رجح الأمين العام لتحالف الإعلاميين والحقوقيين الأفارقة بكي بن عامر، أن تتعرض المنصات الرقمية الإعلامية المغاربية والعربية إلى صدمات وتأثيرات كبيرة بسبب تداعيات الحرب الروسية / الأوكرانية والتهديدات بهجمات سيبرانية بين روسيا وأمريكا وانعكاساتها على العالم.

وقال بن عامر في حوار مع "بوابة إفريقيا الإخبارية"، إن "فضاء الرقمنة هو إنتاج أمني بالدرجة الأولى، بذلت فيه الدول المنتجة للتكنولوجيا عقودا من التخطيط والتجارب لتجعل السيطرة والهيمنة على العالم في نطاق قرية مجهرية.."، وإلى نص الحوار

- تحول المؤسسات الصحافية العمومية إلى ناطق رسمي للسياسات الداخلية والخارجية لحكام البلدان المغاربية كرّسّ وأسهم في تأجيج التوتر بالمنطقة.

- الصحافة المكتوبة أصبحت آيلة للزوال.

- المنصات الرقمية الإعلامية المغاربية ستتعرض لصدمات بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.

- أغلب منصات الإعلام الرقمي المغاربي لم تكن في مستوى متطلبات شعوبها.

بداية كيف تقيم أوضاع الصحافة في دول المغرب العربي.. وهل تعيش الصحافة المغاربية أزمة في المهنية والحرية الصحافية؟

في البداية أود أن أوضح أن أهم ما يُضعف ويُقلص مساحات التعبير في الصحافة المغاربية يمكن تلخيصها في ستة محاور مترابطة مع بعضها:

١- غياب الديمقراطية وفضاءات التعبير الحر في الدول المغاربية.

٢- القوانين المنظمة للمهنة والتي تقلص أداء الصحافة المغاربية في الوصول إلى المعلومة ولعلّ أبرزها جائحة كورونا والاحتجاجات الاجتماعية.

٣- غياب التغطية الاجتماعية والصحية للصحفيين في أغلب المؤسسات الخاصة.

٤- اعتماد أغلب المؤسسات الصحفية على صحفيين يفتقدون إلى التكوين والتأطير والتوجيه.

٥- لاتزال فضاءات الرقمنة بعيدة جدا عن المستوى المطلوب في ممارسة الصحافة والإعلام.

٦- الملاحقات الأمنية والانتهاكات الحقوقية والأحكام القضائية التي تلاحق الصحفيين والمدونين والحقوقيين قلصت بشكل هام مختلف أشكال التعبير الديمقراطي.

ويضاف إلى كل هذه المشكلات تحول المؤسسات العمومية (الرسمية) إلى ناطق رسمي للسياسات الداخلية والخارجية لحكام البلدان المغاربية وهو ما كرّسّ تعابير التدليس والتضليل وأسهم في تأجيج التوتر الذي أفضى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب وقد لعبت الصحافة في كلا البلدين على تنامي خطاب الكراهية بين شعوب البلدين، وهذا مؤشر خطير على تجاوز المبادئ والقوانين والمواثيق ومواثيق الشرف المهني التي أقرّتها النصوص المصادق عليها أمميًا.

ماذا عن أزمة الصحافة الورقية في ظل سطوة الصحافة الرقمية؟ 

أزمة الصحافة الورقية (المطبوعة) هي ظاهرة عالمية، فأكثر من ٧٠٠ صحيفة ورقية أمريكية أعلنت إفلاسها بسبب الأزمة المالية التي صاحبت جائحة كورونا وحتى قبل الجائحة عرف سوق نشر الصحف تراجعا رهيبا بسبب إفلاس مجمعات صناعية ومؤسسات مالية كانت سببا مباشرا في انسحاب مؤسسات إعلامية.

ومع تزايد مجالات الرقمنة وتكنولوجيا الاتصال حيث صار تدفق الخبر والإعلان عنه كل جزء من ثانية، فإن الصحافة المكتوبة آيلة للزوال. كما أن القاعدة الاقتصادية (العرض والطلب) قلصت بشكل رهيب النشر الورقي ورجحت المنصات الرقمية التي أحدثت ثورة في وسائل الاتصال عبر الموبايل.

ما مدى جاهزية المنطقة المغاربية للمنافسة في الصحافة الرقمية؟

هناك معوقات في ممارسة الإعلام الرقمي، لأن فضاء الرقمنة هو إنتاج أمني بالدرجة الأولى قبل كل شيء، بذلت فيه الدول المنتجة للتكنولوجيا ولوبياتها السياسية والمالية ومراكزها الاستشرافية عقودا من التخطيط والتجارب لتجعل السيطرة والهيمنة على العالم في نطاق قرية مجهرية تنبني عليها السياسات الدولية واستراتيجياتها.

وأتصور أن المنصات الرقمية الإعلامية المغاربية والعربية ستتعرض إلى صدمات وتتأثر بسبب تداعيات الحرب الروسية / الأوكرانية والتهديدات بهجمات سيبرانية بين روسيا وأمريكا وانعكاساتها على العالم.

ماذا عن الأخبار المضللة وتأثيراتها في تأجيج الأزمات بالمنطقة؟

إن أحد أهم أسباب عدم ضبط قوانين الإعلام الرقمي المغاربي، هو تنامي الأخبار والمعلومات المضللة التي أججتها الصراعات في داخل الدول المغاربية أو في ما بين دولها، وأبرز مثال على ذلك تحول منصات إعلامية في المغرب والجزائر وتونس وليبيا إلى مخابر لبث معلومات وأخبار كاذبة هدفها زعزعة الأوضاع في بلدانها أو ما بين شعوبها، والحاصلُ أن الشعوب المغاربية راحت تحت هذا التأثير إلى لعنة الخلافات وسطوة الخصومات والشيطنة والكراهية وضربت عرض الحائط كل مقومات تماسكها عبر التاريخ من جغرافيا ولسان وهوية وروابط مصاهرة...

كما أن أغلب منصات الإعلام الرقمي المغاربي لم تكن في مستوى متطلبات شعوبها التواقة إلى الوحدة والتطور، وقد دفع إلى هذه الأزمة تصلب وموقف الحكام بالمنطقة المغاربية اتجاه الممارسة الإعلامية والحقوقية التي تتميز بالاحتكار والوصايا وتقييد الحريات.