قال المحلل الاقتصادي رشيد ساري، إن الحرب حتما ستؤثر بشكل سلبي على أوروبا بشكل كبير جداً، وعلى أسيا ودول إفريقيا بشكل أقل حدة. وقال ساري في حوار مع بوابة إفريقيا الإخبارية، إن "المنطقة المغاربية سوف تتأثر حتما لكن بشكل متباين ومتفاوت، لأن دول كالجزائر وليبيا تمتلك مصادر الطاقة بشكل متباين، لكن دولا بعينها كالمغرب وتونس وموريتانيا سيكونون بحاجة لمصادر الطاقة أكثر خاصة في ظل ارتفاع أسعار البترول والغاز، لكن يجب تسجيل أن هناك نقط مشتركة بين الجميع وهي حاجتهم للحبوب".. وإلى نص الحوار:

-المنطقة المغاربية ستتأثر حتما بالحرب الأوكرانية الروسية لكن بشكل متباين ومتفاوت.

-انعدام الانسجام بين دول المغرب العربي سيجعل وضعيتهم حرجة.

-دول المنطقة المغاربية بحاجة إلى اعتماد التخزين لأهم المواد خاصة الغذائية.

-الوضع العالمي الجديد يدعوا لتضامن الدول المغاربية فيما بينها.

بداية.. هل ستتأثر دول المغرب العربي اقتصاديا بالحرب الروسية الأوكرانية؟ 

الحرب حتما ستؤثر بشكل سلبي على أوروبا بشكل كبير جداً وعلى أسيا ودول إفريقيا بشكل أقل حدة، لكن عموما يجب أن نقول إن توقيت الحرب جاء في وقت اختارته روسيا بعناية شديدة حيث فصل الشتاء حيث البرد الشديد وحاجة العالم ودول أوروبا لمصادر الطاقة خاصة الغاز والبترول. 

المنطقة المغاربية سوف تتأثر حتما لكن بشكل متباين ومتفاوت، لأن دول كالجزائر وليبيا تتوفر على مصادر الطاقة وبشكل متباين لأن دولا بعينها كالمغرب وتونس وموريتانيا سيكونون بحاجة لمصادر الطاقة أكثر خاصة في ظل ارتفاع أسعار البترول والغاز. لكن يجب تسجيل أن هناك نقط مشتركة بين الجميع وهي حاجتهم للحبوب.

ما ملامح هذه التأثيرات؟ 

الملامح ستظهر كذلك متباينة ومتشابهة، بالنسبة للتباين فيخص الجزائر التي ستستفيد من الوضع الحالي حيث ارتفاع سعر البترول الذي تعدى 100 دولار للبرميل والغاز الذي وصل إلى سعر جد مرتفع 1400 دولار للطن. 

التوقعات تشير إنه في حالة استمرار الحرب الروسية الأوكرانية سنصل إلى ارتفاعات غير مسبوقة للبترول إذ من المحتمل أن يصل السعر إلى 150 دولار للبرميل وأسعار الغاز إلى 2000 دولار للطن. 

هذا الوضع سينعكس سلبا على باقي الدول المغاربية مع تحييد لليبيا التي تعيش ظروفا خاصة رغم امتلاكها للبترول لكن المغرب سيكون أكثر المتضررين من هذا الارتفاع الكبير. 

بالنسبة للعوامل المتشابهة فيخص استهلاك الحبوب حيث تبلغ واردات الجزائر من الحبوب 8 مليون طن، والمغرب 5 مليون طن. ونسبة واردات ليبيا من أوكرانيا من الحبوب تتعدى 40%. ويجب أن نسجل أن أوكرانيا وروسيا تمتلك 29% من القمح، و19% من الذرة، و80% من بذرة الشمس على المستوى العالمي.

