منذ أكثر من عقدين، صادقت موريتانيا على المعاهدة المتعلقة بحقوق الطفل، ومنذ ذلك التاريخ، تم قطع بعض المراحل في مجال إرساء إطارٍ وطني لتنمية الطفولة بوجه عام، والطفولة الصغرى على وجه الخصوص، لكن بالموازاة مع ذلك بقيت فئة كبيرة من الأطفال الموريتانيين معرضة للكثير من المخاطر بفعل بعض العادات السلبية المنشرة خاصة في فئة الزنوج الموريتانيين، ومن هذه العادات ارسال أطفال المحاظر للتسول تحت غطاء تحصيل العلم .

آلمودات، حين تهان الطفولة باسم العلم

 بثيابهم الرثة يمكن تمييزهم عن باقي أقرانهم، تجدهم غالبا في الأسواق وعند تقاطع الطرقات حيث المكان المفضل للتسول، إنهم آلمودات أو أطفال المحاظر الزنجية في موريتانيا، حيث تدفع العديد من قوميات الزنوج في موريتانيا في عرف سائد منذ القدم بأبنائها من قراهم جنوب البلاد الى العاصمة نواكشوط ومدينتي روصو وكيهيدي بهدف تحصيل العلم، لكنها بالمقابل تتنازل  لمعلم القرآن عن توفير متطلباتهم اليومية من مأكل ومشرب ما يسمح لهم بإرسالهم يوميا للتسول في الشارع بهدف توفير قوتهم اليومي، وما يعني ذلك من استغلال لبراءة الأطفال .

خيار يفرضه الواقع

 في المقابل يقول شيوخ المحاظر  بأنهم لا يملكون من الموارد ما يمكنهم أن يثبتوا طلابهم داخل المحظر، وأنهم يبعثونهم من أجل أن يحصلوا على قوتهم ويحصل أيضا شيخ المحظرة في المقابل على بعض النقود أو ما يمكن أن يسهل له رعاية محظرته.

ويرى شيوخ المحاظر أن ما يقوم به طلابهم  ليس تسولا، بل خدمة اجتماعية يقوم بها الطلبة لصالح شيخهم بمباركة اجتماعية من المجتمع الزنجي كله وبالتالي فلا غضاضة بالنسبة لأي طالب أن يقوم بها .

 وسيلة للتكسب

تؤكد بعض المنظمات المدافعة عن حقوق الطفل في موريتانيا  أنه آن الأوان لإنهاء هذه  الظاهرة  حيث أصبحت وسيلة للتكسب بشكل فج وفي الشوارع وبطرق لا أخلاقية ولا اجتماعية بل إن ممارسيها أصبحوا مجموعة من النشالين يقومون جهارا نهارا بعمليات سطو على السيارات المارة من خلال انتزاع حقيبة أوما إلى ذلك ويذهب الواحد منهم جريا وأحيانا تجده الناس تتابعهم في الشوارع من أجل انتزاع ما انتزعوه.

 احصائيات

تقول دراسة رسمية نشرتها وزارة الشؤون الاجتماعية في موريتانيا مؤخرا إن 92% من الأطفال المتسولين هم من طلاب المحاظر، واعتبرت الدراسة أن ظروف عيش هؤلاء الأطفال هشةً، خاصة فيما يتعلق بالصحة والنظافة والتغذية والسكن.
وحذرت الدراسة من الانعكاسات الخطرة على مستقبل أطفال المحاظر. فهم عندما يحسُّون بالهجران، يتعاطون التدخين، وفي بعض الأحيان المخدرات. وهكذا يقع الانحراف عن منطلق التعاليم القرآنية التي يسعى إليها هؤلاء، ويصبح الأطفال بدون ضوابط، فينغمسون في أنواع الجنوح التام، ما يعرض مستقبلهم للخطر .