أكد رئيس الاتحاد المغاربي للصحفيين محمد سالم ولد الداه، أن وضع الصحافة في دول المغرب العربي يتفاوت من دولة إلى أخرى حسب المتغيرات التي تعيشها كل دولة.

وأوضح ولد الداه، في حوار مع "بوابة إفريقيا الإخبارية"، أن هناك دور كبير ينبغي أن تلعبه الصحافة المغاربية في التقريب والدفع نحو الوحدة المغاربية اقتصاديا وثقافيا وسياسيا، لافتة إلى أن مقومات الوحدة المغاربية هي مقومات قائمة لكن الوضع في داخل هذه البلدان ربما لا يعجل من الوصول إلى هذا الهدف... وإلى نص الحوار 

- مجال الحريات الصحافية في بلدان المغرب العربي شهد نهضة كبيرة.

- الصحافة المغاربية لم تساهم في حل الأزمات بالشكل المقبول والمنتظر منها.

- يتوجب على الصحافة المغاربية لعب دورها في التقريب والدفع نحو الوحدة المغاربية.

- طموح الشعوب المغاربية يتجه نحو بناء "مغرب الشعوب" وهذا يتطلب دورا إعلاميا.

بداية.. كيف تقيم أوضاع الصحافة في دول المغرب العربي؟

وضع الصحافة في دول المغرب العربي ينطلق من واقع هذه الدول، وطبعا هو تقييم متفاوت من دولة إلى أخرى، فهناك بلدان مغاربية قطعت فيها الصحافة -خاصة الصحافة المستقلة- أشواطا كبيرة، فمثلا في المغرب هناك حركة صحافية قوية حيث يهتم المثقفون والساسة في المغرب بما تنتجه الصحافة المغربية خصوصا في إطار التجاذب السياسي ما بين الأحزاب السياسية والحركات السياسية في المغرب، حيث نلاحظ أن هذه الصحافة تتناول المواضيع السياسية والفكرية إضافة إلى المواضيع الاجتماعية وبالتالي يمكن أن نقول إنها صحافة مازالت تحافظ على نوع من الحضور داخل المشهد السياسي والثقافي والفكري في المغرب خاصة الصحافة الورقية المهددة والتي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الاختفاء، لكن نلاحظ أنها مازالت حاضرة وبشكل قوي في المغرب مثلا. أما في بقية الدول الأخرى فهناك شكل من أشكال الحضور، في موريتانيا مثلا هناك الصحافة المستقلة وهي صحافة تمتاز بأنها تمتلك حرية كبيرة في مجال حرية التعبير، هي صحافة لم تعد تخضع لسيف المصادرة كما كانت في السابق بعد أن تم نقل الوصاية (وصاية المراقبة) من وزارة الداخلية إلى وكالة الجمهورية التي أصبحت تمنح الرخص لممارسة الصحافة في البلاد خاصة الصحافة الورقية، بالإضافة إلى حضور الصحافة السمعية البصرية في موريتانيا منذ تحريرها هي الأخرى.

طبعا الوضع يتفاوت ما بين تونس وليبيا، فليبيا يمكن أن نقول إنها الدولة التي لازالت تحتاج إلى وجود صحافة مستقلة متحررة بعيدا عن التجاذبات الحزبية في المرحلة الراهنة، طبعا سابقا لم تكن هناك صحافة بالمفهوم الديمقراطي، كانت في المرحلة السابقة في فترة النظام السابق كانت هناك صحافة ولكن كان يغلب عليها الطابع الأيدولوجي الفكري الثقافي والأدبي أكثر من الاهتمامات الصحافية الأخرى، في المرحلة الراهنة ظهرت وسائط الاعلام الجديد وبالتالي طغى حضور وسائط الإعلام الجديد مغاربيا على المستوى المغاربي وبالتالي انتفع أيضا المغاربيون في التعاطي وبأشكال متفاوتة مع هذا النمط الشديد من الإعلام الوسائطي وإعلام شبكات التواصل الاجتماعي وما إلى ذلك، وبالتالي ظهر مع هذا الإعلام الإلكتروني حضور قوي للمدونين مما خلق حراكا ويفترض أنه يساهم من حين لأخر في طرح مواضيع كبرى تشكل حالة شد وجذب داخل هذه الساحة المغاربية.

