارضه، وثم الذهاب الى انتخابات تشريعية ورئاسية وفقاً لهذا الدستور، بحيث يقتصر دور بعثة الامم المتحدة فقط على تمكين الشعب الليبي من إقرار دستوره اولاً ثم اختيار ممثليه، بعيداً عن هذا "الملتقى اللغز".