ما النتائج الاقتصادية على دول المغرب العربي؟ 

لا يمكن الجزم بالنتائج الاقتصادية وبالأرقام في الوقت الحالي لمجموعة من الأسباب أولها أن جميع الدول لديها مخزون متوسط لمدة ثلاثة أشهر، وثانيا لسنا على علم بشكل دقيق بدرجة العقوبات خاصة المصرفية التي ستطبق على روسيا.

اليوم نشهد تصعيدا مزدوجا بين المنتظم الدولي الذي ربما سيشهر ورقة ضغط خطيرة في حظر شامل للنظام المصرفي سويفت وبالمقابل روسيا تهدد باللجوء لحرب نووية. 

نحن في حالة ترقب شديد لكن حتما الانعكاسات ستشل الحركة الاقتصادية وربما تهدد الأمن الغذائي لشعوب المنطقة.

ماذا بشأن عمليات الاستيراد والتصدير، والبورصة وأسعار العملات والنفط؟

يجب الإشارة إلى معطى مهم جدا وهي أن عمليات الاستيراد والتصدير أزمة متواصلة منذ شهر أكتوبر من العام الماضي بسبب أزمة التوريد مما عجل بارتفاع معدلات التضخم في جميع بلدان العالم رغم أن المنطقة المغاربية بنسبة أقل، لكن الحرب الاوكرانية الروسية ستزيد من كب الزيت على النار وسيجعل عملية التصدير والاستيراد في أسوأ الحالات وربما سنعيش خصاصا في جميع المواد مما سيرفع من نسب التضخم لمعدلات مرتفعة، كما أن انعدام الانسجام بين دول المغرب العربي ستجعل وضعيتهم حرجة خاصة في وجود توتر بين المغرب والجزائر الذي جعل هذه الأخيرة بقرارها الأخير بغلق أنبوب الغاز الرابط بين الجزائر وأوروبا يضيع عليها فرصة كبيرة لتصدير الغاز أكثر وحرمت المغرب من الاستفادة من الغاز المغاربي. 

برأيك.. هل ستزيد هذه التأثيرات من حدة الأزمات الاقتصادية في المنطقة؟

الوضعية الحالية باختصار وكما أشرت لذلك سابقا سوف تؤثر على جميع بلدان العالم وكما استعرضت سابقا الآثار ستكون بشكل متباين بين مستفيد أكبر كالجزائر رغم ما ضيعته من فرص وعلى الدول المغاربية الأخرى بشكل سلبي. لكن التكلفة الحقيقية مرتبطة أكثر بالتطورات المرتقبة في ساحة الحرب.

كيف يمكن أن تتعامل دول المنطقة مع هذه التأثيرات؟ 

دول المنطقة في حاجة إلى اعتماد التخزين لأهم المواد خاصة الغذائية، ومدعوة لمراقبة أسواقها من الحاجات ومحاربة الاحتكار والمستفيدين من أزمات الحروب. أهم شيء الآن هو ضمان الأمن الغذائي لشعوب المنطقة.

هل هناك آثار إيجابية لهذه الحرب خاصة فيما يخص امدادات الطاقة للدول الغربية؟

الآثار الإيجابية تم التطرق لها في معرض حديثي لكن مع عتاب للجزائر متعلق بقرارها عدم تجديد اتفاقية أنبوب الغاز مع المغرب ما ضيع عليها فرصة كبيرة جدا في تغطية العجز الحالي لأوروبا من الغاز-مؤسف جدا هذا الوضع-. 

أخيرا.. ما توصياتكم ومقترحاتكم خلال هذه المرحلة؟

هذه أزمة ربما تكون فاتحة لتعاون بين دول المنطقة المغاربية لأن اقتصاداتها متكاملة، والوضع العالمي الجديد يدعونا جميعا لتكون الدول المغاربية متضامنة فيما بينها سياسيا، اجتماعيا واقتصاديا، فالقادم لن يكون سهلا، بل صعب جدا خصوصا ونحن نواجه جميعا أزمة ندرة المياه والأمن الغذائي.