عموما يمكن أن نقول إن هناك نقلة سجلت في المراحل الأخيرة في مجال الحريات الصحافية في دول المغرب العربي، وهناك أيضا حضور قوي للصحافة الوسائطية وبالتالي تأثير قوي يتفاوت من دولة إلى أخرى حسب الكفاءة والقدرة على التعاطي مع هذه الوسائط.

ماذا عن المهنية الصحافية وحرية الصحافة؟

هناك شكل من أشكال الحضور المهني وأن كان هو الآخر يتفاوت من بلد إلى آخر، هناك دول يطغى عليها البعد السياسي في التناول لأن هناك حراك سياسي وأحزاب تتجاذب وبالتالي يغلب الطابع السياسي على الطابع المهني في بعض المواقف وحتى في التناول الإعلامي، لكن في بلدان أخرى يحضر البعد المهني، ولكن يمكن أن نقول إنه خلال السنوات الأخيرة في ظل ما يسمى بـ (ثورات الربيع العربي) هناك حالة من الانتقال من المهنية التي تنتقل من قواعد ممارسة المهنة إلى تجاوزها وبشكل ملاحظ وبالتالي أصبحت الصحافة في الوقت الذي يفترض أن ترتكز على الجانب الإخباري وبشكل حيادي لكن فيما يبدو أنها خلال السنوات الأخيرة أصبح أغلب من يمارس مهنة الصحافة يعبرون عن آرائهم ومواقفهم من خلال تناولهم للخبر وبالتالي هذا يخدش المهنية ويُغلب الجوانب السياسية. 

لكن يمكن أن نقول إن هناك نهضة في مجال الحريات الصحافية في بلدان المغرب العربي وأننا انتقلنا من المراحل السابقة التي كان يغلب عليها طابع المراقبة القوية والتضييق على الكتابات وحتى في بعض الأحيان يكون الصحفي ضحية لتناول بعض التحقيقات والملفات، لكن خلال السنوات الأخيرة قد لاحظنا أن مجال الحرية الصحافية أصبح يتسع أكثر من أي وقت سابق.

من وجهة نظرك.. ما تأثير الصحافة في دول المغرب العربي على الأزمات بين الدول.. هل ساهمت في الحل أم التأزيم؟

حتى الساعة لم تساهم الصحافة المغاربية في حل الأزمات داخل هذه البلدان بالشكل المقبول والمنتظر منها، وأن كان هذا الوضع يتفاوت من بلد إلى أخر، ففي ليبيا لم تستطع الصحافة أن تساهم في ترتيب الأوضاع بشكل إيجابي لاحظنا أن المؤسسات الإعلامية تتبع لفصيل أو لجهة من الجهات وبالتالي نادرا ما تجد مؤسسة إعلامية حيادية من المشهد السياسي الليبي القائم في ليبيا الآن ما أفقد الصحافة دورها في ترتيب الأزمة الليبية. نفس الشيء في تونس حيث نجد أن الصحفيين منقسمين سياسيا وكلا يعبر عن توجهاته السياسية، وبالتالي هذا خلق حالة صدام أكثر من إعطائه دور للصحافة في تونس. في الجزائر وضع الصحافة فيها هو الأخر شهد شهد حالة من التطور أكثر من أي وقت مضى، ولكن بفعل حضور وطغيان شبكات التواصل الاجتماعي لازال الوضع على ما هو عليه لحد الساعة، بينما في بلدان أخرى كالمغرب وموريتانيا نجد أن الصحافة لها حضور في ترتيب الأوضاع السياسية وتساهم في الدفع نحو إيجاد حلولا لبعض الأزمات، ويمكن أن نقول إن المساهمة الصحافية في حل بعض الأزمات تتفاوت من بلد لأخر حسب الوضع السياسي والأمني وما إلى ذلك في هذه البلدان.

هل لنا أن نقول إن الصحافة في المغرب العربي تمر بحالة من القمع أو الأدلجة؟ 

هذا يظهر في بعض البلدان لكن لا يمكن أن نعمم ذلك، ولا يمكن أن نصنفه أيدلوجيا في بلدان المغرب العربي، لكن أيضا هناك صحافة حاضرة ولها تأثير قوي بفعل وسائلها أولا، وبفعل المناخ الذي تعيش فيه والذي تنتمي إليه سياسيا، وهذا واضحا في بعض البلدان المغاربية خاصة في تونس وليبيا مثلا، بينما الصحافة في بقية البلدان في الغالب الأعم هي صحافة لا يطغى عليها البعد الايدلوجي بشكل لافت، ولكن الصحافة يجب أن تبقى صحافة مهنية مستقلة تمارس دورها المعهود منها، ترتكز على الجانب الإخباري أكثر من غيره وتتيح فرصة للرأي الآخر، وهذا ما نتوق إليه في المغرب العربي وإن كانت لازالت هناك عوائق كبيرة تعترض الوصول إلى هذا الهدف.

ما أهمية دور الصحافة في تقريب الشعوب بالمنطقة المغاربية؟

طبعا هناك دور كبير ينبغي أن تلعبه الصحافة المغاربية في التقريب والدفع نحو الوحدة المغاربية اقتصاديا وثقافيا وسياسيا إلى غير ذلك، خاصة في ظل وجود عالم متغير، عالم لا شك أنه سيتجه في مرحلة من المراحل نحو التكتلات، وبالتالي مقومات الوحدة المغاربية هي مقومات قائمة لكن للأسف الوضع في داخل هذه البلدان ربما لا يعجل من الوصول إلى هذا الهدف. 

طموح الشعوب المغاربية تتجه نحو بناء مغرب الشعوب، ولا شك أن هذا يتطلب دورا إعلاميا يقوم به الصحفيون في دول المغرب العربي وهذا ما دفعنا إلى إنشاء الاتحاد المغاربي للصحفيين لتكون هناك حالة من التواصل ما بين الصحفيين في دول المغرب العربي لعلهم من خلال برامجهم وخططهم لقائتهم يساهمون في الدفع نحو هذا الاتجاه.

أخيرا.. ما التوصيات المنقذة لقطاع الصحافة في المنطقة المغاربية؟

من أهم التوصيات في هذا الاتجاه أولا؛ أن نساهم في تدريب وتكوين الصحفيين على مستوى دول المغرب العربي، وأن نساهم في معالجة الإشكالات سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ووضع تصورات بحلول لها، وأيضا المساهم في التخفيف من فتيل الصدامات السياسية في بعض البلدان المغاربية وحتى كذلك نساهم في التعبئة من أجل التقارب السياسي والدفع بالحوار بين القوى السياسية في منطقة المغرب العربي، وتحفيز هذه الدول المغاربية على الاهتمام بالمصالح المشتركة والدفع بها إلى الأمام من أجل أن نستفيد من الثروات داخل هذه المنطقة المغاربية.

كما يجب أن يكون هناك شكل من أشكال التعاون الثنائي بين المنظمات المدنية المغاربية، وطرح المساهمة في تصور حلول للإشكالات الكبرى من ناحية الطروحات الصحافية ومن ناحية تناول المواضيع التي تدفع بأن يلاحظ أن هناك دور يمكن للصحفيين في دول المغرب العربي أن يقوموا به من أجل الوحدة المغاربية ومن أجل التقارب المغاربي، وطبعا الصحافة لها دور كبير جدا خصوصا في عالم متغير متحول أصبحت المعلومة فيه تلعب دورا كبيرا، عالم أصبحت المسافات فيه مختذلة بفعل هذه الوسائط الحديثة.